إلى أستاذي.. مصطفى أمين

كم أفتقدك وكم يفتقدك قراؤك .. كنا ننتظر سطورك كل صباح كما ينتظر الظمآن رشفة المياه الباردة تخفف عنه جفاف الحياة وقسوتها . واعتدنا أن نبدأ قراءة «الأخبار» من الصفحة الأخيرة قبل أن نقلبها لنتعرف على أهم الأخبار والأحداث .
كنت الشحنة المليئة بالحب والصدق والأمل للملايين من قرائك، مهما اشتدت المحن وتعثرت الخطى، وكنت نبض الوطن وصوت الشعب، نقرأ لك فنرى أنفسنا، أشياء نحسها وآراء تتشكل داخلنا، وآلاما نريد أن نصرخ من فرط قسوتها.
كنت دائما المعبر عن الناس، لسان حالهم، آه والله يا «مصطفى بيه» كنت كذلك، ولم يستطع كاتب أن يملأ مكانك حتى الآن ولا أظنه سوف يأتى، ليس تشاؤما، أو تقليلا من قيمة العشرات من كتابنا القديرين، فلكل منهم قراؤه ومحبوه. لكنك لست كاتبا فحسب أستاذى العزيز، أنت ملهم، محرك، محفز على فعل العمل والوطنية، مشجع على شحذ الهمم، وتفجير الموهبة، وتحمل الصعاب مهما كانت فى سبيل الوصول إلى الهدف. أنت – أستاذى العزيز- التجسيد الحقيقى لمعنى القدوة، المثل الأعلى، ال«role model» .
أنت أول من جعلت للحب عيدا فى مصر وأشركت القراء معك فى اختيار موعده وجاءت معظم الآراء مؤيدة لأن يكون يوم 4 نوفمبر. وهكذا ولد عيد الحب المصرى الذى كان له تأثير وقبول رائع عند الغالبية العظمى من القراء. خاصة عندما اقترنت الدعوى بإحياء مشاعر الحب على اختلاف صوره وأشكاله وعلى رأس كل تلك الصور والأشكال حب الوطن، الإتقان فى العمل، مساعدة غير القادرين من خلال باب جديد انضم إلى أبوابك الإنسانية التى حظيت بها على الريادة فى الصحافة الإنسانية فى مصر.
أسست باب «لست وحدك» وكلفتنى برئاسته كأكبر تكريم لى وكنت لا أزال محررة صغيرة تتلمس طريقها فى بلاط صاحبة الجلالة. كان هدف الباب هو البحث عن أصحاب المآسى الإنسانية الذين يحتاجون لمن يقف إلى جانبهم، ويشعرهم بأن هناك من يشعر بهم ويساهم فى حل مشاكلهم ويفتح أمامهم باب الأمل.
أنت أول من جعلت للحب عيدا فى مصر وأشركت القراء معك فى اختيار موعده
كنت كاتبا قديرا وإنسانا استثنائيا بكل المقاييس. كنت تؤمن بالحب، وترى أن قصة إنشاء «أخبار اليوم» هى نفسها قصة حب. أحببت الصحافة أنت وشقيقك التوءم «على أمين» فصنعتما المستحيل حتى تحققا حلمكما، وولدت «أخبار اليوم» عملاقة منذ يومها الأول وحققت طفرة فى شكل الخبر والصورة والكاريكاتير. كما أدخلت القصة الإنسانية التى تربط الناس بجريدتهم وتخلق جسرا من المحبة بينها وبينهم.
لقد تعلمنا المعنى الحقيقى للحب منك أستاذى العزيز. والآن أشعر أكثر من أى وقت مضى بافتقادك، فالناس فى حاجة إلى رسول جديد يعلمهم الحب، بعدما تحولت القلوب إلى الجفاف والقسوة وانحسرت مساحات التعاطف والتسامح بين البشر، الناس الآن يحتفلون بعيد الحب الأمريكانى «الفلانتين داى» ويشترون الدباديب والقلوب الحمراء البلاستيكية.
إنهم يحتفلون بالحب ولا يعيشونه! لا يهزهم عطر وردة قرنفل أو بلدى . وردة بحق وحقيقى، بل يركضون إلى محال الهدايا التى تكسب آلاف الجنيهات فى هذا اليوم لشراء دمى صماء بلا روح ! أين أنت يا «مصطفى بيه» لتبث فى معنى الحب روحه ومذاقه الحقيقى؟!