مطرب «لولاكي» | علي حميدة.. رحلة بين الصعود السريع والهبوط المدوي
فمع نهاية ثمانينيات القرن الماضي وبالتحديد عام 1988، ظهر شاب من عرب محافظة مرسى مطروح بأغنية لم يقف صداها عند حدود بلده وحدها، حيث امتد إلى كافة أقطار الوطن العربي.
قدم علي حميدة أغنية «لولاكي» التي استطاعت أن تباع بما يقرب من 6 ملايين نسخة حول العالم، في نجاح ساحق لم يصل إليه أحد من الفنانين في ذلك الوقت.
قفزة لولاكي
لم يتوقع أحد أن يحقق علي حميدة نجاحا كبيرا، كان قد سبقه منير والحجار والحلو وعمرو وفؤاد، حتى جاءت قفزة «لولاكي».. هذه الأغنية التي نجحت بشكل غريب وجارف لدرجة أنه قيل وقتها: «منتج الألبوم الذى يضم الأغنية كان يحصل فلوس الأرباح فى «أجولة» والفلوس التى تقع من الشوال لا يلتفت إليها خوفا من أن يتجمع حوله الناس وينقضوا على ما معه».
حديث الجميع
أصبح ألبوم «لولاكي» حديث الجميع والأكثر مبيعًا بشكل لم يحققه ألبوم قبله أو حتى بعده.
تهافت الكل على هذا المطرب الذى صار ظاهرة، في زمن غابت عنه الفضائيات، وإلا كانت قد تضاعفت مكاسبه.
كانت نجاحاته الجماهيرية خيالية وغير متوقعة، وأصبح «حميدة» أشهر مطرب فى جيله رغم أنه الألبوم الأول له.. وأصبح حديث الجميع ما بين معارض ومساند لهذا النجاح.
مفيد فوزي وحلمي بكر
اللون الجديد أو الغريب الذي أدخله علي حميدة على الأغنية المصرية.. كانت له أقلام وتصريحات النقاد بالمرصاد.. وكان أكثر المهاجمين له.. بل وأشدهم عنفا في الهجوم كان مفيد فوزي وحلمى بكر الذى اشتهر وقتها بأكثر الملحنين هجوما على مايسمى بالأغنية الشبابية وقتها.
الأسطوانة البلاتينية
ورغم النقد اللاذع والشديد استمرت نجومية علي حميدة في الصعود السريع واستطاع تحقيق «الأسطوانة البلاتينية» ووضع نفسه فى مصاف أكثر نجوم الغناء على مستوى العالم تحقيقا للانتشار.. بل وكسر كل حدود النجاح ووصل لأعلى سقف في تحقيق المبيعات.
منحنى الهبوط
لم يستطيع علي حميدة استثمار نجاحه الساحق.. وبدلا من أن يفرح به ويبحث عن كيفية الاستفادة منه تفرغ للدفاع عن نفسه وتبرير نجاحه وتبرئة نفسه من شائعات نسبت إليه وتصريحات أوقعته في دائرة المشاكل.
ولأن تركيزه كان فى الدفاع عن نفسه أكثر من تركيزه فى الفن.. لم تحقق ألبومات علي حميدة التالية نفس نجاح «لولاكي» وإن حققت أعلى المبيعات إلا أن الهجوم تحول الى شكل آخر بوصفه صاحب نجاح الأغنية الواحدة.
مطرب الأغنية الواحدة
بدأت سلسلة إقناع الجمهور بفشل علي حميدة فى أن يستمر على القمة إلى أن صدق الجمهور.. حاول صاحب «لولاكي» الاستمرار ونجح في تحقيق ثروة طائلة ولكن يبدو أن هذا النجاح لم يكن على هوى البعض الذين قرروا حربه فى الخفاء فكما يقول حميده نفسه إنه تورط فى جريمة اتهموه فيها ولم يفعلها.
سقوط مدوي
وظل علي حميدة يبحث عن البرأة أمام المجتمع قبل القضاء إلا أنه فشل في إثبات برأته، لتأتي الضرائب لتطالبه بـ13 مليون جنيهاً وتحجز على كل ما يملك، ويسدل الستار على نجومية نجم كان على القمة وتحول من رجل ثري يملك الملايين إلى فقير لايملك الملاليم.
نهاية حزينة
تخلى الجميع عن علي حميدة، حتى وصل إلى محنته الأخيرة واستعمر المرض جسده واستسلم بعد أن وهن جسده ولم يجد ثمن علاجه.
بدأ يستغيث ويبكي ويسأل العلاج لانه لا يملك المال الذى يداوى به وجع الجسد أما وجع الروح فقد نساه أو تنساه بعد أن مر العمر.. وفي الوقت الذي تخلى عنه الجميع كانت وزيرة الصحة الأسرع في الاستجابة وقررت علاجه على نفقة الدولة.
مأساة علي حميدة تكمن في أسلوب تعاملنا مع النجاح.. إذا لم تستطع أن تتجاوزه لن يكتفى بأن يتجاوزك.. بل يقتلك أيضا.
اللحظات الأخيرة
في الثالث من شهر فبراير، أصر الفنان الراحل علي حميدة على مغادرة مستشفى معهد ناصر، الذي كان يتلقى فيه علاجه على نفقة الدولة، مفضلا العودة إلى مسقط رأسه بمحافظة مطروح لاستكمال فترة علاجه وسط أسرته بعد تحسن ملحوظ فى حالته، وبعد استئذان الفريق المعالج له.
وداخل بيت شقيقته في مطروح قضى مطرب الأغنية الشهيرة «لولاكي» أيامه الأخيرة وسط أشقائه وأولادهم، حتى تدهورت حالته الصحية بشكل ملحوظ فى الساعات الأخيرة مما اضطر الأسرة الى نقله الى مستشفى مطروح العام لكنه لفظ أنفاسه فى الطريق إلى المستشفى مساء الخميس الماضي.
وحكى «عادل نافع» ابن شقيقة الفنان الراحل على حميدة كواليس الأيام الأخيرة فى حياة خاله، مضيفا: «خالي توفى عقب صلاة العصر مباشرة، بعد أن تدهورت حالته بشكل مفاجيء، كان يقيم معنا فى البيت منذ مغادرة المستشفى فى بداية الشهر الجاري، وكنت أرافقه منذ بداية رحلة علاجه».
ويكمل نافع: «فى الـ 24 ساعة الأخيرة من حياته كان يشعر بدنو أجله وأتى لزيارته عدد من شيوخ مطروح للاطمئنان على صحته وتبادلوا معه الذكريات ورغم أن المجلس كان يعج بالصوت العالي الا أنه لم يشعر بأى ضيق منه وكان مبتسما طوال الوقت».
وعن آخر ما طلبه المطرب الراحل قبل وفاته مباشرة قال ابن شقيقته: «طلب حضور أمي إليه، كان مرتبطا بها للغاية وكانت أقرب شخص إليه، وطلب منها أن تسامحه كما طلب مني ذلك».
وعانى الفنان الراحل علي حميدة من السرطان خلال الفترة الأخيرة إلى جانب معاناته من مشاكل صحية في الكلى وحصوات في المرارة.
وأعلنت أسرة المطرب الراحل وفاته مساء الخميس عن عمر يناهز الـ 55 عاما بعد صراع مع المرض.
Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email