فيس بوك وتويتر وجوجل في مأزق بسبب الإجازات المدفوعة
منحت بعض شركات التكنولوجيا، عددًا من الإجازات المدفوعة الأجر للعاملين الذين يعولون أطفالًا. خاصة في ظل إغلاق المدارس ومراكز رعاية الأطفال، التي فرضتها ظروف جائحة كورونا. لكن الأمر قوبل من زملائهم ممن ليس لديهم أطفالا باستنكار، وباتوا يتساءلون: وماذا عنا؟
جادل موظفو «فيس بوك»، مرارًا وتكرارًا بأن سياسات العمل التي تم وضعها استجابة لـكوفيد 19 “أفادت الآباء بشكل أساسي”. أما في «تويتر»؛ فقد اندلع شجار بعد أن اتهمَ موظف “لا يعول أطفالًا”؛ موظفًا آخر بأنه أخذ إجازة لرعاية طفل؛ بينما لا يقوم بعمله في المنزل.
وعلى الرغم من أن شركة Sales force قدمت للآباء ستة أسابيع إجازة مدفوعة الأجر. إلا أن موظفين لا يعولان أطفالًا اشتكيا من تلك السياسة، ووصفاها بأنها «غير عادلة».
اشتعال الغيرة من العاملين الآباء
يشعر البعض ممن لا يعولون أطفالًا بعدم التقدير. بينما تكافح الشركات لإيجاد أفضل سبل الدعم لموظفيها خلال الوباء، حيث يُطلب منهم تحمل عبء عمل أكبر من زملائهم الآباء. كما يشعر الآباء بالإحباط لأن زملاءهم لا يفهمون صعوبة الموازنة بين العمل ورعاية الأطفال. خاصةً بعد إغلاق المدارس ومراكز الرعاية النهارية وإضافة عبء تعليم أطفالهم في المنزل على عاتقهم.
وعلى الرغم من أن شركات التكنولوجيا من أوائل الشركات التي طالبت موظفيها بالعمل من المنزل في بداية الوباء، وقدمت إجازة إضافية لأن الأطفال سيبقون في المنزل بدلًا من المدارس. إلا أن هذه السياسة ساهمت في عمل فجوة بين العاملين وتلك الشركات. حيث توقع العاملون الأصغر سنًا -ممن ليس لديهم أطفالًا- مزايا أخرى سخية كالمزايا الممنوحة للعاملين الآباء.
جدال واسع بين العاملين بشأن قرارات «فيسبوك»
في مارس، منحت شركة «فيسبوك» إجازة مدفوعة الأجر وصلت إلى 10 أسابيع للعاملين الذين يرعون أطفالًا أُغلقت مدارسهم. وأعطت شركتي Google وMicrosoft إجازة مماثلة لموظفيهم الذين يعولون أطفالًا.
كما صرح مارك زوكربيرج الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» والأب لطفلين، إن الشركة لن تحاسب العاملين عن تأثر الأداء الوظيفي. خاصة في النصف الأول من عام 2020، لوجود “تغيير كبير في حياتنا وعملنا”. كما سيحصل كل موظف في «فيسبوك»، على مبالغ إضافية يتم دفعها عادةً لمن يحققون مستويات عليا من الأداء. ما أثار غضب بعض العاملين الذين ليس لديهم أطفالا وشعروا أن الشركة يجب أن تمنحهم أجرًا أكبر لأنهم يعملون أكثر.
عندما اجتمعت شيريل ساندبرج، مديرة العمليات في «فيسبوك»، بالعاملين عبر الفيديو، في 20 أغسطس الماضي. سألها أكثر من 2000 موظف عما يمكن أن تفعله شركة «فيسبوك» لدعم غير الآباء. لعب السؤال على وتر العديد من العاملين، فكتب أحدهم في التعليقات أنه من “غير العدل ألا يستفيد غير الآباء من نفس سياسة الإجازة الممنوحة للآباء”. وكتب آخر أن إجراءات الإجازة صعبة في العادة إلا أنها “سهلة دومًا” على الآباء. ورد أحد العاملين الآباء بأن السؤال نفسه يعد “ضارًا وغير مقبول”. واستكمل: «من فضلك لا تجعلني أنا والآباء الآخرين على Facebook منفذًا لإحباطك وإرهاقك وغضبك بسبب الصعوبات التي تواجهها بسبب Covid-19».
