حكايا ناس

سارة عصام.. أول مصرية تحترف كرة القدم في إنجلترا

تصدرت لاعبة كرة القدم سارة عصام عناوين الصحف عام 2017. وصارت أول مصرية وعربية تلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات. وخلال زيارتها الأخيرة إلى مصر؛ حظيت سارة البالغة من العمر 21 عامًا باحتفاء جماهيري كبير. وعن احترافها لعبة عُرفت بـ «لعبة الرجال»، وعن مسيرتها الكروية إلى انجلترا؛ تتحدث سارة عصام كأول مصرية تحترف كرة القدم في أوروبا.

التحدي والاختيار

لعبتْ كرة القدم مع أخيها منذ صغرها. كانت الفتاة الوحيدة بين مجموعة من الأولاد يشاركون في ألعاب الركل. أحبت كرة القدم على الرغم من إجادتها كرة السلة، لكنها أحبت التحدي ولم تتردد في اختيار كرة القدم على جميع الرياضات الأخرى . اكتسبت بمرور الوقت المزيد من المهارات التنافسية مع الأولاد؛ حتى أصبحت أفضل منهم. تقول سارة: «لقد كان شعورًا جميلًا أن أحصل على اعتراف الأولاد بقدراتي الكروية، خاصة في مجتمع لطالما اعتبر كرة القدم “لعبة الأولاد”. قاومت عائلتي الفكرة في البداية. حيث اعتقدوا أن كرة القدم لن تكون البيئة المناسبة لي».

واصلت سارة طريقها الصعب، ونجحت في الانضمام إلى نادي وادي دجلة، وسرعان ما تمت ترقيتها إلى الفريق الأول. ثم تلقت مكالمة هاتفية من المنتخب المصري، الذي كان يستعد لكأس الأمم الأفريقية 2016 CAF. كان خبرًا مبهجًا، لم تتوقعه سارة آنذاك، لكن الأمور لا تسير دوما كما نشتهي. تقول سارة: «كنت أستيقظ في الخامسة صباحًا لبدء التدريب حتى أكون مستعدة بدنيًا وفنيًا للبطولة. لكنني شعرت بالصدمة عندما تم إقصائي من القائمة النهائية للبطولة».

التكيف سر نجاحها في انجلترا
التكيف سر نجاحها في انجلترا

خطوات سارة عصام الأولى

لم تستسلم سارة.. حدثها إلهام داخلي أن جهودها ستؤتي ثمارها في النهاية. وبعد عامين؛ حزمت حقائبها وقررت مرافقة أختها إلى إنجلترا للبحث عن فرصة مع الأندية الإنجليزية. تضيف سارة عصام: «طرقتُ على كل باب وانتهى بي الأمر بإجراء تجارب مع العديد من الأندية. حتى وقعت أخيرًا في ستوك سيتي في عام 2017 في أفضل لحظة في مسيرتي. كنت سعيدة جدًا بالوصول إلى نادي يمكنني فيه إظهار مهاراتي».

سارة عصام: نعمل بجدية لنظهر قدراتنا في المباريات

على الرغم من الاختلافات الهائلة بين الحياة في مصر وإنجلترا، عرفت سارة عصام أن التكيف مع محيطها الجديد سيكون شرطًا أساسيًا للنجاح .”كنت أعلم أن الأمر سيكون صعبًا، لكنني كنت متحمسة نفسيًا وذهنيًا لهذا التحول الكبير. أعترف أن هذا التكيف السريع لم يكن ممكنًا بدون الدعم الذي تلقيته من زملائي في الفريق. لقد دعموني في التدريبات والمباريات. إنهم ليسوا زملاء في الفريق فحسب، بل هم أصدقاء مقربون أتواصل معهم عندما أكون في القاهرة”.

تستمتع عصام بتجربتها في إنجلترا، حيث تذكرها بمشاهدة الدوري الممتاز للسيدات على التلفزيون ومدى إثارتها أثناء نشأتها في مصر. “نعم، لقد برزت لعبة السيدات بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. أعتقد أننا نعمل بجدية لنظهر قدراتنا في المباريات، والتي بدورها تحفز المشجعين على دعمنا”.

الطموحات والأحلام

بمجرد الاحتراف، يتعين على اللاعبين تكريس معظم وقتهم لكرة القدم. لكن سارة، التي قدمت تضحيات جسيمة للعبة وناديها، لم تتخل عن أهدافها الأكاديمية. لقد بذلت الكثير من الجهد في كرة القدم، لكنها لم تتخل مطلقًا عن دراستها الجامعية. تدرس الهندسة المدنية في إنجلترا على الرغم من تحذير الكثير لها أنه من الصعب التوفيق بين كرة القدم والكلية. قررت التحدي من جديد وتستمر في بذل قصارى جهدها على الجانبين. تريد أن تخدم بلدها من خلال اللعب بشكل احترافي، وتريد أيضًا الحصول على شهادة جامعية من أجل مستقبلها.

