سوشيال ناس

غرام الفنان بالعزلة.. حكاية مستمرة رغم الكورونا

يحاول الفنان أن يستغل الحجر الصحي بطريقة يستمر معها إبداعه، تحت ضغط جائحة كورونا وأخبار الضحايا والمصابين في العالم. الفنان في حاجة دائمة للتعبير عن مشاعره، خاصة وقت الأزمات. ولكنه دائمًا ما يعاني من عدم توفر الوقت الكافي لذلك.. فهل وفر الحجر الصحي فرصة للإبداع الفني؟

الفن والأمومة

رغم توزع وقتها بين تمريض طفلتها ذات الشهور الأربع، والتعليم المنزلي لطفلها ذي الأربع سنوات، ورعاية زوجها المصاب بفيروس كورونا؛ لا تزال فرانشيسكا ديماتيو تجد وقتًا للابداع.

اشتهرت «ديماتيو» بمنحوتاتها الخزفية المعقدة التي تجمع بين الثقافة والتاريخ، تقضي خمس ساعات يوميًا في الاستوديو الخاص بها في منزلها في هيلزديل، نيويورك. مع وجود زوجها في الحجر الصحي في الاستوديو الخاص به، ينضم إليها كلا الطفلين. تقول «ديماتيو»: «تستحوذ الأمومة والفن على اهتمامي ولقد عقدت العزم على إيجاد طرق لإثرائهما معًا». أبدعت -أثناء حملها لرضيعتها بين ذراعيها- منحوتات وقامت بطلاء البلاط وأكواب وأطباق من البورسلين، كما بدأت العمل في مشروع جديد، حيث تصنع إطارات من مواد مثل Legos والمسامير لبناء شجرة عائلة، ومقبرة مرئية للحيوانات الأليفة. ساهمت تلك الفكرة في التغلب على قلق ديماتيو وخوفها.

أعمال فنية أثناء كورونا
أعمال فنية أثناء كورونا
الفن يربطنا بإنسانيتنا

«لا يمكنك التحكم في القلق على الإطلاق لكن يمكنني السيطرة على العالم عبر رسوماتي». هكذا تقول الفنانة جيس جونسون وتشرع في رسم المزيد من الشخصيات والحيوانات لمحاولة تهدئة ذهنها.

«كل ما كنت أرغب فيه هو المزيد من الوقت للرسم، والآن لدي كل الوقت». عندما تم إلغاء أو تأجيل جميع المعارض والمشاريع الفنية القادمة، بسبب ظروف الحجر الصحي الإجباري التي فرضتها جائحة كورونا، انتهزت «جونسون» هذه الفرصة للتفكير في سبب غرامها بالفن.

تقول «جونسون»: «العديد من الفنانين، بمن فيهم أنا، ينتجون أعمالًا فنية وينتظرون نتيجة لمجهودهم، كمعرض أو خطوة مهنية. وقد يؤدي إلغاء تلك التوقعات إلى تحريرنا أكثر، لإنتاج فن يربطنا بإنسانيتنا، على عكس “الفنانين المحترفين” الذين يعملون من أجل التجارة بالفن».

وفي نفس السياق عندما سمع الفنان والرسام كواي كوين وولف أن سكان نيويورك عليهم البقاء في المنزل؛ ذهب إلى الاستوديو الخاص به في «هارلم» وجمع بعض المواد وقصاصات الجلد الناعم، ومقص صناعي، وإبرة خياطة، وبعد أسبوع من الحجر بدأ العمل على منحوتة للتعبير عن مشاعره.

قال «وولف»: «بدأت أعبر عن أفكاري عن فناء العالم والبشر». اكتشف في متجر الأدوات كابلات من الفولاذ المقاوم للصدأ، وصفائح فولاذية، وأنابيب معدنية كهربائية، قام بلفها جزئيًا في قصاصات جلدية مخيطة يدويًا. كل هذا جمعه على شكل جسم: تنحني الأنابيب في صف أنيق، مثل عظام السمك؛ الأقمشة البنية تتشبث بالمعدن مثل الجيف. بالاستناد إلى الصفائح الفولاذية الصارخة.

ويواصل «وولف» الإنتاج بدافع الضرورة. حيثُ أنهى مؤخرًا قطعة أخرى، تتعلق بجماجم أرنب مدسوسة. قال: «أجد إنني أكثر نشاطًا في الاستوديو عندما يزداد قلقي، وعند الانتهاء من العمل أشعر بأنني أخف وزنا».

العزف أثناء كورونا
العزف أثناء كورونا
سعادة العزف وحيدًا

«عندما أعزف الموسيقى، أنسى الفيروس». هكذا يعبر الفنان ميتسوكو أوشيدا، عازف البيانو، موضحًا إنه سيستمر في تقديم تنويعات بيتهوفن «Diabelli»، وإعداد برامج للمواسم التالية: موتسارت، كورتاج، وشومان. ويقول «أوشيدا»: «أنا سعيد تمامًا لمجرد العزف بمفردي. يحتاج معظم الناس إلى الجمهور. أما أنا سعيد جدا بدونه».

العزلة توفر الوقت، تقول المغنية جوليا بولوك: «لقد بدأت للتو في قراءة أعمال إثيل سميث -الكاتبة والملحنة المعروفة- والتفكير في عمل برامج حولها وحول فيرجينيا وولف مع عازفة البيانو أليس سارا أوت، أعزف مع زوجي كريستيان ريف، إنه لشرف لي أن يكون لديّ بيانو في المنزل وشخص يحب تأليف الموسيقى، لذلك من الجيد جدًا الاستمتاع بالوقت دون ضغوط».

أما الملحن فيليب جلاس، سيعمل على أمسية للأوبرا والمسرح والسيرك، لا ترتبط كثيرًا بما يحدث في نيويورك الآن، ويقول: «سأبقى في المنزل وأؤلف الموسيقى ولن أفعل أي شيء آخر».

الكتابة أثناء الكورونا
الكتابة أثناء الكورونا
وقتٌ مستقطع للكتابة

تقول الكاتبة “جين إي”، إن واحدة من أكبر مشكلات الكتابة هي عدم وجود وقت كافٍ مطلقًا. موضحة: «لقد منحنّي الحجر المنزلي نعمة الوقت، كنت أكتب كل يوم بدلًا من ثلات مرات أسبوعيًا بالكاد. تعلمت المزيد عن الحرفة ووجدت مجموعة كتابة رائعة على الانستجرام تلتقي عبر الإنترنت يوميًا. ها هي حياتي الجديدة حتى أعود لعملي في أكتوبر».

أما الكاتب «راي بي» فيحكي أنه ككاتب رحلات، لأكثر من عقدين، صار من الصعب العثور على عمل في ظل وضع الاغلاق المفروض على العالم، لكنه وجه وقته وطاقتي إلى الكتابة. يقول «راي بي»: «أصدرت كتابًا إرشاديًا في الكاتبة في مايو، عبارة عن مجموعة من النصائح والحيل والأفكار لتحويل “الكتابة” الغامضة إلى مهنة فعلية حتى أعود إلى السفر مرة أخرى».

أما «أماندا» فتقول: «عندما وصلنا أنا وزوجي إلى أسبانيا لقضاء إجازتنا فوجئنا بإغلاق الحانات والمطاعم في اليوم الثاني وحُبسنا في الشقة، كنا معرضان للخطر، لكني استغليت وقتي لإعادة كتابة كتبي، التي لم أحقق نجاحًا فيها على الإطلاق. فبسبب إصابتي بشلل الأطفال في طفولتي، وجدت صعوبة بالغة في وضع القلم على الورق. ساعدتني البرامج عبر الإنترنت، تعلمت الكثير، وبدلاً من البكاء بسبب عدم نجاحي، قمت بإعادة الكتابة والتحسين وأفكر في إعادة النشر».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى