ترينداد.. أرضُ «الذين كانوا يملكون»

تقع مدينة «ترينداد» على الساحل الجنوبي الأوسط لكوبا. وإذا أردت دخولها فعليك أولا بالرسو في في مدينة “سيين فويجوس”. أحد أفضل المرافئ الطبيعية في كوبا. وخلال مرورك في «ترينداد» سترى الطبيعة الساحرة، وحقول التبغ وقصب السكر، كما تحيط بها الجبال من كلا الجانبين.
وتعتبر مدينة «ترينداد» الكوبية مثالًا للمدن التي أرهقها الاستعمار على مر تاريخ طويل.، بسبب وفرة ثرواتها الطبيعية. ولكن تميزها بطبيعة خلابة جعلها مركزًا للاقتصاد في كوبا، بل في أمريكا الجنوبية، من خلال ازدهار زراعة قصب السكر بها. وشهرتها كموقع سياحي.
أنشئت مدينة «ترينداد» عام 1514، على على قم شاهقة بجوار نهر «أريماو»، ما يسمح بمراقبة بحر الكاريبي. وتحيط بالمدينة أعداد ليست قليلة من مناجم الذهب، ولذلك يعملُ غالبية أهلها في التعدين.
الشرايين المفتوحة لـ «ترانداد»
في القرن الـ 17 ازدهرت رعاية المواشي في «ترينداد». ومع حلول القرن الـ 18 أصبحت مادة “التبغ” هي العنصر الأساسي للنشاط الاقتصادي في المدينة. وفي الوقت نفسه تمكن سكانها من توفير منافذ بيع للتبغ والجلود والأسماك المملحة وكذلك المواشي الحية التي تنتجها المدينة. وبالتالي أصبح سكانها يملكون رأس المال، وذلك قبل أن يبدأ زحف صناعة السكر بالمدينة، التي أصبحت مع حلول سنة واحدة هي المصدر الأساسي لثروة المنطقة.
وبالفعل انعكس ذلك الازدهار الاقتصادي على منازل المدينة وشوارعها، حيث كون سكانها ثروة كبيرة. وأخذت الأبنية الاستعمارية ببواباتها وأسقفها العالية في الانتشار، بما يوجد بداخلها من ثريات مزينة بالبللور وهياكل وتماثيل من المرمر وسجاجيد فارسية خلابة.
ترجع أغلبية مباني «ترينداد» التاريخية التي توجد بها إلى أكثر مراحلها ثراء. وذلك في الفترة بين أواخر القرن الثامن عشر حتى أواخر القرن التاسع عشر.
من ناحية اخرى كانت «ترينداد» وكذلك كوبا كلها تخسر، كما أشار إدواردو جاليانو في كتابه الشهير «الشرايين المفتوحة لأمريكا اللاتينية». فإنه بسبب معامل التكرير تلك؛ أخذت خيرات كل شيء من الرجال وحتى الأراضي.
عُرفت «ترينداد» بمدينة «الذين كانوا يملكون». حيث استمرت خلال القرنين 19 و20 كمصدر اقتصادي أساسي لقصب السكر. كما تم تصنيف المدينة منذ عام 1988 كواحدة من بين مواقع التراث العالمي لليونسكو.
في عام 2014 احتفل سكان المدينة بمرور 500 عام على تأسيسها. رغم أن المدينة لم تكن تعافَت بشكل كليّ من إنهاك صناعة السكر بعد. ولكنها في الوقت نفسه تمنح كل تركيزها على النشاط السياحي، بسبب الطبيعة الساحرة والفريدة. حيثُ الشعاب المرجانية في بحارها، والشلالات والأنهار والجبال من حولها.
تحولت أغلب قصورها ومصانع السكر التي توجد بها إلى متاحف ومزارات سياحية. وكان من اللافت للانتباه أنه مازالت توجد في الشوارع حتى الآن سيارات تعود إلى حقبة الخمسينيات.