ماري فيرجينيا ميريك.. رائدة التطوع في العالم


ماري فيرجينيا ميريك.. القليل منا يعرف هذا الاسم. لكنها واحدة ممن جعلن العالم مكانا أفضل لأكثر من قرن كامل منذ 1884 بعطائها غير المحدود كرائدة مجتمعية تطوعية للأطفال الفقراء.
ولدت «ماري» عام 1866 لعائلة بارزة في واشنطن العاصمة. تضخم عدد سكان المدينة بعد الحرب الأهلية. العديد من الوافدين الجدد، بما في ذلك المحاربين القدامى الجرحى والعبيد المحررين والمهاجرين والأطفال الأيتام، عاشوا في فقر. نام الأطفال حفاة القدمين في المداخل. كما عاش المشردون منهم في الأزقة والشوارع. اتخذ مكتب الصحة خطوات للسيطرة على تفشي الأمراض المعدية، وجمعت الكنائس الأموال للجمعيات الخيرية، لكن لم تكن هناك خدمات إغاثة اجتماعية منظمة حقيقية على أرض الواقع.
إعاقة لم تمنعها من العطاء
ركزت ماري على احتياجات الأطفال الفقراء من الطعام والبطانيات والملابس. أرادت أن تقدم لهم المساعدات فتعلمت الخياطة. بدت مساعدة الآخرين بالنسبة لماري شكل من أشكال الصلاة.
كانت ماري تبلغ من العمر 16 عامًا عندما سقطت من نافذة في الطابق الثاني. أمضت بقية حياتها على كرسي متحرك، في ألم دائم تقريبًا. كيف تحملت ذلك؟ ضاعفت صلاتها، بما في ذلك جهودها لمساعدة الآخرين. في سن مراهقتها، سمعت عن طفل سيولد في يوم عيد الميلاد. طفل لم يكن لدى والدته نقود لشراء البطانيات أو ملابس الأطفال وربما يتم لفه في الصحف بدلاً من ذلك. خيطت ماري مع صديقاتها وصنعا مجموعة من الملابس للمولود. عندما قدموها إلى الأم الفقيرة، شعرت بالارتباك والفرحة. أصبحت ماري أكثر اصرارًا من أي وقت مضى على بذل كل ما في وسعها لإحداث فرق في حياة أولئك الأقل حظًا منها.
عربة حمراء لعبة جعلتها تعطي بقية عمرها
سألت بعدها الابن الصغير لخادمة عائلتها عما يريده في رأس السنة. رد الصبي: أريد عربة حمراء، لكن ليس لدينا أي عيد في منزلنا؛ وليس لدي عمل، لن أملك شيئا! اقترحت ماري: لماذا لا تكتب رسالة إلى المسيح للطفل، وتطلب منه العربة الحمراء. سألها الطفل من هو المسيح للطفل؟ ردت ماري: إنه مانح كل الهدايا الجيدة. بعد بضعة أيام عاد الصبي ومعه عدد قليل من الرسائل من شقيقاته وإخوته وجيرانه في الحي. إجمالاً سبعة عشر رسالة.
استدعت ماري صديقاتها مرة أخرى. بدأت الخطة تتشكل في ذهنها، وقبل أصدقاؤها دورهم فيها. في يوم عيد الميلاد، تلقى جميع الأطفال هداياهم، وهي محاولة بدأت برغبة صبي واحد في الحصول على عربة حمراء. تم التوقيع على الهدايا من المسيح؛ لتُظهر للأطفال كم يحبهم الله. تلك كانت البداية التي جعلتها تمضي بقية حياتها في العطاء.
تأسيس جمعية المسيح للطفل
تم تأسيس جمعية الطفل المسيح رسميًا في عام 1887، عندما بلغت ماري 21 عامًا حكت ماري: عندما نظرت في وجه الطفل، ولا سيما أنه طفل فقير، رأيت وجه المسيح فقط.
بحلول عام 1890 ، كان المجتمع على قدم وساق. استكملت في استقبال الرسائل والتي من ضمنها: ليس لدي دمية، أريد واحدة كبيرة، لأنني مصاب بمرض السل ولا ينام أحد معي. بينما جاءت رسالة آخرى: من فضلك، أريد ثوب نوم. كتب طفل آخر أريد حذاءً. ماري وأصدقاؤها لم يلبوا رغبات عيد الميلاد فحسب، بل صنعوا أغطية ومئات الملابس للأطفال دون سن 12 عامًا.
جعلت من أصدقائها فريق عمل خيري
كانت ماري عبقرية في جمع الناس معًا. أصبح أصدقاؤها جيشًا من العمال، يقومون بالشراء، والتخزين، والتسليم. ودعت المجموعات النسائية الأخرى في واشنطن للانضمام إليهم. بحلول أواخر تسعينيات القرن التاسع عشر، كان عليهم استئجار شاحنات لتوزيع الهدايا والملابس. وبدلاً من انتظار الرسائل والطلبات، كونت “لجنة زائرة” من المتطوعين للذهاب إلى الأزقة لمعرفة الاحتياجات بالضبط.
شعارها: الاحتياجات خلقت لاشباعها
طورت المزيد من البرامج التطوعية للتعامل مع الأطفال فيما يخص النظافة والدروس الخصوصية والتعليم الديني. كما قدمت مساعدات للمساجين ومرضى السل والمهاجرين. أخرجت برنامج الأطفال المرضى من المدينة إلى الريف. أصبح شعار ماري الإرشادي “الاحتياجات خُلقت اشباعها”.
بحلول عام 1915 كان عدد المتطوعين لديها بالآلاف، وانتشرت فروع المجتمع في ست مدن أخرى. تم إنشاء معظمها من قبل شابات التحقت بالكلية في العاصمة ومارسن عملهن التطوعي في جمعية المسيح الطفل معهم من المنزل.
تبرع زوجات الرؤساء اقتداءً بماري
أشرفت ماري فيرجينيا ميريك على جمع التبرعات من منزلها. تبرعت زوجات الرؤساء، من ويليام هنري هاريسون إلى هاري إس ترومان، وكتبوا عنها. دعاها مؤتمر دولي لأطباء الأطفال للتحدث عن صحة الأطفال في مدينتها وألهمها بإنشاء أول مخيم للأطفال المصابين بالسكري في أواخر عشرينيات القرن الماضي. تعتبر ماري رائدة في مجال العمل المجتمعي أو التطوعي.
إلى يومنا هذا يستمر عمل جمعية المسيح للطفل بالكامل من قبل متطوعين، معظمهم من النساء، في 44 مكانًا في جميع أنحاء البلاد. قالت ماري فيرجينيا ميريك: ليس أعظم من أن تفعله لطفل، ومنذ أن كانت طفلة، كرست نفسها لإثبات ذلك.