«ماكدونالدز» وإيذاء السود.. هل تعود أمريكا لعصر العنصرية؟
يبدو أن أزمة التمييز العنصري في المجتمع الأمريكي؛ ما توشك على الانتهاء حتى تتجدد مرة أخرى، وتزداد أوضاع السود سوءًا يومًا بعد يوم، فبعد سلسلة من التظاهرات إثر التعامل العنيف للشرطة ضد المواطنين أصحاب البشرة السمراء، وجّه البعضُ اتهامات بالاضطهاد العنصري إلى سلسلة المطاعم الشهيرة “ماكدونالدز”.
أعلنَ حوالي 50 أمريكي من أصحاب البشرة السمراء، دعوى قضائية لدى محكمة إلينوي ضد مطاعم “ماكدونالدز”، بتهمة التمييز العنصري وتعمد إلحاق الضرر بهم.
وقال المحتجون في شكواهم، إن إدارة ماكدونالدز، تتعمد وضع أصحاب تراخيص الامتياز من أصحاب البشرة السمراء في أماكن حُكم عليها بالفشل، حيث تعاني من ضعف المبيعات وارتفاع قيمة تكاليف التشغيل، ما يؤدي غالبا إلى تكبد الخسائر وعرقلة طموحهم في تنمية الأعمال والحصول على تراخيص الامتياز لفروع أخرى.
وأوضح المحتجون، أنه وفقا لأحدى الدراسات الخاصة بأسواق المال والأعمال، فقد بلغت قيمة مبيعات كل فرع من فروع ماكدونالدز التي يملك امتيازها أحد المواطنين “البيض” 2 مليون دولار سنويًا، خلال الفترة من 2011 وحتى 2016، بينما بلغ إجمالي ما حققته فروع أصحاب البشرة السمراء خلال الفترة نفسها 2.7 مليون دولار فقط، الأمر الذي يدل على أن إجمالي ما يحققه المجتمع الأسمر في أمريكا يساوى دخل فرد واحد فقط من “البيض”، ما أدى إلى انخفاض عدد تراخيص الامتياز التي تمنحها سلسلة المطاعم لأصحاب البشرة السمراء إلى النصف!
ولا تعد تلك المرة الأولى التي تواجه فيها سلسلة ماكدونالدز اتهامات بالتمييز العنصري واضطهاد أصحاب البشرة السمراء، ففي يوليو الماضي، نظم عدد من أعضاء حملة Black Lives Matter وأنصارها، وقفة احتجاجية أمام أحد فروع ماكدونالدز في “ميلووكي” للأسباب ذاتها، كما اشتكى أخرون خلال حقبة الرئيس السابق باراك أوباما، من تعمد سلسلة المطاعم إلحاق الضرر بمصالحهم وأعمالهم.
كما لم تقتصر أزمات ماكدونالدز مع أصحاب البشرة السمراء داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط، ففي أبريل الماضي، أثارت لافته عُلقت على مدخل إحدى فروع سلسلة المطاعم العالمية في قوانغتشو بالصين، استياءً بالغًا ومطالب بالاعتذار وفتح تحقيق عن المسؤول عن الواقعة، حيث كُتب على اللافته “إن محل ماكدونالدز في قوانغتشو يبلغ زبائنه أنه من الآن فصاعدًا، لا يُسمح للأشخاص أصحاب البشرة السمراء بدخول المطعم”، ما أعاد للأذهان الممارسات العنصرية قبل ثورة أمريكا ضد العنصرية.
من جانبها أصدرت إدارة ماكدونالدز بيانا للرد على الاتهامات الموجه إليها بتعمد ممارسة تمييزا عنصريًا، حيث أكد المدير العام للمجموعة، كريس كمبجينسكي، أنه أصدر توجيهات للقطاعات المعنية بالتحقيق من كثب وبموضوعية في الأمر.
كما قالت إدارة “ماكدونالدز” في شريط فيديو، إنها تعتزم الدفاع عن نفسها ضد تلك الإدعاءات والممارسات التي تتنافى مع مبادئها، وأن وقائع التحقيقات ستثبت حرص ماكدونالدز على التنوع والتساوي في الفرص بين الجميع، سواء تعلق ذلك بتراخيص الامتياز، أو المورّدين والموظفين.
يُذكر أن أمريكا عانت طويلا من العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء على مدار عقود طويلة، حيث انتشرت العبودية ومُنعوا من تملك الأراضى أو المنازل أو التجارة، كما خُصص لهم مطاعم وأسواق مع حظر تواجدهم في مناطق تجمع “البيض”، قبل أن يشتعل فتيل الحرب الأهلية وتبدأ ثورة الإصلاح وقبول الآخر من قبل الحكومة والمجتمع.