من أسر فقيرة إلى أغنى رجال العالم


أفاد تقرير أجرته لجنة الحراك الاجتماعي في إنجلترا، أن الأطفال الذين نشأوا في أسر فقيرة لديهم فرص أكبر لتحقيق معدلات أداء أعلى ممن يعيشون في جنوب إنجلترا. وألقى التقرير باللوم على ضعف فرص أطفال الشمال في نظام التعليم. وأن ثلث فجوة الدخل بين الأطفال الذين نشأوا فقراء في الشمال والجنوب ناتج عن عوامل أخرى مثل الخلفية العائلية أو نقص الوظائف المحلية.
المكان الذي تنشأ فيه له تأثير على ما تحققه من مكاسب مادية
وأفاد التقرير أن المكان الذي تكبر فيه مهم. في المناطق ذات الحراك الاجتماعي الأعلى. حيثُ يكسب الأفراد المحرومون الذين تتراوح أعمارهم بين 28 عامًا، أكثر من ضعف ما يكسبه نظراؤهم في المناطق ذات الحركة الأقل. أي أكثر من 20000 جنيه إسترليني مقارنة بأقل من 10000 جنيه إسترليني. وببساطة، فإن اثنين من الأبناء المحرومين من نفس الخلفية العائلية سيكسبون مبالغ مختلفة تمامًا مثل البالغين. بناءً على المكان الذي نشأوا فيه.
ووجدت الدراسة أن المنطقة التي لديها أسوأ فرص للأطفال من أسر فقيرة كانت تشيلتيرن، وهي المنطقة المحيطة بأميرشام في باكينجهامشير. قد يبدو هذا مفاجئًا لأن باكينجهامشير غالبًا ما ترتبط بمدن الأثرياء لكن النتائج استندت إلى حياة 52 رجلاً فقط، بينما كانت بالمئات في معظم المناطق.
تأثير النشأة العائلية في الدفع نحو النجاح
كما نظرت الدراسة في سجلات الدخل والضرائب للأولاد المولودين بين عامي 1986 و 1988 في أكثر من 300 منطقة يعتبر قاطنوها من أسر فقيرة. وذلك لأنهم حصلوا على وجبات مدرسية مجانية. تابعتهم حتى سن 28. بلغ متوسط دخل الأولاد في تشيلتيرن 6900 جنيه إسترليني، لكن المنطقتين التاليتين الأقل حركة اجتماعيًا كانتا في الشمال- برادفورد، حيث كان متوسط الدخل 9500 جنيهًا إسترلينيًا، وهايندبرن في لانكشاير، حيث كانا 9600 جنيه إسترليني. يتناقض هذا مع متوسط الدخل البالغ 21200 جنيه إسترليني في فورست هيث (غرب سوفولك) و 19.700 جنيه إسترليني في غرب أوكسفوردشاير.
هذا دفعنا للبحث حول معرفة تأثير النشأة العائلية والبيئة المحيطية والظروف المادية الصعبة والحياة الفقيرة في الدفع نحو النجاح. هؤلاء أغنى رجال أعمال في العالم ممن لم تمنعهم نشأتهم في بيئة وامكانيات فقيرة من النجاح وتربعهم على عرش الثروات الهائلة حول العالم.

لي كاشينج وثروة 80 مليار دولار
ولد لي كاشينج، في جوانجدونج في الصين. ثم انتقل مع أسرته إلى هونج كونج فرارًا من الحرب الصينية اليابانية. توفي والده فأُجبر على ترك مدرسته؛ ليعمل في مصنع بلاستيك في الخامسة عشرة من عمره. كافح حتى بدأ شركته بمبلغ 6500 دولار من المدخرات والقروض. وسرعان ما اشترى إحدى شركات هونج كونج وأطلق عليها «تشيونج هونج لصناعات البلاستيك».
في عام 1972؛ أدرجت شركته في بورصة هونج كونج ثم توسعت لتصبح إمبراطورية تمتد لأكثر من 50 دولة. ويعمل بها حوالي 323 ألف موظف في العقارات والاتصالات والشحن والمبيعات. ولم يكتفِ بذلك بل استحوذ “لي” على واحدة من أكبر مشغلي محطات الحاويات في العالم “ميناء هوتشيسون” وكذلك أكبر متاجر التجزئة للصحة والجمال في آسيا “واتسونز”.
وفي عام 2015 تم دمج جميع أعمال «لي» في شركتين كبيرتين؛ وهما «سي.كيه هوتشيسون» للمشروعات غير العقارية. و«سي.كيه أست هولدنج» لتنفيذ المشاريع العقارية. ويبلغ إجمالي رأس المال السوقي للشركتين أكثر من 80 مليار دولار.

ثانيهم “جورج سوروس” الذي وُلد في بودابست عاصمة هنغاريا ونجا من الغزو النازي للمجر وانتقل إلى انجلترا حيث درس الاقتصاد بلندن. كانت حياته صعبة لدرجة أنه اشتغل نادلًا في مطعم ثم عمل عتالًا بالسكة الحديدية؛ ليصرف على نفسه حتى تخرج ثم عمل في متجر ومنه إلى بنك ثم أصبح من أكبر تجار العملات بثروة 24 مليار دولار.

“ليوناردو ديل فيكيو” من دار رعاية أيتام إلى واحد من أكبر مليارديرات العالم
ولد ليوناردو ديل فيكيو في مدينة ميلانو في إيطاليا. لأسرته من 5 أطفال. توفي والده قبل ولادته، وبسبب عجز أمه الأرملة ماديًا وضعته في دار رعاية أيتام. عمل «ديل فيكيو» في مصنع لقطع غيار سيارات. وخلال سنواته الأولى تعرض لحادث فقد فيه إصبعًا من أصابع يده اليمنى. لكنه انبهر بالنظارات وإطاراتها المختلفة فقرر الادخار وانتقل للعمل في المجال في «أجرودو» في إيطاليا. حتى افتتح مشروعه الخاص وتوالت النجاحات وأسس فروعًا عالمية. وأصبح من كبار مؤسسي العلامات التجارية مثل: راي بان، وأوكلي. وشقد شغل منزلة ثاني أغنى رجل في إيطاليا، بثروة تُقدر بـ 22.2 مليار دولار أمريكي.
قد لا يتسع المقال لذكر الكثيرين ممن قهرو ظروف الفقر وشيق المعيشة. ولكن إن أكملت أنت البحث بنفسك؛ ستجد عشرات بل مئات المكافحين ممن كان الفقرُ جافعهم للتقدم في حياتهم. وكثيرون أيضًا ممن لم تكتب عنهم الصحف، ولم تلتقطهم الكاميرات. ربما يكون صديقك أو فرد في محيط معارفك وأقربائك. وربما تكون أنت القصة التالية.. لمَ لا؟