حكايا ناس

نجيب محفوظ: لم أدرك أن الإنجليز يُهزمون إلا في كرة القدم

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on linkedin
Share on telegram
Share on email

هل فكرتَ أنه من الممكن أن تشهد هزيمة إسبانيا من المغرب؟ أو سقوط فرنسا أمام السنغال؟ من الصعب أن تجد تلك الحقائق في تاريخ الحروب العسكرية، لكن في تاريخ كرة القدم كل شيء جائز.

يكشف نجيب محفوظ جانبًا من عشقه الأثير لكرة القدم، والذي بدأ منذ انتقال أسرته إلى العباسية والتحاقه بالمدرسة الابتدائية. وربما كان ذلك قبل أن يكتشف شغف القراءة والكتابة.

لم تزد علاقة نجيب محفوظ في طفولته بكرة القدم عن بعض المشاهدات هنا وهناك دون ممارسة. لكن عند مشاهدته لأحد الفرق المصرية يسحق نظيره الإنجليزي؛ رأى في ذلك حلما يتحقق. يقول «محفوظ»: «اصطحبني أخي مع صديقٍ له لمشاهدة مباراة تجمع بين فريق مصري وآخر إنجليزي. كانت دهشتي كبيرة عندما فاز الفريق المصري. كنت أعتقد حتى هذا الوقت أن الإنجليز لا يُهزمون حتى في الرياضة. رجعت يومها إلى البيت وذهني كله معلق بكرة القدم وبأبطال الفريق المصري الذين هزموا الإنجليز. وخاصة قائد الفريق حسين حجازي نجم مصر ذائع الصيت في ذلك الوقت».

تبدو العلاقة بين كرة القدم والأدب أكثر تعقيدا مما هو ظاهر. فالبعض يراها أفيون الشعوب والبعض الآخر وجد فيها متعة تحقيق أحلام لا تتسع لها الحياة. بات نجيب محفوظ ليلته وذهنه معلق بتلك الكرة القادرة على تحقيق الأحلام والطموحات بعيدة المنال. وفي الصباح طالب والده بشراء كرة بإلحاح شديد، وبدأ في التدرب على اللعب بشكل يومي داخل فناء منزله.

الأديب الهدّاف

تعلم نجيب محفوظ المبادئ الأساسية لكرة القدم في صغره بالمتابعة دون توجيه مباشر. ويقول: «انضممت إلى فريق (التيمبل) في المدرسة الابتدائية، وهو فريق الصغار. وكان يوجد فريق آخر للكبار. كانت الدراسة الابتدائية في ذلك الوقت لا تلتزم بسن محدد للالتحاق بها. فقد تجد أطفالًا في الثامنة أو التاسعة من العمر، وشبابا تجاوزوا العشرين ولهم شوارب كبيرة».

شغل نجيب محفوظ الجناح الأيسر طوال عشر سنوات، حتى استحق لقب هداف فريق “التيمبل” للصغار. رغم أنه لا يجيد التحكم في قدمه اليسرى على حد وصفه: «كان ذلك المركز يحد كثيرا من حركتي، إلا أنني كنت هداف الفريق، ولما انتقلت إلى مدرسة فؤاد الأول الثانوية تغير مركزي، وأصبحت ألعب كقلب دفاع».

البعض توقع للنجيب الصغير أن يحترف كرة القدم، وأن يصبح نجمًا في أحد الأندية الكبرى. لكن سرعان ما مر الطفل بتغيرات مختلفة، أخذته إلى مسارات أخرى: «اندهش زملائي في الجامعة من عدم إقبالي على الالتحاق بفريق كرة القدم، حيث بدأت تنقطع صلتي بها من ناحية الممارسة، ثم المشاهدة، خاصة بعد اعتزال حسين حجازي الملاعب».

ولكن هل استطاع انغماس نجيب محفوظ في نجاحاته الأدبية أن يمزق تماما كل صلة له بكرة القدم؟

«أحيانا أصادفُ في التلفاز مباراة ما، فيأخذني الحنين القديم واندمج في المشاهدة»، هكذا يصف صاحب جائزة نوبل للآداب موضحًا: «عندما تُذاع مباريات كأس العالم؛ قد أتابع مباراة ما بشغف دون أن أعرف الفريقين المتباريين. وفكرتُ ذات مرة أن نجوم كرة القدم أصبحوا الآن أكثر ثراء من نجوم السينما، بينما شهدتُ زمنا كان دخل اللاعبين فيه ضعيفا للغاية».

أدرك نجيب محفوظ مدى براعته في كرة القدم، ولا يعرف سببا لابتعاده عن الساحرة المستديرة سوى أن نداهة الأدب استحوذت على كل كيانه، قائلا: «قد لا يصدق أحد أنني كنت في يوم من الأيام كابتن فريق لكرة القدم، من الابتدائية حتى الثانوية، ربما لو داومت على ممارستها؛ لأصبحت واحدًا من نجومها البارزين».

قد لا يصدق أحد أنني كنت في يوم من الأيام كابتن فريق لكرة القدم، من الابتدائية حتى الثانوية، ربما لو داومت على ممارستها؛ لأصبحت واحدًا من نجومها البارزين

اقرأ أيضاً

وراء كل حجر..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى