حكايات التعب والشقاء 2│الولع الجنسي
لم أكن أنوي التطرق لعرض هذا الاضطراب من كتاب «حكايات التعب والشقاء» للدكتور نبيل القط. لأن كل تفصيلة به تعد في غاية الأهمية والحساسية. كما أنني لم أرد أن أمر مرورا عابرا على حكاية الشقاء الجنسي؛ لأن هذا الفصل يحتاج إلى قراءة متأنية. ليفهم الإنسان ذاته؛ ومن ثم يفهم الآخر.
لكن انتشار صور لاعب كمال الأجسام الكازاخستاني بوري تولوشكو بزواجه من خطيبته ”الدمية“ مارجو؛ جعلني أفر إلى الكتاب لقراءة فصل “الولع الجنسي” بدقة، لعلني أجد إجابة شافية ووافية على هذا الفعل المريب!
اضطرابات جنسية شهيرة
قبل الحديث عن “الولع الجنسي”، ورد في فصل الاضطرابات الجنسية في كتاب «حكايات التعب والشقاء» للدكتور نبيل القط ثلاثة إضرابات جنسية شهيرة. وهي: اضطرابات “الوظيفة الجنسية”، والتي تصيب الجنسين في العلاقة الجنسية الطبيعية بين الرجل والمرأة. و“اضطراب الجندر”، ويصل ذروته في مرحلة المراهقة حين يشعر الصبي أو الفتاة بصراع بين جنسه البيولوجي؛ وجنسه الذي يشعر أنه ينتمي إليه!
واختتم الدكتور القط هذا الفصل بالحديث باستفاضة عن «اضطراب الولع الجنسي». ولعل بوري تولوشكو لاعب كمال الأجسام مصاب بالتأكيد بهذا الولع.
ضبط الاندفاع
جاءت صور حفل زفاف لاعب كمال الأجسام واقعية بشكل لا يصدق. وتفاعل الأصدقاء بطريقة أكثر ريبة مع هذا الفعل. ولعل الدمية مارجو لو كانت أنثى حقيقية لكان حفلا في غاية الرومانسية والجمال. لكن ما يبدو جليا أيضا هو تقبل ثقافات أخرى للاضطرابات الجنسية على أنها أمر عادي.
“الولع الجنسي” هو إطار عام يدخل في دائرته ثمانية اضطرابات شهيرة. وهي: التلصص؛ وهو اضطراب يحدث على هيئة استثارات جنسية بسبب التلصص علي شخص غير منتبه، ويكون هذا الشخص عارٍ أو منخرط في ممارسة جنسية. وهناك اضطراب ممارسة الجنس مع الأطفال والحيوانات. و الاستعراء أي إظهار عضو تناسلي أمام الناس فجأة. وأخيرا اضطرابات المازوخية والسادية والاحتكاك والفيتشية.
اقرأ أيضًا: حكايات التعب والشقاء 1│اضطراب الصدمة
كل هذه الأمور كانت تعتبر في الماضي أمورا عادية. ولم تدخل في دائرة الاضطرابات النفسية حتى عصرنا الحديث. ومع تطور القوانين التي تجرم هذه الأفعال؛ ظهرت الحاجة إلى تدخل طبي يساعد هؤلاء الأشخاص.
يقول الدكتور نيبل القط في كتابه إنه لا يوجد تفسير واضح لهذه الاضطرابات. ولكن يربطها البعض بأمراض الجهاز العصبي المركزي الذي قد يؤثر علي القدرة علي السيطرة علي الاندفاعية. كما ارتبطت بعض الحالات بأنواع من الصرع الصدغي وبأنواع أخرى من الاضطرابات الشخصية مثل اضطراب الشخصية العدوانية.
وتذهب التفسيرات ايضا الي تعرض الأم لعلاج هرموني أثناء الحمل. لكن التفسيرات النفسية تشير إلى ضرورة أخذ الخبرات الجنسية أثناء الطفولة في عين الاعتبار أو عدم توافر شركاء جنسين في مراحل عمرية مختلفة.
خليط من اضطرابات الولع
كنت اتصفح صور الزفاف المريب حتى توقفت لوهلة أمام صورة بعينها، قربت الصورة على اللقطة التي يضع فيها لاعب كمال الأجسام خاتم الزفاف في يد الدمية وهي الصورة الموجودة في المقال. انظروا بتأن على يدها! في الحقيقة لقد صدمت حين رأيت تراجعا في جلد يد الدمية أماكن أصابع اللاعب.. بدت حقيقية بشكل لا يصدق.
قرأت بعد ذلك عن صناعة هذه الدمية، وأنها تصمم وفق معايير العميل، وأنهم لا يهتمون بالشكل كثيرا قدر اهتمامهم بوظائف الروبوت. مهما اختلفت الوظائف فالواقع المستور خلف مضاجعة السيليكون أن الانسان يسعى لتحقيق السادية في أبهى صورها. أو ممارسة الاستعباد دون أن يقوى السيليكون على الرفض أو المقاضاة!
يبدو أن لاعب كمال الأجسام صاحبنا يعاني من كل الاضطرابات السابقة ممزوجة معا. فما المانع من وجود شريك نمارس معه كل الجنون؟ الضرب والسب وكل الأوضاع المريبة والفيتشية. ولكي نفعل كل هذا دون إيذاء حقيقي لبشر؛ خرجت علينا الشركات بفكرة تحتضن جنون البشر ونزواتهم. فمعاشرة الدمى لا تعتبر جريمة في نظر الكثير من القوانين.
أتذكر ما حدث في باريس قبل عامين حين قرر مجلس باريس–وهو الهيئة المسؤولة عن إدارة العاصمة الفرنسية– رفض دعوى بإغلاق مركز تجاري للدمى الجنسية يتيح لزبائنه قضاء ساعة مع دمية جنسية!
أيما كان صاحبنا تولوشكو، فيبدو أن حفنة الأصدقاء حوله في الزفاف كانوا هم الدمي الحقيقية، ولم يمدوا له يد العون في أخذ خطوة العلاج بدلا من تركه يعاشر السيليكون ويحادث الجماد وينتظر حدوث معجزة الإنجاب. أضحكُ الآن على خاطري، فربما نسمع بعد سنوات عن إنجاب الدمي من البشر!
