حكايات الوفاء الكروي.. الإنسان أولًا

تتخطى كرة القدم أحيانًا المنافسة الرياضية، إلى نقاط أكثر إنسانية وعُمقا، وعادة ما تُعبر عن ثقافات الشعوب، تاركة لنا العديد من قصص الوفاء والمشاعر الطيبة التي تدوم أبدًا.
مؤخرًا؛ أعلن نادي مانشيستر يونايتد الإنجليزي ضم لاعب خط الوسط الهولندي فان دي بيك قادما من نادي أياكس، وعلى الرغم من الأهمية الفنية للصفقة، إلا أن لمحة إنسانية نجحت في خطف الأضواء عن القيمة الكروية، حيث أعلن اللاعب صاحب الـ23 عاما اختيار رقم 34 لإرتداءه رفقة “الشياطين الحمر” تكريما لزميله المعتزل جبريًا بسبب المرض، عبدالحق نوري.
وتعود أحداث القصة إلى لقاء ودي عام 2015، لنادي أياكس الهولندي؛ ضد فريدر بريمن الألماني، أصيب اللاعب صاحب الـ 20 عامًا آنذاك، بنوبة قلبية أعقبتها غيبوبة اصطناعية استمرت على مدار 3 سنوات كاملة، ما أسفر عن تلف خطير ودائم في المخ، وعدم القدرة على تحريك العضلات، مع مشاكل في التحدث والرؤية والسمع والشعور، حيث يعيش حاليًا في المركز الطبي الأكاديمي بمستشفى أمستردام.

وعلى الرغم من حالته الميؤوس منها كرويًا وإعلان الأطباء اعتزاله لعب كرة القدم، أصرت إدارة نادي أياكس على إدراجه ضمن قوائم الفريق حتى عام 2018، كنوع من التكريم والدعم النفسي لأحد أبرز المواهب الصاعدة في كرة القدم والتي اضطرته الظروف للاعتزال.
محاولات تكريم “نوري” وتخليد قصته؛ لم تقتصر على نادي أياكس فقط، حيث قرر عدد من اللاعبين ارتداء القميص رقم 34 للتذكير دائمًا بـ”نوري”، من بينهم جاستن كلويفرت، لاعب نادي روما الإيطالي ونجل أسطورة هولندا باتريك كلويفرت، بالإضافة للمدافع الهولندي فيلبي ساندر، لاعب مانشيستر سيتي الإنجليزي، والألماني ذو الأصول العربية أمين يونس، لاعب نابولي الإيطالي، وكيفن ديكس، ظهير أرهاوس الدنماركي، والهولندي جويل فيلتمان، مدافع برايتون الإنجليزي.
إيريك أبيدال:

هل حكاية قصة عبد الحق نوري هي الوحيدة من نوعها في عالم كرة القدم؟ عندما تبرز الجوانب الإنسانية تتنحى المنافسات جانبًا، ففي مارس 2011، أعلن النجم الفرنسي إريك أبيدال، تأكيد إصابته بتورم الكبد، وأعقب ذلك بيان رسمي من نادي برشلونة الإسباني، يؤكد غياب اللاعب لعدة أشهر بسبب إجراء جراحة لاستئصال الورم.
وتصاعدت التكهنات بانتهاء مشوار أبيدال الكروي خاصة وأنه قد وصل لعامه الـ32 وفي ظل سياسة برشلونة بالاعتماد على العناصر الشابة والأداء الكروي السريع، ولكن بعد شهرين تقريبا، ظهر اللاعب الفرنسي مرة أخرى على أرضية الملاعب، ولكن لأداء مهمة أخرى، ولعب دورًا آخر غير الذي اعتاد عليه قبل مرضه.
ارتدى “أبيدال” قميص برشلونة، وتوجه إلى ملعب ويمبلي في لندن لدعم فريقه في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد مانشيستر يونايتد، وسرعان ما حسم بيدرو وميسي وديفيد فيا اللقب لصالح النادي الإسباني، ليتوجه القائد كارلوس بويل صوب منصة التتويج استعدادا لرفع “ذات الأذنين”، ولكن في مشهد إنساني تراجع بويل مُجردًا نفسه من شارة القيادة التي منحها لـ “أبيدال” دعما وتقديرًا له، ليرفع الفرنسي كأس الأبطال.
كما أعلن الأطباء ضرورة خضوع أبيدال لعملية جراحية أخرى لزرع أجزاء من الكبد بعد الاستئصال، فعرض زميله في الفريق داني ألفيش، التبرع بالجزء المطلوب، ولكن رفض إريك الأمر حرصًا على حياة صديقه ومستقبله الكروي، قبل أن يعود مرة أخرى في 2013 وسط تكريم حافل في قلب ملعب “كامب نو”.
دعم مرضى السرطان:
أيضا؛ سطر نادي فياريال الإسباني أحد أفضل المواقف الإنسانية في تاريخ كرة القدم، حيث قرر النادي مساندة أحد مشجعي الفريق الذي يُعاني من مرض السرطان، فتمت دعوة الطفل صاحب الـ 13 عاما للمشاركة مع الفريق الأول خلال لقاء ودي ضد نادي سيلتك الإسكتلندي، وساعده جميع اللاعبين في تسجيل هدف، فضلًا عن تغيير كريستيانو رونالدو، لقصة شعره، بهدف دعم طفل يعاني من السرطان ويخشى إجراء جراحة في المخ حتى لا يتعرض للتنمر بسبب إزالة جزء من شعر رأسه.
كما يتذكر جميع المتابعين لكرة القدم لقطة تسجيل اللاعب الإسباني أندريس إنيستا، هدف فوز منتخب بلاده بأول كأس عالم في تاريخها عام 2010، حيث خلع قميصه لتظهر عبارة “داني خاركي.. ستبقى معنا”، لإحياء ذكرى وفاة صديقي لاعب إسبانيول والذي توفي عام 2009.



