حكايا ناس

«جون» يروي قصته من اضطراب ثنائي القطب إلى السجن ثم التعافي

سمعنا كثيرًا عن تأثير المرض النفسي أو العقلي على حياة الفرد، فقد يفقد المريض عمله أو أسرته، وربما يدخله السجن؟ خاصة إن كان «اضطراب ثنائي القطب». تحتوي قصة جون على العديد من التفاصيل بداية من تفاقم المرض معه، إلى السجن، ثم التعافي.

كان والده ووالدته بالتبني من الناجين من الهولوكوست. كما عانت والدته وجدته من نوبات اكتئاب حادة. ويعتقد أن جدته عانت أيضًا من اضطراب ثنائي القطب، في حين ظهرت أعراض «باركنسون» أو الشلل الارتعاشي على والدته عندما بلغت السبعين عامًا.

كل تلك الامراض انتقلت إلى «جون» بالوراثة. وتدخل عوامل أخرى أيضًا في الموضوع تتعلق بكيمياء الدماغ والشخصية وأحداث الحياة. لذلك يُعتبر تاريخ عائلة جون من أهم عوامل إصابته باضطراب ثنائي القطب.

الآثار المدمرة للمرض العقلي

في طفولته لم تظهر على «جون» أي أعراض لمرض عقلي. لكن مع مرور السنوات؛ بدأ يعاني من قلة النوم بسبب الدراسة، حتى أصبح ينام أربع ساعات فقط. ساعدته المنومات في البداية حتى أصبح مدمنًا. وفي النهاية، أصبحت غير فعالة، وعاد الأرق من جديد. وعلى الرغم من الأرق الدائم، صار جون طبيبًا ناجحًا. وفي بداية سن الأربعين عانى من نوبات هوس استمرت حوالي أربعة شهور، تلتها فترة اكتئاب. تم إعطاؤه مثبتات الحالة المزاجية مع مضادات اكتئاب وأدوية مضادة للقلق.

اضطراب ثنائي القطب
اضطراب ثنائي القطب
الأعراض الخطيرة

يمكن أن يعاني الأفراد المصابون باضطراب ثنائي القطب من تقلبات مزاجية حادة تتسم بما يلي:

1. نوبة هوس حادة: مزاج سيئ عصبي بشكل غير طبيعي مصحوب بزيادة الطاقة أو فرط نشاط الذي يضعف الأداء بشكل كبير.

2. نوبة الهوس الخفيف: مثل نوبة الهوس، ولكنها ليست شديدة بما يكفي للتسبب في مشاكل اجتماعية أو مهنية خطيرة.

3. نوبة اكتئاب كبرى: مزاج اكتئابي مستمر أو فقدان الاهتمام أو المتعة أو الشغف بشيء ما. أما الحالة المختلطة: تشمل أعراض كل من نوبة الهوس، ونوبة الاكتئاب الشديدة.

زادت على جون أعراض الحزن، والشعور بانعدام القيمة، والإحساس بالذنب، وفقدان الشغف بالأنشطة الممتعة سابقًا، التعب أو فقدان الطاقة، اكتساب أو فقدان قدر كبير من الوزن، الشكوى من الألم، أفكار أو خطط انتحارية.

أصبح جون سليط اللسان مع زوجته وبدأ يجزع مع مرضاه ولكنه ظل ناجحًا كجراح قدم في مجموعة تقويم العظام. خلال هذا الوقت، بدأ يعاني من رعاش اليد، والأعراض المبكرة لمرض باركنسون أو الشلل الارتعاشي، وإعتام عدسة العين، وكان بحاجة إلى جراحة استبدال الركبة. تسببت مشاكله الجسدية المتصاعدة في وقوعه تحت تأثير اكتئاب حاد. فقد السيطرة على نفسه في هذه المرحلة، بل لم يعد متحكمًا في تقلباته المزاجية الشديدة، الأمر كان صعبًا على عائلته؛ لدرجة أنه اعتدى على زوجته ونجت منه بصعوبة، وتم القبض عليه، وسُجن لمدة ثمانية أشهر.

بداية العلاج

خلال سجنه عرف Life skills South Florid التي غيرت حياته كليًا، وهي المجموعة الطبية التي تقدم العلاج والدعم الكامل لمرضى اضطراب ثنائي القطب، حيث جاء الدكتور دانيال بوبر، المدير الطبي لمهارات الحياة، إلى السجن لرؤيته، وبعد عدة محادثات، قررت أنه لم يكن يعاني من نوبات اضطراب ثنائي القطب. فقد تؤدي الأدوية الموصوفة لعلاج مرض الشلل الارتعاشي إلى تفاقم هوسه. يقول: «الفترة الماضية لم أكن أنا بل كان الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب. كنت أعلم أنني بحاجة إلى المساعدة، وساعدتني Lifeskills في تغيير حياتي».

أوصى الدكتور بالعلاج السلوكي المعرفي (CBT) بجانب الأدوية اللازمة للعلاج حيث يركز نهج العلاج السلوكي على على آليات تغيير السلوك من خلال تطبيق مهارات محددة. كما يحدد العلاقة بين إدراك المريض وعواطفه والتي تساهم في تغيير السلوكيات.

يتذكر جون شعوره عندما وصل إلى Lifeskills تحدثوا معي كإنسان. شعرت كما لو كنت مهمًا. عاش جون ثلاثة شهور في بيئة علاجية لم تركز فقط على مشكلته المرضية بل استهدفت الاضطراب الأساسي الذي كان يساهم في حدوثها. كان للمعالج الأساسي، أوستين سيليستين، تأثيرًا كبيرًا على جون، حيث جعله يشعر أنه في مكان آمن للتعبير عن مشاعره بحرية وأن مشاعره مقبولة ويمكنه المضي قدمًا في حياة التعافي من اضطرابه. وهكذا تصدى فريق العلاج الخاص بجون للتحديات التي كان يواجهها يوميًا ومكّنه من التعافي على المدى الطويل.

العودة للمنزل بعد العلاج

عاد جون إلى منزله بعد العلاج بعدما أدرك أن المرض العقلي كاد أن يفقده وظيفته وعائلته وحريته وأصدقائه. يقول: عندما تكون مصابًا بمرض عقلي، فإن الناس لا يفهمون، وبعض الأصدقاء لا يعودون. لدي أفراد من الأسرة لن يتحدثوا معي أو مع زوجتي بعد الآن. إنه مؤلم، لكني أحاول ألا أنظر إلى الماضي بل اتطلع للأمام واحاول بدء حياة جديدة.

يذهب جون الآن إلى صالة الألعاب الرياضية كل يوم تقريبًا ويتجنب الكحول والمخدرات والكافيين. تعتبر مجموعات الدعم جزءًا أساسيًا من روتينه، كما يأخذ دورات في الكمبيوتر. ويواصل رحلة التعافي من خلال مشاركة قصته مع آخرين يعانون من مشكلات مماثلة. ويتفانى في حب عائلته خاصة زوجته الذي أصبح يقدرها عن ذي قبل.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى