رجل «هد الجبال» وفاءً لزوجته
في قرية جليور الهندية؛ قد يكلفك الوصول إلى أقرب مستشفى، أو مدرسة، أو مرفق إمداد بالمياه؛ مسافة لا تقل عن 75 كيلو متر صعودًا إلى الجبل ونزولا منه. تسلق داشراث مانجي الجبل كل يوم للعمل في حقول المالك، على الجانب الآخر من الجبل؛ لإطعام أسرته. كانت زوجته تحضر له غداءه في فترة ما بعد الظهيرة متسلقة جانب الجبل، وفي أحد الأيام تأخرت زوجة مانجي وسرعان ما بدأ يغضب، عندما وصلت كانت قد أصيبت بنزيف شديد، حيث سقطت من منحدر الجبل وأصيبت ساقها، ثم أصيبت بمرض خطير وتوفيت قبل أن يصل مانجي إلى مستشفى تبعد مئات الكيلومترات. فماذا فعل؟
تأزم «مانجي» إثر وفاة زوجته، وقرر أن يحول ألمه إلى نقطة أمل. حمل العبء على عاتقه. باع المعزات الثلاثة الخاصة بالعائلة، واشترى لنفسه إزميلًا ومطرقة ليقطع طريقًا عبر الجبل. كل ما أراده هو أن يتمكن شعبه من الوصول إلى المرافق الأساسية بسهولة. ضحك سكان قرية جليور الهندية عليه، وسخروا منه ووصفوه بالجنون، لكن لم يردعه شيء. استمر يكسب أجره اليومي في الصباح ثم يعاود حفر الطريق.
نحت الطريق استمر 22 عاما من النحت دون كلل أو ملل
عمل «مانجي» بكل ما في متناول اليد. أشعل الحطب على الصخرة وألقى الماء عليها حتى تتشقق الصخرة فيسهل تحويل الصخر إلى أنقاض، وببطء وثبات، شق الطريق بالفعل، وبدأ الناس في مساعدته، وقدموا طعامًا لأسرته ليأكلوه وبدأوا في مناداته “بابا”.
تعهد «مانجي» منذ سنوات عديدة بإكمال الطريق الذي بدأ نحته. وفي النهاية تمكن من نحت الجبل بمفرده بطول 360 كيلومترًا وعرض 30 قدمًا، ولم تستفد منه قريته فحسب، بل قصر هذا الطريق المسافة على 60 قرية مجاورة إلى خمس كيلومترات فقط.
أكمل «مانجي» الطريق بعد 22 عامًا من التفاني والعمل الجاد. بعد فترة وجيزة من إتمامه العمل الفذ شبه المستحيل. ذهب لرؤية رئيس وزراء ولاية بيهار آنذاك، نيتيش كومار، لتمهيد الطريق. يقال إن رئيس الوزراء عرض على مانجي منصبه احتراما لعمله. وهي لفتة غير مسبوقة نظرًا إلى الاضطهاد الشديد الذي واجهته طائفة موساهر في الهند، والتي تمزقها الطبقية حتى ذلك الحين.
ما أجمل أن تكون غائبا حاضر
توفي «مانجي» بعد معركة طويلة مع مرض السرطان. لكن ما يبرز حقًا هو معركته ضد الظروف الصعبة وإرادته لتغيير مصير شعبه. حتى اليوم، وبعد وفاته، مازال «مانجي» ملهمًا لسكان قريته والملايين في جميع أنحاء البلاد. هذه رحلة كفاح رجل كرس حياته كلها لكسر جبل؛ وفاءً لموت زوجته التي أحبها بشدة. لم تُشاهد أية قصة مماثلة في أي مكان في تاريخ العالم من خلال القوة المطلقة لعزيمته وتصميمه، حطم الجبل العظيم باسم الحب، ما رأيناه بعد فترة الكفاح الشامل لأكثر من عقدين من الزمن لم يكن أقل من معجزة، المسافة من قريته إلى أقرب مستشفى انخفضت إلى كيلومترات معدودة، لم يكن الوصول إلى المستشفى الآن أمرًا صعبًا، يُذكر أنه أصدرت حكومة الهند طابع بريد باسم Dashrath Manjhi عام 2016.