من صحراء فقيرة إلى محمية طبيعية تضم أندر الحيوانات


تهدف حركة إعادة البناء والحفاظ على البيئة، التي قادها الأمريكيون والهولنديون، إلى عودة النظم البيئية إلى حالتها الطبيعية، وإعادة إدخال الحيوانات المحلية. ومن الأمثلة الشهيرة إعادة الذئاب إلى حديقة «يلوستون» في الولايات المتحدة عام 1995. والتي أثرت بشكل كبير على النظام البيئي بأكمله، ما أدى إلى زيادة أعداد القندس وزيادة الغطاء النباتي.
وبدلاً من الذئاب؛ ضمت مزرعة «Knepp» الخنازير والمهور والماشية ذات القرون الطويلة والغزلان الحمراء. إضافة إلى الغزلان البرية، وهي أنواع تشبه الثدييات الكبيرة التي جابت أوروبا في عصور ما قبل التاريخ. كما تمت إزالة الأسوار من المزرعة حتى تتجول الحيوانات وترعى بحرية، وتنشر البذور والمغذيات من خلال روثها وفرائها. ما ساعد على نمو النبات وخلق بيئات جديدة تعج بالحياة البرية.
«لقد تخرجتُ من كلية الزراعة متحمسًا بشكل لا يوصف للزراعة فيها؛ ولكن بحلول أواخر التسعينيات انخفضت ايراداتها وارتفعت تكاليفها». هكذا يقول تشارلي بويل الذي ورث مزرعة «Knepp» عن أجداده عندما بلغ الواحد والعشرين من عمره في عام 1985م. ويستكمل: «كانت أرضًا زراعية فقيرة جدًا، ولم تجلب عائدًا ماليًا مرتفعًا. واجهتُ مشاكل مالية خطيرة، وشعرتُ أنني غير قادر على الاستمرار. خسرتُ أموالًا كبيرة، فأدركتُ أنها بحاجة إلى تغيير جذري».

حولنا الصحراء إلى محمية طبيعية شهيرة
قرر «بوريل» وزوجته إيزابيلا تري، عام 2001، إعادة بناء المزرعة. وأصبحت «Knepp» الآن قصة نجاح مشهورة لمحمية طبيعية، تضم العديد من الحيوانات النادرة، والمناظر الطبيعية الخلابة. الأمر الذي حول مزرعة ريفية إنجليزية إلى محمية طبيعية. تقول «إيزابيلا»: «كنا نعيش في صحراء، الآن يذهل علماء البيئة عندما يرون ما وصلت إليه الحياة هنا».
أدى ذلك إلى خلق ما يسميه بوريل “المناظر الطبيعية الخلابة”. إنه مشهد يتغير باستمرار وهو حجر الأساس في التنوع البيولوجي الذي حدث. تضم المزرعة الآن خمسة أنواع من البومات التي تعيش في المملكة المتحدة و13 من أصل 18 نوعًا من الخفافيش في البلاد. بما في ذلك نوعين نادرين وهما: خفاش «Bechstein’s» النادر، والذي يعيش في الغابات، ويقيم في ثقوب نقار الخشب القديمة أو شقوق الأشجار. وخفاش «Barbastelle» النادر؛ يعيش في الغابات والأعلاف على مساحة واسعة. له مظهر مميز “يشبه الصلصال” بسبب أنفه المقلوب. وفراشات أرجوانية تبني منزلها من نوع خاص من شجر الصفصاف الذي يزدهر في المزرعة.
كما توافدت الطيور النادرة، بما في ذلك الصقور، والعندليب، والسلاحف الطائرة، إلى كنيب. تقول «إيزابيلا»: «كان لدينا 120 ألف زوج من السلاحف الطائرة، لكن هذا الرقم انخفض بنسبة 98٪ وربما لم يتبق لدينا سوى بضعة آلاف، ربما نكون قطعة الأرض الوحيدة في المملكة المتحدة التي ترتفع فيها أعداد السلاحف الطائرة بالفعل، وهذا الصيف، فقس كتاكيت اللقلق الأبيض في كنيف وهي المرة الأولى منذ قرون يولد هذا الطائر في المملكة المتحدة».
تقول «إيزابيلا» إنه ربما فات الأوان لإنقاذ تلك السلحفاة في المملكة المتحدة، لكن نجاحات «Knepp» قد تمنح الأمل للأنواع الأخرى، فهذه المشاريع تُظهر القدرة الفريدة في الحفاظ على الحيوانات من الانقراض.

مصادر جديدة للإيرادات
منذ أن أعادوا بناء المزرعة، غطى «بوريل» وزوجته تكاليفها وبدأت تزيد الإيرادات حيث أصبحت تجذب الزائرين للبقاء في مجموعة من الأكواخ والخيام وبيوت الأشجار المنتشرة حول مروج الزهور البرية، والمظلات المورقة في «Knepp». توفر المزرعة أيضًا ورش عمل لإعادة البناء ودورات التصوير الفوتوغرافي، وجولات المشي المصحوبة بمرشدين، ورحلات السفاري التي تعرّف الزائرين بالحياة البرية المزدحمة وتدر دخلاً إضافيًا. يأمل «بوريل» أن تلهم المزرعة -المدعومة جزئيًا بتمويل حكومي- ملاك الأراضي الآخرين، الذين يفكرون في نهج أكثر استنادًا على الطبيعة.
يتوقع «بوريل» ثورة زراعية قادمة أملًا في وقف استنزاف الموارد الطبيعية، ما فعلاه الزوجان كان بمثابة رحلة اكتشاف لهما هما بتأثير نفسي عميق عليهما. “لقد عرفنا أنه من الجميل استعادة التنوع البيولوجي، لكننا لم نفهم حقًا تأثير ذلك علينا ولا ماذا سنشعر لكننا اكتشفنا كليًا. مؤكدًا: «هناك حركة جديدة تشهدها بريطانيا في هذا الصدد فنحن كمزارعين نجمع سويًا في مجموعات كبيرة، برعاية الحكومة، للتفكير في الطبيعة».