سلالات جديدة من «كورونا».. ماذا نعرف عنها وكيف تؤثر على الأطفال؟
لم يمر عام بعد على فيروس كورونا، حتى فجأت بريطانيا العالم ظهور سلالة جديدة لديها في ديسمبر الجاري، وعقب ذلك الخبر بإسبوع لاحقتها أخبار عن سلالة ثالثة من الفيروس في جنوب إفريقيا.
النسخة المطورة من فيروس كورونا تنتشر بشكل أسرع وأكثر حدة، حسبما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وقد دفع ذلك الحكومة إلى تشديد فوري للقيود، وإعلان حجر صحي فوري في لندن والمناطق المجاورة، يستمر حتى نهاية العام.
ثم أعلن عن رصد حالتين أكثر عدوى من سلالة جديدة لفيروس كورونا منتشرة في بريطانيا عادوا من جنوب أفريقيا، خلال الأسبوعين الماضيين، وجرى عزل هؤلاء ومخالطيهم جميعا.
ووفقًا لشبكة مراقبة الجينوم في جنوب إفريقيا، وهي مؤسسة مدعومة من الحكومة مهمتها التعامل مع الوباء، تم العثور على حوالي 200 حالة من الفيروس المتحور في جنوب إفريقيا.
هل تتحور الفيروسات؟
الفيروسات كائن محير، لذلك، يعتبر العلماء أن كل الفيروسات تتطور بشكل طبيعي، وتحدث تغيرات على التركيبة الجينية لها، وهو ما ينطبق على “كوفيد-2- سارس”، وهو الاسم العلمي لفيروس “كورونا”.
واعتبرت أستاذة علم الجينات في جامعة “لندن كوليدج” لوسي فان دورب أن الطفرات في الفيروسات غالبا تحدث، لكن دون أن يسفر الأمر عن تغير كبير على سلوك هذا الفيروس، وتضيف “من النادر أن تكون الطفرات أمرا سيئا، وأغلب الطفرات التي رصدناها على فيروس “كوفيد-19″ طفرات غير مؤثرة”.
ورغم ذلك، فإنه في بعض الأحيان يصادف أن تكون الطفرة مؤثرة بشكل كبير على سلوك الفيروس الأصلي وطريقة انتشاره وكيفية غزوه الخلايا وإعادة إنتاج نفسه.
ويعد مصدر القلق الرئيسي من السلالة الجديدة هو سرعة انتشار العدوى. ويظهر التحليل الجيني للسلالة الجديدة أنه يشترك في بعض القواسم مع السلالة المنتشرة في بريطانيا، لكنها تتطور بصورة منفصلة.
وتعد السلالة الثالثة أكثر عدوى من سابقاتها بحسب علماء، وربما تصيب الشباب وقد تكون مقاومة أكثر للقاحات من النسخ الحالية من الوباء.
ووجد باحثون في المملكة المتحدة أن الفيروس المتحور ينتشر بسرعة في أجزاء من جنوب إنجلترا، ومع ذلك ، فإن انتشار سلالة الفيروس ليس دليلاً على انتشاره بشكل أسرع من غيره. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أنه يمكن للفيروس المتحور أن ينتشر على نطاق أوسع ببساطة من خلال الظروف المحيطة له، فعلى سبيل المثال ، قد يبدأ الفيروس المتحور في وسط مدينة مزدحمة، حيث يكون الانتشار أكثر سهولة، مما يسمح له بعمل نسخ أكثر من نفسه.
الأطفال… هدف جديد
وأثار بعض العلماء احتمال أن تكون الزيادة في انتقال العدوى ناتجة جزئيًا على الأقل عن كيفية إصابة الأطفال. ولدى البشرية تجربة من النسخة الأولى من فيروس كورونا أنه عادة، يكون الأطفال أقل عرضة من المراهقين أو البالغين للإصابة أو نقل الفيروس، لكن يبدو أن الفيروس بنسخته الجديدة أكثر عدوى بين الأطفال.
وتعتبر ويندي باركلي، مستشارة الحكومة وعالمة الفيروسات في جامعة إمبريال كوليدج لندن، أن الفيروس المتحور الجديد قد يجعل الأطفال محل خطورة “بنفس درجة تعرض البالغين للإصابة”.
وقال نيل فرجسون، أستاذ وعالم الأوبئة والأمراض المعدية في لندن إمبريال كوليدج وعضو المجموعة الاستشارية “هناك إشارة إلى أن لديها ميلا أعلى لإصابة الأطفال”. وأضاف “لم نثبت أي نوع من السببية بخصوص ذلك، لكن يمكننا رؤية ذلك في البيانات. لا نزال بحاجة إلى جمع مزيد من البيانات لنرى كيف تتصرف”.
ويعد علماء حاليا التجارب على النسخ الجديدة من الفيروس، والعمل عن كثب للتأكد من كيفية إصابته للخلايا في جسم الإنسان، ولاسيما الأطفال.
مخاوف مستقبلية
وتزيد المخاوف من هذه الطفرة كونها قد تؤدي إلى إصابة آخرين أصيبوا بالفيروس وتعافوا منه في السابق. ومع ذلك، لا يزال البحث مستمرا لتأكيد التهديد الذي تمثله السلالة الجديدة، ويبدو أنه لا يثير أعراضا أكثر خطورة أو يتطلب علاجا مختلفا.
ويقول البروفيسور، ريتشارد ليسيلز، أحد الذين يقودون الأبحاث بشأن السلالة الجديدة في جنوب أفريقيا، إن الفريق يعمل على مقارنة بيانات السلالة مع تلك الخاصة بسلالة المملكة المتحدة.
وأضاف ليسيلز أن السلالة الموجودة في جنوب أفريقيا أكثر قدرة “بعض الشيء” على العدوى مقارنة بتلك في بريطانيا، مشيرا إلى أن هذا يقتضي التحرك أكثر في كبح جماح الوباء.
ويبدو أن هذا الفيروس المتغيّر ينتقل بشكل أسرع من السلاسل الأقدم، بحسب الباحثين الذين اكتشفوها في جنوب إفريقيا. ويقول توليو دو أوليفيرا مدير معهد “كريسب” للأبحاث المدعوم من جامعة كوازولو-ناتال، إن “كافة العناصر تذهب في هذا الاتجاه.
ولمزيد من الطمأنة، يقول الدكتور موج سيفيك، أخصائي الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة سانت أندروز، عبر حسابه على تويتر: “فقًا لما نعرفه بالفعل ، فإن المسخ المتحورة من فيروس (كوفيد-19) لا يغير من فعالية التباعد الاجتماعي وأقنعة الوجه وغسل اليدين ومعقمات اليدين والتهوية”.
وفي سياق متصل، تتوقع أريع شركات على الأقل أن تكون اللقاحات التي أنتجتها للوقاية من مرض كوفيد-19 فعالة ضد السلالة جديدة للفيروس، وقال أوغور شاهين، الرئيس التنفيذي لشركة بيونتيك الألمانية التي استغرقت أقل من عام، بالشراكة مع شركة فايزر الأمريكية، للحصول على موافقة على اللقاح، إنه يتوقع أن يظل اللقاح فعالا. كذلك تعتقد شركات مودرنا وكيورفاك الألمانية وأسترا زينيكا البريطانية أن اللقاحات التي طوروها ستنجح في مواجهة السلالة الجديدة للفيروس.
Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email