كوبري «إيفيل»..تحفة معمارية في قلب حديقة الحيوان منذ 141 عاماً

«التراث».. كلمة تحوي بين طياتها الكثير.. خاصة إذ أضيف لها صفة المصري.. فربما تحمل كنوز ذهبية تعود للفراعنة أو تماثيل.
ومن الممكن أن يتجسد المعنى في مبان ومساجد على الطراز الإسلامي.. أو مزارات مسيحية مر عليها السيد المسيح والعذراء أثناء رحلة العائلة المقدسة.
ولأنها مصر.. فإن التاريخ والتراث يمتد ويتشعب عن منظوره الطبيعي إلى ما هو أشمل وأعمق.. ومن غير المستغرب أن تدخله ملامسا مع التاريخ الفرنسي حتى في أشهر معالمه ليجمع بين «برج إيفيل» في باريس و«كوبري إيفيل» الشاهد على تاريخ مصر لما يقرب من 145 عاما، والذين شيدهما المهندس جوستاف إيفيل.
داخل حديقة الحيوان
في محافظة الجيزة حيث مقر حديقة الحيوان، إحدى أعرق الحدائق من ذلك النوع في الشرق الأوسط وأفريقيا، والتي يرجع افتتاحها إلى عام 1981.. وبين أسوارها إضافة لما تحوي من حيوانات ونباتات نادرة، هناك كوبري معلقًا بين صخرتين.
بألوانه الزاهية وتصميمه الرائع نجده تحفة معمارية، لم تنل نصيبها من الشهرة، رغم عراقتها.. فهذه التحفة قد مر على إنشائها 141 عامًا، وصممت خصيصا لربط الحديقة ببعضها، وأطلق عليها فيما بعد «الكوبري المعلق» أو «كوبري إيفيل».
مفاجأة كوبري إيفيل
للوهلة الأولى حين نسمع كوبري إيفيل يتبادر إلى الذهن برج إيفيل في فرنسا، وهى ليست صدفة أو تشابه أسماء، وأنما ترجع إلى أن تصميم البرج المعلق في حديقة الحيوان من إمضاء المهندس “جوستاف إيفل”، ونفذته شركته ايفل اي سيو Eiffel et Cie بين عامي ١٨٧٥ – ١٨٧٩.
اشتهر المهندس المعماري الفرنسي ألكساندر جوستاف إيفل، بتصميماته الشهيرة مثل تمثال الحرية في نيويورك، وبرج إيفل أحد أشهر المعالم السياحية في فرنسا.
لم يكن ذلك وحسب ولكن المفارقة أيضًا أن الكوبري المعلق أو كوبري إيفيل حمل ذلك الاسم، قبل إنشاء برج إيفل في فرنسا بأكثر من عشر سنوات، وكان الخديوي إسماعيل هو من أمر بإنشاءه قبل افتتاح حديقة الحيوان في عام 1891.
التاج الملكي
وبالمرور بجانب الكوبري، وبالتدقيق فيه، يظهر جليا عليه ثلاث نجوم وأسفله هلال ونجمة و يعلوه التاج الملكي، شعار الخديو إسماعيل المكون من حرفي “IP”.
وبالنظر في طبيعة الكوبري وتصميمه، يبدأ الكوبري من كل جهة ببوابة ضخمة، وترجع تسميته إلى الكوبري المعلق إلى كونه معلق بأسلاك تحمله، وتبدو واضحة في الصور الملتقطه له، ويرتكز على جبلين كبيرين صمما خصيصاً له، ليكون الكوبري فى أعلى نقطة فى الحديقة.
و يشير البعض إلى المهندس الفرنسي لم يلجأ إلى اللحام في ربط أجزاء الكوبري ببعضها، ولكن اعتمد على ربط أجزاء الحديد بعضها ببعض عن طريق “التعشيق”.
1911
ولم يغب عن إدارة الحديقة أن توثق تاريخ إنشاء الكوبري المعلق، عبر الصفحة الرسمية لحديقة الحيوان، حيث نشرت صورة للكوبري إلى جانب صورة قديمة دون على تاريخ 15 يونيو عام 1911، أثناء تنفيذ كوبري إيفيل، وصاحب الصورة تعليق باللغتين العربية والإنجليزية: “تم إنشاءه عام 1911 ويسمي ايضاً الكوبري الهزاز. بناه المهندس الفرنسي الشهير جوستاف إيفيل. وكان الهدف من بناؤه الربط بين منطقة السلملك ومنطقة الحرملك بالحديقة”.
قيمة أثرية
ولم يشهد الكوبري أية تغييرات، إلا لافتة وضعت على أحد جانبيه، من قبل إدارة الحديقة، دون فيها: «السادة الزوار مننوع تسلق الأحجار لسلامتك»، ولسنوات طويلة مضت منذ سبعينيات القرن الماضي، تم غلق الكوبري أمام الجمهور، فلايسمح بالصعود إليه وعبور جانبية حفاظا عليه كقيمة أثرية.
إعادة تأهيل
مع حلول شهر فبراير من عام 2020، بدأت الحياة تعود تدريجيا للكوبري المعلق مرة أخرى، بعد أن تفقداه كل من السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، برفقة السفير الفرنسى بالقاهرة ستيفان روماتيه، وفي تلك الزيارة طالب وزير الزراعة من السفير الفرنسي، دعم بلاده لمشروع تطوير وإعادة تأهيل الكوبرى المعلق، حتى يكون أحد المزارات الهامة فى حديقة الحيوان خاصة إنه أحد رموز الصداقة بين البلدين.
وأعرب السفير الفرنسى عن استعداد بلاده للمساعدة فى إعادة تأهيل «كوبري إيفيل» المعلق داخل حديقة الحيوان ليستعيد مكانته واحدًا من أهم التحف المعمارية في مصر والعالم مرة أخرى.
Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email