من رحم المعاناة.. قصة أول «براند» ملابس مصري مخصص لذوي الإعاقة

تتذكر «أشجان الأبحر» يوم أن دخلت في مناقشة مع صديقة لها بسبب تأخرها على موعدهن، لكنها التمست لها العذر بعد شرح الصديقة – والتي تعد واحدة من ذوي الإعاقة – عن معاناة ارتداء الملابس لذوي الإعاقة الحركية.
لم تدرك «الأبحر» أن تلك المناقشة سوف تفجر في رأسها فكرة تصميم علامة تجارية لملابس ذوي الإعاقات، وتقدم عرضا للأزياء «فاشون شو» مخصص لهم، على أمل أن تجد من يتحمس لتدشين خط إنتاج لملابس أصحاب القدرات الخاصة.
تقول «الأبحر» في حديثها لـ«الناس دوت نت» إن ملابس ذوي الإعاقة ليست رفاهية، أو اختيار شكل جمالي فحسب، ولكنها أشبه بـ«المعاناة» اليومية، وتفسر: «الكثير من ذوي الإعاقة يضطر أن يمدد نفسه على السرير حتى يستطيع ارتداء الملابس.. ملابس ذوي الإعاقة يجب أن تكون أكثر عملية ومناسبة لكل طبيعة إعاقة».
تضرب الأبحر المثل بأحد ذوي الإعاقة والذي يرتدي طرفًا صناعيًا، فعليه أن يخلع الطرف الصناعي ويدخله في البنطال، ثم يرتدي البنطال، ويعيد تركيب الطرف الصناعي مجدداً، أو التمدد على السرير لارتداء الملابس، والأمر ذاته يندرج على أصحاب الشلل الدماغي أو غيرهم من الإعاقات.
حيرة المقاسات
مثال آخر تذكره صاحبة «أول براند مصري مخصص لذوي القدرات الخاصة» وهم قصار القامة، الذين يشكل بحثهم عن مقاساتهم المناسبة معاناة كبيرة، وتفسر: «مقاساتهم بين الأطفال والكبار… هل يصح أن يرتدي رجل كبير في السن ملابس عليها شعارات ميكي ماوس مصممة لطفل لمجرد أنها تلائم جسده؟!».
المعاناة اليومية لذوي الإعاقة جعلت «أشجان» تعمل على مشروع تصميم أزياء تناسب عدد من ذوي الإعاقة، لتحاول بها أن تفتح شهية المصنعين المصريين للالتفات إلى المستهلكين من ذوي الإعاقة، مضيفة: «الكثر يرون في ذوي الإعاقة أبطال رياضية أو أصحاب مواهب فحسب.. لكنهم لا يرون أصحاب القدرات الخاصة كمستهلكين للملابس وغيرها».
تحاول أشجان أن تقدم في معرضها الذي أقيم في نهاية ديسمبر الماضي حلولا لذوي الإعاقة من خلال تصميم ملابس من خامات لا تتمزق بسبب الأطراف الصناعية على سبيل المثال، أو يصبح ارتداؤها أكثر سهولة من غيرها.
ملابس مناسبة
لم تخفِ «إيمان الأمير»، وهى خريجة جامعية تعمل في مجال العمل المدني، صعوبة ارتداء الملابس وهى تسير بجهاز تعويضية، بالإضافة إلى حزام حول الوسط ترتديه بسبب إصابتها بشلل الأطفال.
تقول الأمير لـ«الناس دوت نت» إنها تتجه صوب أحد المحال وتتفق أنها ربما تستبدل الملابس؛ لأنها لا تستطيع القياس داخل المحل، مضيفة: «كل غرف القياس غير مناسبة لذوي الهمم».
وتضطر الشابة إلى ارتداء ملابس أكبر من حجمها حتى تستوعب الملابس حزام البطن حول خصرها.
وتفسر «الأمير» أيضا اختيارها نوعية محددة من الأقمشة بسبب جهاز المساعدة الذي ترتديه، حيث لا يصلح مع الأقمشة الحريرية أو الخاصة بأزياء «السواريه» أو السهرة.
وعن مشاركتها في عرض الأزياء الخاص بالمبادرة، تفسر «الأمير» إنها سعدت بالمشاركة مع آخرين من ذوي الهمم، بالإضافة إلى وجود تصميم صُنع خصيصا لها.
معاناة متكررة
عبرت «ندى سامح» عن فرحتها بارتداء ملابس صٌنعت خصيصا لها، وتضيف الفتاة – خريجة التربية النوعية لـ«الناس دوت نت»- إنها دومًا ما تجد صعوبات في الحصول على ملابس تناسب إعاقتها، وهى قصر القامة.
تقول سامح (25 عاما): «كنت أتمنى ارتداء جاكت من الجلد.. للأسف مفيش محلات في مصر تقدم ملابس لقصار القامة».. وتعبر الفتاة العشرينية عن معاناتها بتأكيدها: «للأسف الباعة في أحيان كثيرة يطلبون مني التوجه لقسم الأطفال».
وليس في الملابس فقط، تجد «ندى سامح» صعوبة، وإنما في اختيار الأحذية أيضا، مضيفة: «اضطر لشراء أحذية أكبر من حجم قدمي وأقوم بحشوها بفرش لتكون مناسبة».
وتؤكد الفتاة أنه لا يوجد محل واحد في مصر يبيع ملابس مخصصة لقصار القامة، معبرة عن سعادتها الغامرة وهي ترتدي الجاكيت البني و«الجامب سوت» القطيفة الأزرق، للمشاركة في عرض الأزياء الخاص بالمبادرة.
أحلام كبيرة
وقدم المعرض 13 أوتفيت «طقم كامل» لـ13 من ذوي الإعاقة في محافظة القاهرة.. وتحلم «أشجان الأبحر» بتحقيق حلم «الإتاحة» لذوي القدرات ويعني سهولة الحصول على الملابس وكل مستلزمات أصحاب القدرات الخاصة الذين يمثلون ما يقرب من 10.6 % من تعداد سكان مصر، حسبما ذكرت إحصائية حديثة لوزارة التضامن الاجتماعي.
وحتى الآن لا يجد ذوي الإعاقة طريقاً بديلاً للحصول على الملابس المناسبة سوى شراء عدد منها، والذهاب إلى «ترزي» لضبطها على مقاس جسده وإعاقته.
وتطمح «الأبحر» أن تكون علامتها التجارية الخاصة بملابس لذوي الإعاقة ذات شهرة في التصنيع والإنتاج ليس في مصر فحسب، ولكن في الوطن العربي، وتختم بقولها: «هناك الكثير من الذين تحمسوا لنبل الفكرة.. لكن لم يتحمس حتى الآن أحد من المنتجين».
Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email