«بينوكيو».. حكاية دمية خشبية عشقت الكذب
يعود تاريخ “مغامرات بينوكيو”، الطفل الخشبي الذي يطول أنفه كلما يكذب- إلى فترة زمينة تتراوح بين 1881 حتى 1883. حينما أراد الكاتب الإيطالي الشهير كارلو كولودي، أن يكتب رواية يعوض فيها مشاعر الأبوة المحروم منها في الواقع. وترك لنا واحدة من أجمل الأعمال الأدبية والتي يشار لها كواحدة من الأيقونات التربوية، في مجال تربية الأبناء وتقويمهم على مجابهة الصعاب وترويض سلوكهم.
قدم لنا كارلو كولودي حكاية بسيطة، عن نجار فقير يعيش في أطراف إحدى القرى الإيطالية، ويشعر بالوحدة طوال الوقت، فصنع دُمية خشبية على شكل طفل صغير ليكون رفيقًا خياليًا له. حيث يتخيله طوال الوقت وهو ينهض، وهو يمشب، وهو يتحرك حوله طوال الوقت. وشعرت “حورية” أو ما نطلق عليها في ثقافتنا ساحرة أو جنية بمأساته، فأرادت أن تساعده من خلال نفخ الروح في هذه الدُمية الخشبية لتُصبحَ إنسانًا وهو «بينوكيو» الذي سيكون بطل سلسلة من الغامرات الشيقة والتي تعلق بها ملايين الأطفال منذ أن قدمتها «ديزني» إلى عمل كارتوني في عام 1940م.
قصة دُمية خشبية حرفتها ديزني
على غير العادة في هذه الفترة، لم يكن مطلع الحكاية التي كتبها «كارلو» تبدأ بـ «كان يا مكان.. كان هناك ملك أو أمير أو أميرة صغيرة». لكنه قال لهم: «كان هناك قطعة من الخشب!». فبدا أنه يحمل مجموعة من الفلسفات والأبعاد المجتمعية التي تعكس الفترة التي عاشها من سطوة الحكام والاحتلال البريطاني لبلاده. فأراد أن يكشف جانبا آخرًا من الحياة الإيطالية بعيدًا عن السياسة والمدينة. فكان بطلنا بيونيكو وصانعه من إحدى القرى النائية بإيطاليا. فهل كان أنف بيونيكو الذي يطول دليلًا على الكذب مثلما عمدت ديزني إلى توضيحه؟
أكد الكثير من النقاد على أن نسخة «بينوكيو» التي أنتجها والت ديزني في عام 1940، اتخذت مسارات وحكايات ليست لها علاقة بالقصة الحقيقية التي كتبها «كالدوني». والتي اُعتمدت بحوالي 250 لغة حول العالم.
في السلسلة المصورة التي أنتجتها شركة «ديزني»؛ يظهر «بينوكيو» وهو يحمل طباع الشخصية الشريرة منذ اللحظة الأولى لنفخ الروح به. حيث قام بركل النجار العجوز الذي صنعه السيد “جيبيتو”. وتسبب في دخوله إلى السجن بسبب عدم قدرته على تربية ابنه.
تنهض رواية «بيونوكيو» على أساس تعليمي وتربوي ضخم. ولم تكن أنف «بينوكيو» تطول عند الكذب مثلما يحدث على مدار السلسلة المصورة. ولكنه بعد أن قتل «الصرصار» وهو الشخصية التي أدت دور ضميره وصوت الحكمة الذي عاش في بيت العجوز أكثر من 100 سنة، أصبح أكثر عدوانية ووحشية. وقام بالعديد من أعمال السلب والسرقة والتهرب من التعليم. ولكن ثمة جانب مأساوي عقابي ناله هذا الطفل الخشبي بداية من الجزء السابع عشر للسلسلة.
ففي هذا الجزء يظهر الخشبي «بينوكيو» وهو مُعلق على جذع شجرة، بعد أن هرب من المدرسة وتعرض للجوع والوحشة. حتى اعترضته مجموعة من اللصوص وعلقته على الشجرة وأحرقت قدمه ومات.
ولكن الكاتب الإيطالي كارلو كالدوني أراد أن يكمل السلسلة بعد أن وجدت القصة صدى كبيرًا لها. وأراد رئيس التحرير تغيير تلك النهاية المأساوية، لتصبح نهاية سعيدة وأكثر حكمةً للأطفال. فأضاف الكاتب عشرة أجزاء أخرى للقصة تنتهي بنفخ الروح مرة ثانية في جسد بينوكيو المشنوق من قِبل الحورية وإعادة تربيته تربية صالحة على يدها.