حكايا ناس

قصص ملهمة│عداءة الشريط الوردي تروي كيف قهرت السرطان

لم أتمكن من السير لمسافة كاملة حول البحيرة منذ شهرين.. كنت قد انتهيت للتو من علاج المرحلة الثالثة من سرطان الثدي. أغمضت عينيّ ورفعت وجهي نحو الشمس، وسمحت للدفء أن يتسلل إلى خدي. تنفست بعمق، أنعشتُ رئتي بهواء ربيعي نقي. وشعرتُ أنني على قيد الحياة.

سرنا أنا وزوجي في ممر فوق بحيرة هادئة، كان ملاذًا لعشاق الهواء الطلق في وسط المدينة. استغرقنا ساعة من المشي. خلالها؛ بدأ جسدي ينهار، وعقلي صار ضبابيًا. كنت سأضيع بسهولة إذا لم يكن زوجي معي. لقد كنت أكافح منذ أكثر من عام لإجراء عمليتين جراحيتين لاستئصال الثدي، وعدة جولات من العلاج الكيميائي، وثلاثة أشهر من العلاج الإشعاعي اليومي.

تم اكتشاف السرطان في وقت مبكر؛ قبل أن يدمر جسدي. لكن العلاج جعل قوتي تضعف وطاقتي تنهار، خاصة أن وزني ازداد بشكل مفاجئ بمقدار 100 رطل. لقد سئمت من التعب وكنت بحاجة لتغيير حياتي.

سمع زوجي أنفاسي تلهث، فسألني إذا كنت بخير. فتحت عينيّ ونظرت إلى تعبير القلق على وجهه وابتسمت. بينما كنت أنظر إليه، رأيت امرأتين تجريان. ركزت على تحركاتهن. راقبتُ باهتمام عندما اصطدمت أقدامهن بالرصيف في حركات متسارعة. خمنت أنهن بالقرب من عمري؛ أي في أواخر الأربعينيات من العمر. ترتديان ملابس رياضية باللون الأسود والوردي والأخضر، ابتسمتا وضحكتا وهن يركضان، بدت السعادة عليهن.

ركض رغم السرطان
ركض رغم السرطان
الركض رغم السرطان

فكرت هل يمكنني الركض مثلهن؟ يبدو أن الأمر ممتع، لكن المشي أسهل بالنسبة لي الآن. فلم يرفع معدل دقات قلبي. تذكرت كلام طبيب الأورام الخاص بي أنني بحاجة إلى تمارين القلب ولم يعد المشي كافيًا. لقد فكرت في ذلك، عندما تجلت صورة هاتين المرأتين بوضوح في ذهني، حيث أنهينا أنا وزوجي مسيرتنا حول البحيرة.

في الأيام التالية لم أتوقف عن التفكير في الجري. اعتقد زوجي أنها فكرة جيدة. لكن كانت لدي شكوك، وبتشجيع من زوجي، تخلصت منها، وسجلت في فصل لتعلم الجري. بعد شهر واحد من آخر جرعة من الإشعاع، ارتديت شورت وقميصًا ورديًا وحذاءً للجري وتوجهت لحضور أول فصل دراسي.

في اليوم الأول، تعين علينا الجري لفترات متقطعة دقيقة واحدة، يليها المشي لمدة دقيقتين. وجب تكرار هذا سبع مرات لمدة 21 دقيقة. بدا ذلك سهلا بما فيه الكفاية. كنت متشوقة للمزيد وسرعان ما تحول حماسي إلى فزع وذعر وإحراج. دارت قدمي سريعا ثم ارتطمت بالأرض بشكل غير طبيعي، كانت حركة غريبة على ساقي وجسدي. لم يكن هذا مثل المشي على الإطلاق. بعد حوالي 30 ثانية من الجري، لم أستطع التنفس. عانيت من أجل الحصول على ما يكفي من الهواء، كان قلبي ينبض بصوت عالٍ، بإمكاني سماع النبضات في أذني، تطاير العرق على جبهتي وتحت ذراعي، مما جعلني أشعر بعدم الارتياح. كيف يمكن أن يكون هذا صحيًا؟ أتساءل.. شعرتُ وكأنني أتعرض لأزمة قلبية. احتل الشك رأسي، وشعرت بالسخافة لكوني هناك.

