قصص ملهمة│لماذا تبرع «مارك دوناجتشيك» بـ 50 مليون دولار للأطفال في نيوزيلندا؟
عاش مارك دوناجتشيك حياة صعبة. بداية من اعتقاله في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حتى إجباره على ترك موطنه يوغوسلافيا. ربما هذا ما دفع «مارك» بعد أن أصبح واحدًا من أكبر رجال الصناعة والمطورين العقاريين في نيوزيلندا، أن يفكر في طريقة لرد الجميل إلى مجتمعه.. فماذا فعل؟
لم تكن التجارة وحدها التي شكلت مسيرة مارك دوناجتشيك المهنية وجعلته الشخصية التي أصبح عليها اليوم. بل الفضل يعود للتجارب الحياتية الصعبة التي مر بها. فمع عدم توافر سكن في ألمانيا بعد الحرب، كان الخيار الوحيد أمامه في ذلك الوقت هو العيش في منشأة سكنية للمعاقين عقليًا وجسديًا.
رؤيته للمعاقين أثرت في شخصيته
رأى «مارك» خلال تلك الفترة التحديات اليومية التي يواجهها زملاؤه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأدرك كم هو محظوظ بصحته. يقول «مارك»: «شعرت وسط هؤلاء الأقوياء الصامدين بنعمة الصحة، وقيمة أن تولد سليمًا. والآن بعد أن أصبحت في موقع يمكنني من خلاله تقديم مساعدة ما، فبطبيعة الحال أريد أن أفعل ذلك. أريد أن أرد الجميل للمجتمع الذي احتواني وضمد جراحي ومكنني من الوقوف على قدمي مرة أخرى». وهكذا قرر «دوناجتشيك» وهو في سن الخامسة والثمانين، بعد أن أصبح واحدًا من أنجح رجال الصناعة في نيوزيلندا، أن يحققق رغبته في رد الجميل للمجتمع الجميل الذي وقف في ظهره.
خمسون مليون دولار لأعمال خيرية
صار «دوناجتشيك» معروفًا بأعماله الخيرية بعد أن مول خدمة إنقاذ طائرات الهليكوبتر «Life Flight Trust» في البلاد. يقول «دوناجتشيك»: «بعد محادثة مع شريكي في العمل وشريكة حياتي؛ فكرنا لماذا لا نبني مستشفى للأطفال؟». وهكذا خصص 50 مليون دولار من أمواله الخاصة من أجل بناء مستشفى جديد للأطفال في ويلينجتون.
ينسب «دوناجتشيك» الكثير من الفضل فيما وصل إليه إلى زوجته التي استمرت علاقتهما معًا أكثر من 50عامًا. لكن «دوناجتشيك» لم تكن لديه مجرد الرغبة في وضع أمواله في المستشفى الجديد فقط. بل رغب في اتباع نهجٍ عمليٍ يضمن استمرار المشروع في خدمة المحتاجين. موضحًا: «من خلال الاستفادة من خبرتي كمطور عقاري، سنكون قادرين على إنتاج المزيد من العقارات أفضل من كتابتي لشيك وتركهم يقومون ببناء المستشفى».
وخلال الصيف الماضي، تجاوز البناء المرحلة الرئيسية. كما تم إزالة رافعات الدعم الصناعي من الموقع، مما يشير إلى اكتمال الجزء الخارجي، والاقتراب من تحويل الحلم إلى حقيقة.
التعاطف مع الآخر ضرورة انسانية
يقول بيل داي، رئيس مؤسسة مستشفيات ويلينجتون: «من المثير أن نرى أنه في غضون عام، سيتم تحقيق حلم طال انتظاره. وستكون لدينا منشأة رائعة جديدة ستساعد أجيالًا من الأطفال المرضى على الاستمرار في الحياة».
يقول «دوناجتشيك»: «لقد فكرتُ طويلًا أن هؤلاء الأشخاص الذين يولدون أصحاء بجسم وعقل سليمين؛ يمكنهم الاعتناء بأنفسهم. أما الذين يولدون بإصابة أو إعاقة جسدية أو عقلية ماذا سيفعلون؟ إنهم يحتاجون إلى مساعدتنا ودعمنا طوال الوقت. إنها قيمة الرحمة والتعاطف والاحساس بالآخر ومرضه». هكذا يضع رجل الصناعة مارك دوناجتشيك أمواله في بناء صرح عملاق، يأمل أن يوفر من خلاله حياة أفضل للأطفال وأن يسد احتياجاتهم من الدعم الطبي والمادي والمعنوي.