قصة أول مستشفى على متن قطار في العالم

في 16 يوليو 1991؛ أقيمت أول مستشفى في العالم على متن قطار من محطة تشاتراباتي شيفاجي في مومباي. واليوم وبعد مرور ستة وعشرين عامًا نقدم لكم قصة قطار Lifeline Express الشهير الذي يقدم العديد من الخدمات الطبية، والعمليات الجراحية الكبرى لشعب الهند.

لقد بدأ القطار بفكرة بسيطة: تقديم خدمات المستشفى والمساعدات الطبية إلى الناس. خاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية من ريف الهند، ولا زالوا بمنأى عن تلقي خدمات صحية جيدة.
اقترحت مؤسسة «Impact India Foundation» على وزارة السكك الحديدية في الهند؛ أن تقدم الخدمات الطبية عبر قطار يصل للمدن النائية. وبعد وقت قصير وقعت شركة السكك الحديدية الهندية (IR) ومعهد التمويل الدولي (IIF) اتفاقًا (MoU)؛ بموجبه توفر السكك الحديدية قطارًا بثلاث عربات وتزوده بالمياه والكهرباء والصيانة اللازمة، كي يتم تقديم الخدمات الطبية به.

فحوصات وجراحات مجانية

في السنوات التي تلت ذلك، خيم Lifeline Express بانتظام في أجزاء مختلفة من الهند لإجراء فحوصات واستشارات طبية وعلاجات وجراحات مجانية في مختلف التخصصات.
في البداية زار فريق طبي المنطقة لتقييم الاحتياجات الطبية، ورصد البيانات والمؤشرات الصحية الممكنة والمرافق المتاحة للسكان المحليين. وبعد الفحص الأولي، تعاون الفريق مع مركز الصحة المحلي لإعداد قائمة للمرضى الذين يحتاجون عمليات جراحية. وعالج قطار المستشفى في المقام الأول عدسة العين والشفة المشقوقة وشلل الأطفال. ومع مرور الوقت، بدأ في تقديم جراحات التجميل وجراحات الأسنان وعلاج الصرع وتقلصات الحروق وعلاج السرطان. وكذلك تقديم الخدمات العلاجية للأشخاص الذين يعانون من أنواع مختلفة من الإعاقات؛ خاصة اضطرابات العين والأذن والأنف والحنجرة والأطراف.

حاليًا، يخدم كل قطار من لايف لاين اكسبريس ما يقرب من 5000 شخص، معتمدًا على المشاركة المجتمعية. ففي كل محطة، تقدم القرى المحلية والمنظمات غير الحكومية مساعدات مختلفة، من الأغذية والمنظفات إلى تنظيم أعداد المرضى وإيجاد أماكن إقامة لهم بعد الجراحات وللعائلات التي ترافقهم. كما تتضمن المعسكرات الطبية برامج تدريبية وتوعوية لفقراء الريف وطلاب المدارس. هذا بالإضافة إلى سفر القطار أيضًا بطول وعرض البلاد إلى المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية أو الكوارث التي تسبب فيها الإنسان.

علاج مليون فقير في قطار الهند

حتى الآن، عالج لايف لاين اكسبريس الذي ترعاه المؤسسات الخاصة والعامة حوالي مليون فقير في المناطق الريفية من البلاد مجانًا منذ إنشائها في عام 1991. كما تبرع العديد من الاطباء من جميع أنحاء العالم لسد فجوة الخدمات الصحية الريفية. حتى اليوم بمجرد أن يصل لايف لاين اكسبريس يأتيه مئات المرضى متفائلين حاملين الزهور وأكياسًا صغيرة من الفاكهة والخضروات للأطباء.
يضم فريق القطار معدات وتجهيزات لعمليات على أحدث طراز، مختبر علم الأمراض، وحدة تصوير الثدي بالأشعة، غرفة فحص أمراض النساء، وحدة طب الأسنان، وحدة الأشعة السينية، صيدلية، معدات فحص واستشارة مختلفة، العديد من الغرف للمرضى، مولدات الطاقة، مخزن مؤن مجهز جيدًا ، وسكن للفريق الطبي. علاوة على ذلك ، فإن لايف لاين اكسبريس مزود بتقنية WiFi، مما يساعد الأطباء والخبراء المتواجدين في المدن الكبرى على فحص تقارير تشخيص المريض والصور الأخرى. في عام 2016، تطوعت السكك الحديدة بمتدربين جدد للانضمام إلى القطار الملون لتقديم خدمات إضافية في الكشف عن السرطان.

كيف أثر في حياة ملايين الفقراء؟ 

في ديسمبر 2016، أصبح “هيرلال لودهي” أول مريض يجري عملية جراحية للسرطان في لايف لاين اكسبريس. توضح قصته التحول الملموس الذي أحدثه قطار المستشفى في حياة الملايين من فقراء الريف.
“لودهي” بائع شاي يبلغ من العمر 52 عامًا ، يكسب حوالي 700 روبية كل شهر من كشك الشاي الخاص به على جانب الطريق. تفاجيء بنمو ورم سرطاني في فمه تحول من دمل صغير إلى كتلة انتفخت في فكيه ووجنتيه، بدأ يواجه صعوبة في البلع والتحدث. سمع عن القطار المليء بالأطباء الذين يقدمون المساعدة الطبية المجانية ، كان قد أنفق بالفعل 20000 روبية على العلاج في جابالبور وبدأ في اقتراض المال لعلاجه. عندما ذهب إلى القطار في سانتا لم يقتصر عمل الأطباء معه على استشارة خبراء جراحة الأورام بل خضع أيضًا لعملية جراحية لإزالة الورم لمدة خمس ساعات مجانًا، كانت بمثابة معجزة.

يروي الدكتور تارال ناجدا، جراح عظام الأطفال المقيم في مومباي والذي تطوع بخدماته في القطار على مدار 16 عامًا الماضية، أنه تلقى دعوة زفاف من والد فتاة، كان قد عالجها ذات مرة في القطار. عندما أتت إليه طفلة، كانت تعاني من تشوه في القدم. تمكنت بفضله من الذهاب إلى المدرسة ، لكن والدها كان أكثر قلقًا بشأن زواجها. أجريت لها عملية جراحية وتم تقويم قدميها. الآن ذهبت إلى الكلية واختارت شريكها. أرسل لي والدها دعوة زفاف. لا يقتصر دور هذا القطار على العلاج فحسب، بل إنه يغير حياة الناس”.

الانتشار الدولي

يتسع تأثير القطار لدرجة أن بعض الدول بدأت تقتدي بالفكرة. فالصين صار لديها الآن أربعة قطارات من نفس النوعية. وجنوب إفريقيا لديها قطاران، بينما يوجد في كل من بنغلاديش وكمبوديا مستشفى للقوارب النهرية.
ألهم Lifeline مشاريع سكك حديدية أخرى في الهند أيضًا. وفي عام 2007 أطلقت الحكومة حملة لزيادة الوعي بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) ولتعزيز المعرفة العلمية بين الطلاب.
يواصل «Lifeline» الذي أضحى اسما على مسمى معالجة الآلاف من المرضى الفقراء. ويخطط الآن للحصول على بنك دم خاص به وتكثيف مرافق الرعاية بعد الجراحة. بالتعاون مع مستشفى تاتا التذكاري، وسيركز أيضًا على توفير علاج سرطان الثدي والفم وعنق الرحم للهنود المهمشين المقيمين في القرى.