عداءة الشريط الوردي
عداءة الشريط الوردي
بدأت الجري كأبطأ عداءة في المجموعة

لا أعرف تمامًا لماذا عُدت إلى الفصل الثاني، كانت المرة الأولى محرجة بالنسبة لي. عانيتُ وتساءلتُ عما إذا كنتُ سأفقدُ الوعيَ أو سأضطرُّ إلى الرجوع. لكنني لم أفعل، ربما كنت مجرد عنيدة؟ أميل إلى إنهاء ما بدأته، ذهبت إلى كل واحد من تلك الفصول الدراسية. ثابرت وتقدمت، ومضيتُ في التسكع في الجزء الخلفي من المجموعة، كنت أبطأ عداءة في المجموعة.

بعد 12 أسبوعًا من دروس الجري؛ أجريت أول حملة لجمع التبرعات لمسافة 5 كيلومترات لأبحاث سرطان الثدي. عبرتُ خط النهاية، مرتدية اللون الوردي، والدموع تنهمر على وجهي، كانت دموع الفرح جراء الاحتفال.. لقد فعلتها!  لقد نجوت من السرطان وركضت 5 كيلومترات فقط! لقد وجدت قوة داخلية ومثابرة لم أكن أعرف أنني أمتلكها حتى تلك اللحظة عندما عبرت خط النهاية. كان الجري رمزًا لمعركتي مع السرطان، وكنت أفوز.

نصف مارثوان

لكنني لم أتوقف عند 5 كم، أثار هذا شيئًا بداخلي؛ شغفًا للتغلب على المصاعب الجسدية. اشتهيت المزيد. كنت أستعيد السيطرة على جسدي وحياتي بعد السرطان. كنت أخبر جسدي بما يجب أن أفعله. رفضت أن أترك جسدي، والسرطان الذي أعاني منه، كنت أستعيد حياتي وصحتي. جريت عدة سباقات 5 كيلومترات قبل أن أتقدم في سباق 10 كيلومترات، ثم سباق 10 أميال. انتقلت إلى الجري “نصف ماراثون”، 13.1 ميل. بعد خسارة 90 رطلاً، كان لدي طاقة ويمكنني التفكير بوضوح مرة أخرى.

بعد أكثر من 15 “ماراثون نصفي”، قررت أنني بحاجة إلى معالجة شيء أكبر بكثير. قررت أن أجري ماراثون كامل. بدا لي أن الجري لمسافة 26.2 ميلاً مستحيلاً. لم أفكر أبدا في نفسي رياضية. لقد حاربت السمنة طوال حياتي. لكنني أيضًا لم أعتقد مطلقًا أنني سأركض لمسافة 3 أميال أيضًا. وفعلت ذلك مرارًا وتكرارًا. لذلك، في الذكرى الخامسة لنجاتي من مرض السرطان، قررت أنني سأخبر جسدي أنني سأجري الماراثون كاملًا.

ماراثون رغم السرطان
ماراثون رغم السرطان
أول ماراثون كامل

تدربت لمدة 20 أسبوعا. استهلك الجري أيام وأسابيع وشهور الصيف. وفي 6 أكتوبر 2019، بعد 5 سنوات من أول سباق لي، عبرتُ خط نهاية الماراثون، مسافة 3 أميال، مرتدية اللون الوردي والدموع تنهمر على وجهي، دفعت جسدي إلى ما هو أبعد مما اعتقدت أنه ممكن، لقد فعلتها وركضت أول ماراثون لي.

أعتقد أن الطريق إلى شفاء أجسادنا وعقلنا وروحنا يأتي من النشاط وتناول الأطعمة المغذية. الآن، أريد مساعدة الآخرين على اكتشاف إمكاناتهم لحياة صحية. لقد عدت إلى الفصول لأصبح مدربة صحية معتمدة ومتخصصة في مساعدة الأشخاص المصابين بالسرطان، من الممكن أن تكون سعيدًا وسليمًا بعد السرطان.

أسست باتريشيا موقع «Pink Ribbon Runner» لتمكين الأشخاص من تغيير حياتهم، وكذلك مشاركة تجربتها في قهر السرطان، واكتشاف طاقاتها الداخلية، عبر صفحة «الحياة الصحية الخاصة بالناجين من السرطان» عبر Facebook.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى