مكتبة الشارع.. ملتقى التواصل الإنساني


مؤخرًا؛ أطلقت الباحثة مي المهدي؛ من خلال صفحتها عبر «فيس بوك»، مبادرة لتبادل الكتب المستعملة تحت عنوان «مكتبة الشارع».
تنهض مبادرات تبادل الكتب المستعملة في أماكن متفرقة من العالم، سواء بجهود تعاونية أو مؤسسية، لتوصيل الكتب التي لم نعد في حاجة إليها إلى من يمكنه الاستفادة منها. ففي بريطانيا منذ أعوام، خصص أهالي بعض الأحياء كابينات التليفونات التي لم تعد مستخدمة بسبب ثورة المحمول والانترنت، لتكون مكتبات عامة في الشوارع تحت لافتة «خذ كتابًا وضع كتابًا آخر».
وفي عدد من جامعات أمريكا وأوروبا يُخصص يوم سنوي ليتبادل فيه الطلاب كتبهم مع زملائهم. ورغم أن مصر تعد من أنشط الدول العربية في مجال بيع الكتب القديمة، خاصة سور الأزبكية والنبي دانيال في الإسكندرية، والتي يقبل عليها وافدون من جنسيات عربية وأجنبية كُثر. إلا أن مبادرات تبادل الكتب في مصر ليست ذائعة الصيت.
مكتبة الشارع

في شارع لطفي حسونة المتفرع من ميدان الجلاء؛ تنهض «مكتبة الشارع»، تعاون العاملون في المحلات الممجاورة على إنشاء المكتبة. حيث أسهم كل فرد بنصيب، وهناك من يقوم بتنظيفها بشكل دوري، غير الذي يُشرف على مراقبتها وحمايتها، و تتولى مي المهدي استلام وتوزيع الكتب. ويُمكن القول أن هذه المبادرة عملٌ تشاركي أو تعاوني بين القاطنين والعاملين في منطقة الدقي.
مستفيدون وملهمون
تهدف «مكتبة الشارع» إلى التغلب على صعوبة الحصول على الكتب الورقية في أوقات الحظر. إضافة إلى توفير بعض الأعباء على الناس لشراء كتب جديدة. أكثر ما هو ملفت في هذه التجربة، حسب مي الهدي، أنه ساهمت في تقوية العلاقات الاجتماعية بين أهل الشارع، وقربت أواصر التواصل الحقيقي على أرض الواقع بين جيران المنطقة الواحدة. وتعزيز إحساس كل فرد أنه جزء من عمل هادف. تقول مي أنه منذ بداية المشروع حتى الآن؛ والمستفيدون من هذه المبادرة يزدادون شيئًا فشيئًا. أكثرهم من الطلبة وكبار السن. وبعضهم من غير المصريين المقيمين في المنطقة، أو دارسي اللغة العربية. بالإضافة الى عمال المحلات والأطفال.
نشأت مبادرة «مكتبة الشارع» متأثرة بالمبادرات الإنسانية التي ظهرت في ظل ظروف الحظر. مثل توزيع الأطعمة والأدوية على المرضى في بيوتهم. وقد تأثرت مي المهدي بتجربتها في تطوير مكتبة «مشاع» للاجئين السوريين في مخيم ريتسونا في اليونان، أثناء تطوعها هناك عام ٢٠١٧م.
يزداد داعمو المكتبة من أفراد مستقلين، محبين للقراءة، من خلال التبرع بكتبهم القديمة أو استبدالها سواء من الجيزة وضواحيها أو من محافظة القاهرة. «ولكنني أتطلع إلى اهتمام أكبر من مؤسسات ثقافية، سواء حكومية أو مستقلة؛ لتزويدنا بالكتب بشكل دوري». هكذا تقول مي المهدي، موضحة أن انتشار التجربة المناطق المختلفة، وخصوصا المحافظات؛ سيساهم في جعلها مبادرة قومية. بل وتزيد مي المهدي: «بل ينبغي أن توجد مكتبة شارع في كل مستشفى ومصلحة حكومية، أو أي مكان آخر ينتظر فيه الناس لفترة من الوقت».
معوقات ومصاعب

«كانت أهم المصاعب هي إيجاد موقع المناسب للمكتبة والذي لا يعترض الطريق او يعرقل المارة. وأيضا حماية المكتبة من السرقة أو التلف». هكذا تقول مي المهدي، وتضيف: «تغلبنا على مشكلة الموقع بالتعاون مع محل أجهزة تبرع لنا بجزء لا يستخدمه بجانب واجهة المحل، تم استخدامه كموقع للمكتبة. وساعدنا ذلك الموقع أيضا بوجوده في منطقة عامرة بالعمال والمارة على حماية المكتبة من أي اعتداء».
تقول مي المهدي: «أبرز معوقات الاستمرار في نظري؛ هو نفاذ الكتب وقلة التبرع والاستبدال. وأعتقد أنها هذه المشكلة سنتخطاها إذا تم الاتفاق والتعاون مع جهة ثقافية كبرى لتوريد الكتب بشكل دوري للمكتبة».
من خلال تجربة مي المهدي في العمل الخدمي وتقديم المساعدات الإنسانية، في مصر وخارجها، تقول: «أثناء عملي على تحقيق مبادرة مكتبة الشارع. لاحظتُ حرص الجميع على العمل التشاركي. وأن هذا الاقبال الكبير، ربما بسبب غياب المساحات العامة، والمشاريع الاجتماعية التي تهيئ المناخ التعاوني بين الأهالي في الأحياء والمناطق المختلفة. الشيء الذي يعزز من شعورهم بالأهمية وقدرتهم على التغيير».