قصص ملهمة│كيف تغلبت «سبوفورث» على فقدان الشهية العصابي؟


هل صادفتَ من قبل شخصًا يخاف من زيادة وزنه بشكل غير طبيعي، لدرجة أنه يتقيأ كلما تناول طعامًا؟
تعرف هذه الحالة بـ «أنوريكسيا» أو «اضطراب الأكل أو فقدان الشهية العصابي». وهذه الحالة تعبر عن فقدان وزن غير طبيعي نتيجة خوف من زيادة الوزن وإدراك مشوه لحقيقة الوزن بشكل يدفع إلى تقيؤ الطعام بعد تناوله. إذ يتحكم المريض في استهلاكه لسعرات حرارية معينة ويتقيأ الطعام فيما بعد ذلك.
تروي إيلي سبوفورث (18 عامًا) من اسكتلندا، تجربتها مع مرض الـ «أنوريكسيا» التي جعلها تزن مقدار أربعة أحجار وكيف نجت منه؟
من حب الطعام إلى كرهه ورفضه
كنت أحب الطعام. لم أكن منزعجة منه؛ بل حاولتُ كثيرا تجربة أطعمة جديدة وأخبزها لعائلتي. وفي مدرستي الابتدائية بدأ زملائي التنمر من وزني وشكلي. واتهموني أنني أكبرهم سنا. وهنا بدأتُ الصراع مع وزني.
قضيتُ أيامًا مفزوعة من نفسي. كنت طفلة صغيرة سعيدة؛ ولكن بمجرد أن بدأتُ التركيزَ على الطريقة التي أبدو؛ بها أصبحت بائسة للغاية. بمرور الوقت وعندما التحقت بالمدرسة الثانوية، بدأت إيلي في استبعاد بعض الأطعمة من نظامها الغذائي. أردت تغيير مظهري وبدأت في تقييد نظامي الغذائي في سن الثانية عشرة.
كنت ما زلت أتناول الطعام ولكن الصراع سيأتي بعد أوقات الوجبات. كنت أهرب إلى الحمام وأحضر كل ما أكلته للتو. ثم أصبحت نباتية وانتهى بي الأمر لتناول وجبة صغيرة جدا في اليوم. وفجأة عند بلوغي سن السادسة عشرة بدأت أتقيأ كل ما أكل يوميا. لم تخبر والديها ما يحدث بل استمرت في المشي يوميا 30000 خطوة في اليوم. بعدها تفاقم الأمر سريعا حتى وجدتُ نفسي عند الطبيب الذي شخصني باكتئاب وفقدان شهية عصابي. تم احتجازي في المستشفى لمدة عام.
التجربة غير مفيدة على الإطلاق
في المستشفى؛ بدأت أؤذي نفسي وأضرب رأسي بالجدار. كنت لا أزال قادرة على التقيؤ بعد الوجبات. كنت مريضة محاطة بالمرضى ووجدت الأمر مؤلمًا للغاية. وُضعت في سرير دائم لمدة شهرين. ثم اضطررت إلى استخدام كرسي متحرك لمدة ستة أشهر. كان الابتعاد عن العائلة والأصدقاء أمرًا صعبًا حقًا. اشتقتُ لأحبائي كثيرًا وكنتُ على بعد ثلاثمائة ميل منهم. عندما أطلقوا سراحي، كنت أسوأ من أي وقت مضى. وعدتُ إلى المنزل مع المزيد من العادات السيئة، بدأ شعري يتساقط من نقص العناصر الغذائية؛ ونمى شعر ذراعي لمحاولة إبقائي دافئة. حاول جسدي حمايتي لأنه كان يعلم أنني في خطر. كنت أسير ثلاثين ألف خطوة في اليوم على الرغم من أنني لا أملك أية طاقة وكنت منهكة باستمرار.
انخفض وزني إلى أربعة أحجار ..اقتربت من الموت.
ذات يوم، كتبتُ اعترافًا إلى والدتي أوضح فيه مقدار ما كنتُ أعانيه. وما هو وزني الحقيقي وكيف أخفيته عنها. لقد وعدتُ نفسي أنني إذا استيقظت في اليوم التالي، فسأعطيها هذا الاعتراف. وبالفعل استيقظتُ.. وسلمتُها ورقة اعترافي، وأخذت تقرأ وهي تبكي. لقد رتبت لاحتجازي بموجب قانون الصحة العقلية مرة أخرى. وتم نقلي جواً إلى وحدة «دندي». كنتُ في حالة حرجة، ولذلك تم نقلي على الفور إلى وحدة المرضى الداخليين لمدة عام آخر من العلاج.
كنت راقدة في الفراش لا أستطيع الحراك إلا بكرسي متحرك، وتحت مراقبة مستمرة من الممرضات. عندما بلغتُ عامي الثامن عشر تم نقلي إلى وحدة متخصصة في اضطرابات الأكل للبالغين في «أبردين». هناك شعرتُ أخيرًا أنني قادرة على التعافي.
تم تدريبي على إمساك التقيؤ لأتعافى. لم أكن قادرة على الانغماس في عاداتي السيئة أكثر من ذلك. أغلقوا علي الغرفة حتى لا أتقيأ بعد الوجبات. وكانت نقطة تحول عندما فعلتها.
كنت أعرف أن هذا يكفي للتعافي وعلي أن ألتزم. اتبعت خطة غذائية مكونة من ثلاث وجبات خفيفة، وبعد ستة أشهر سُمح لي بمغادرة الوحدة. أعيش الآن مع والديّ في أبردين واكتسبت بثبات وزن ثلاثة أحجار. أتبع خطة وجبات متخصصة ومن المقرر أن أنتهي بالكامل من البرنامج بحلول يناير. أشعر بتحسن كبير بعد التعافي. لم أكن أعتقد مطلقًا أنني سأشعر بالسعادة مع نفسي عندما يكون وزني أعلى، لكنني أشعر بثقة أكبر مما كنت أشعر به من قبل.
العلاج بالموسيقى
أعيش كل يوم كما هو.. وأركز فقط على التمتع بصحة جيدة. يساعدني حبي للموسيقى، وكتابة الأغاني والعزف على الجيتار على التعافي. كنت أغني طوال حياتي. تعد الموسيقى أحد الأشياء الرئيسية التي أخرجتني من أحلك الأوقات. لقد أنقذتني وأعادتني مُفعمة بالفرح. فاضطرابات الأكل مميتة للغاية وقد يبدو التعافي مستحيلًا ولكن لا تقوم بذلك بمفردك. إن التواصل والصدق فيما تمر به؛ قد يُمّكن شخصًا ما من مساعدتك.