تبدأ سارة يومها مبكرًا. حيثُ تعد وجباتها طوال اليوم في الساعة السادسة صباحًا، ثم تستقل القطار إلى الجامعة. ثم تتوجه إلى ستوك. تقول سارة: «عادة ما أتناول الإفطار في القطار، حيث أدرس أيضًا. قررت تكريس حياتي لشغفي. حتى في أيام العطلات، لا أريد الجلوس على أريكتي أشاهد التلفاز، بل أمارس الرياضة للبقاء في حالة جيدة. لا أفكر في هذا باعتباره تضحية؛ لأنني أفعل ما أحب».

حصولها على جائزة المرأة العربية لعام 2018 من منظمة لندن العربية
حصولها على جائزة المرأة العربية لعام 2018 من منظمة لندن العربية

 من جد وجد.. ومن زرع حصد

بعد عام من انتقالها إلى المملكة المتحدة؛ بدأ عمل سارة عصام الشاق يؤتي ثماره، بما في ذلك حصولها على جائزة المرأة العربية لعام 2018 من منظمة لندن العربية. “فخورة جدًا بالفوز بالجائزة، خاصة وأنني أول مصرية تنال هذا التكريم. لفتت عروضي انتباه العديد من الأفراد والمؤسسات. حتى أنني تلقيت عرضًا من هيئة الإذاعة البريطانية لتقديم تعليق على CAF 2018 في حفل توزيع الجوائز الذي شهد فوز محمد صلاح بجائزة أفضل لاعب أفريقي، كما كنت ضمن فريق التعليق على بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019 التي أقيمت في مصر، هذه التجارب تجعلني أكثر ثقة في مواصلة العمل في مجالات متنوعة.

حمل عام 2019 إنجازات أفضل وأكبر لسارة، حيث سجلت 12 هدفًا في 12 مباراة لتصبح هدافة ستوك وتحصل على الحذاء الذهبي. مجرد اللعب في إنجلترا كان سيشكل خطوة أولى رائعة في المسيرة التي تطمح إليها، لكنها أصبحت هدافة فريقها في الدوري. إنجاز عظيم حفزها لمواصلة العمل الجاد.

تقول سارة: «أتمنى أن أتمكن من نقل هذه الإنجازات والخبرات إلى اللاعبين واللاعبات في مصر. فالعمل الجاد لمدة طويلة سيحقق لنا النجاح، وآمل أنا وزملائي في الفريق أن ندرك الإنجاز النهائي المتمثل في دفع مصر إلى كأس العالم لكرة القدم للسيدات».

عيد ميلادها

على الرغم من أن عيد ميلاد عصام الحادي والعشرين جاء أثناء وجودها في الحجر الصحي، إلا أنه لا يزال لديها سبب للاحتفال. “لم أكن أتوقع الاحتفال المفاجيء لأنني كنت معزولة في غرفتي بالفندق. اعتقدت أنني سأحتفل به مع عائلتي عندما ينتهي كل هذا، خاصة وأنهم أرسلوا لي بعض بطاقات عيد الميلاد. “ومع ذلك، سمعت طرقًا على بابي وعندما فتحته، رأيت مجموعة من الموظفين يحملون كعكة على شكل ملعب كرة قدم وهدايا من معدات التدريب لاستخدامها في الغرفة. لا أعتقد أنني سأنسى تلك اللحظة”.

الملكة المصرية

عندما سُئلت عن اسمها المستعار وصورتها على الإنستجرام التي نشرتها لنفسها وهي تقف على رقعة شطرنج كبيرة في الهواء الطلق؛ أوضحت سارة عصام: «انتقلنا أنا ومحمد صلاح إلى إنجلترا في نفس العام. حتى أننا وقعنا مع ليفربول وستوك خلال نفس الشهر. بعدما أصبح هتاف جمهور ليفربول مشهورًا للغاية بأن محمد صلاح هو الملك المصري؛ بدأ مشجعو نادي ستوك بإطلاق ذات الاسم عليّ: سارة الملكة المصرية. لقد اعتبروني النسخة الأنثوية من مو صلاح، وهو أمر رائع. لا شيء يضاهي لقب الملكة المصرية».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى