قصص ملهمةا كيف تواجه العالم بمفهومك الخاص عن النجاح والسعادة؟


أراقب الناس حولي، متجهمين، غير مبتسمين، يرتدون جواكت سوداء، ورمادية، وزرقاء. هؤلاء يخرجون للعمل يوميا. تهرول امرأة ترتدي معطفًا أحمر، تدفعني بقوة، كأنها محمومة تركض إلى الطوارئ، وربما تكون كذلك. كأنه فيلم نهاية العالم، ماذا أفعل هنا؟
بجانبي؛ يقف ثلاثة رجال أعمال، كل منهم يرتدي بدلة رمادية اللون، أحدهما أكثر بدانة، يضع جاكت أسود على ذراعه، ويسعل وهو يرتشف قهوته. أتنهد الصعداء وأتذكر إنني مضطرة لمقابلة وكيل العقارات بعد ظهر اليوم، بينما يسكر مديري مع زملائه من أصحاب المال. تثقل أطرافي كأن جسدي مربوط بأسمنت. سئمت المواعيد المبكرة وتأخر مواعيد الانهاء، تنهمر الدموع في عيني المنهكة، إنه نفس الروتين: من العمل إلى المنزل، ومن المنزل إلى العمل كل يوم، وبالكاد أتعامل مع شيء هلامي يسمى الحياة. حياة لا يظهر فيها الفرح والسلام إلا بشكل متقطع! هل هذه حياة سعيدة؟ بالتأكيد، السعادة أمر مختلف.. أليس كذلك؟
الشك في مفهوم النجاح
بدأت أتساءل عن مفهوم النجاح، كما أطلق عليه المجتمع، فكرت في الأشخاص الناجحين حولي، الأشخاص الذين ساروا على طريق النجاح وحققوه، كان مديري في الرابعة والثلاثين من عمره، وهو مطور عقاري ثري، يقود سيارة بورش بوكستر، يعيش في منزل جميل، في منطقة مرموقة، يرتدي ملابس مصممة خاصة، ويبرز اسمه خارج مبنى شاهق. ومع ذلك، نادرًا ما رأيته يبتسم. يصل المكتب قبل وصولي، ولا يغادر حتى إذا غادرت، باستثناء أيام الجمعة، وعلى الرغم من كرمه، كان غريب الأطوار. طالما سمعت نوبات شتائم حيث يرمي هاتفه عبر الغرفة، في محاولة لتفريغ الضغط اليومي من إدارة شركة متنامية.
بدا لي أن المجتمع علمنا بعض الأكاذيب حول ماهية النجاح. كل هذا السعي والكفاح، من أجل ماذا؟ لم كل ذلك؟ التسرع، والتوتر، والضغط، عدم وجود وقت للأشياء التي تضيف معنى لحياتنا، هل هو هذا تعريف النجاح؟
توقفت وفكرت في معنى النجاح الحقيقي بالنسبة لي.. أريد أن أستيقظ على الجمال، أن أستمتع بوجبة فطور بطيئة مع الرجل الذي أحبه، أقضي وقتًا أطول في الضحك، أُكون علاقات ذات جدوى، أتناول وجبات غداء مطلة على الشاطئ. أريد وقتًا لألاحظ الغيوم؛ لالتقاط غروب الشمس. أرغب في السفر والتعلم من الثقافات الأخرى، ومشاهدة كيف يعيش الناس، استمع إلى قصص حياتهم. أرغب في السفر وتجربة الحياة. هذه كانت أمنياتي، لم أريد أبدًا حياة مليئة بالتوتر والضعف والضغط. كان عليّ أن أجرب شيئًا مختلفًا، أن أجد طريقة للتغيير، وفعلت ذلك في النهاية.
من أين يبدأ التغيير؟
في البداية، لم أكن أعرف من أين أبدأ، لا أعرف هل الحياة التي أريدها ممكنة؟ كان والدي يعمل في جمع القمامة، لقد عشت أيامًا صعبة لكني كنت ممتنة لهذه الأيام ولهذا السبب، أردت الاستفادة القصوى من الفرص التي أتيحت لي. وضعت خطة لتنفيذ ما أنوي، صليت كثيرا ومع دعم زوجي، بدأت رحلتي الخاصة في التغيير.
لا يتطلب الأمر سوى شخص واحد، ولحظة واحدة، لتغيير حياتك. مثلًا وجود إلين باور، وهي معلمة ومدربة رائعة؛ ساعدتني في انهاء عقدي مع الوكالة. ومكنني هذا من استكشاف فرص عمل عن بعد. وأيضًا شخص مثل مايكل نيل وشريكته في العمل، ميشيل، أول من رحبوا بخدماتي عبر الإنترنت -على الرغم من عدم كفاية خبرتي-
هكذا عشت في الجانب الآخر من العالم في أستراليا، في الولايات المتحدة. بدأت عملي عبر الإنترنت، وقد قدمني مايكل وميشيل إلى برناديت دويل، وهي شركة تسويق ناجحة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة. من هناك نمت الأشياء سريعًا. أعمل الآن على مساعدة المستشارين والمدربين في أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتصميم وإعداد ورش العمل التدريبية في التسويق. نمى وتوسع عملي عبر الانترنت لدرجة أن زوجي جون انضم إليِّ، مما جعلني أستمتع أكثر بلحظات سعيدة وهادفة.
خلق حياة يومية ملهمة
بينما أواصل عملي عبر الإنترنت كأخصائي محتوى تسويقي، أركز الآن على مشروع قريب من قلبي Daily Inspired Life وهو عبارة عن مدونة لمشاركة القصص الحقيقية والملهمة من الناس العاديين حول العالم، كلما سافرت أكثر، كلما زاد عدد الأشخاص الذين قابلتهم، وزادت قوة مشاركة القصص.
تساعدنا قصصنا الحقيقية – وليست قصصنا عبر الميديا- على بناء جسور عابرة للأجيال والثقافات والطبقات. تمنح تلك القصص صوتًا لمن لم يُسمع عنه ولم يعرفه أحد، وتساعدنا على فهم بعضنا البعض. القصص الملهمة تجلب لنا الأمل في حياة هادفة وسعيدة ممكنة. لهذا السبب قمت بإنشاء Daily Inspired Life كلنا نريد حياة سعيدة وهادفة.
أنا مقتنعة أن وجود أشخاص يدعموننا ويوجهوننا يُمكننا من فعل أي شيء. يُمكننا من عيش حياة سعيدة وناجحة، وفقًا لتعريفنا الخاص للنجاح، وليس وفقًا لما أخبرنا به المجتمع.
قد تكون الحياة التي أعيشها مختلفة تمامًا عما تبحث عنه لكن هناك شيئًا مشتركًا بين جميع الأشخاص الذين قابلتهم: كلنا نريد حياة سعيدة وهادفة، فكل منا لديه أحلامه الخاصة، وأنت أيضًا لديك حلم خاص بك، أو تعريف للنجاح.. والآن جاوبني ما هي السعادة من وجهة نظرك؟