رفضت السيدة «ساندبيرج» السؤال من الأساس. ورفضت أيضًا الاستماع إلى أن سياسة الإجازة وتقييمات الأداء تعود بالفائدة على الآباء فقط. وأضافت أنه تم منح مكافآت أكبر من المعتاد لجميع العاملين. حيث حصل كل شخص على راتب قدره 1000 دولار لشراء معدات للعمل من المنزل. ثم عقبت: «إن كل شخص لديه تحديات، لكنني أعتقد أن الآباء يواجهون بعض التحديات المختلفة، وهذه التحديات حقيقية للغاية». ومع ذلك استمر الجدال حول نفس الموضوع، ما اضطر مديري Facebook إلى إغلاق المناقشات في المنتديات الداخلية الخاصة بالاجتماعات.
شعور العاملين “غير الآباء” بعدم تقدير احتياجاتهم
من المقرر أن تظل مكاتب تلك الشركات مغلقة حتى أكتوبر. أو على الأقل حتى إعادة تشغيل المدارس عبر الإنترنت في كاليفورنيا. حيث صرحت شركة فيسبوك في أغسطس إن سياسة الإجازة ستظل سارية حتى يونيو 2021. وأن الموظفين الذين أخذوا بالفعل بعض الإجازات المدفوعة هذا العام سيحصلون على 10 أسابيع أخرى العام القادم. ما أثار غضب بعض الموظفين “غير الآباء”، حيث كتب عدد منهم عن معاناتهم في الشعور بالعزلة والعيش بمفردهم وعدم رؤية أي شخص لأسابيع في كل مرة. ولكن تبدو الشركة أقل اهتمامًا باحتياجاتهم -هكذا قالوا.
فيما ردت شركة Facebook أن جميع الموظفين قد يحصلون على إجازة ثلاثة أيام إذا ما شعروا بأية مشكلة صحية، وقد تصل الإجازات المدفوعة إلى 30 يومًا إن كان لديهم فرد في الأسرة مريضًا وبحاجة إلى رعاية. هذا كله بالإضافة إلى تلقي جميع موظفي Facebook عددًا غير محدود من أيام الإجازات المرضية، و21 يومًا كإجازة سنوية، وأضافت ليز بورجوا، المتحدثة باسم «فيسبوك»: «لقد دعمنا جميع موظفينا، وشجعونا على إجراء مناقشات مفتوحة حول التحديات التي يواجهونها».
ومن الجدير بالذكر أن استياء العاملين بتلك الشركات بشأن الإجازات المدفوعة والمزايا الإضافية الممنوحة للآباء كان موجودًا من قبل أزمة كورونا، لكن الظروف الراهنة زادت من حدة التوتر.
شعور بعض العاملين بالظلم بسبب قلة التعاطف
أجرى ZipRecruiter (موقع توظيف)، استطلاعًا في يوليو، على 1700 شخص، حيث صرح معظم الآباء إنه إذا لم تُفتح المدارس طوال هذا الخريف، فستقل تلقائيًا عدد الساعات التي يُمكنهم العمل فيها. كما قالت الأمهات إن ساعات عملهن ستنخفض بنسبة 9%، بينما ستنخفض عند الآباء بنسبة 5%. كما أوضح لازلو بوك الرئيس السابق لشركة Google، والرئيس التنفيذي الحالي لشركة Humu التي تهدف إلى مساعدة الشركات على إدارة العاملين بشكل أكثر فعالية، أن انزعاج البعض من تلك السياسات وشعورهم بأنها غير عادلة، شيء يدل على قلة الصبر والتعاطف وعدم الإحساس بالآخر.
تويتر وسيلز فورس يرفضان التعليق
حصل العاملون في شركةTwitter على إجازة غير محدودة، ودافع العديد من العاملين عن الأب الذي تم استدعاؤه لأخذ إجازة رعاية طفل على مدار اليوم. وعلى الرغم من ذلك استمرت المشاحنات والمناقشات حول الموضوع، مما جعل كل من شركتي تويتر وسيلز فورس ترفضان التعليق.
ماذا يحدث لو استقال الآباء العاملون؟
صرحت إيرين كيلي، الأستاذة في كلية سلون للأعمال التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بأن التوتر بين العاملين الآباء، وزملائهم في العمل ممن ليس لديهم أطفالًا، ينتج عن عدم قيام الشركات بتوضيح أن المنافع التي ستعود على العاملين الآباء من وراء تلك السياسات الإدارية، ستعود أيضًا بالنفع على قوة العمل بأكمله، والسؤال الذي طرحته على الموظفين المحبطين من تلك القرارات: ماذا تعتقد إذا استقال هؤلاء؟