سببها الطمع والجشع | «المستريح».. ظاهرة جديدة تعيد إلى الأذهان شركات توظيف الأموال
«المستريح».. ظاهرة طفت على السطح في الآونة الأخيرة في محافظات مصر، وأثارت تساؤلات عديدة حول أسبابها وتأثيراتها على المجتمع والاقتصاد.
قضية المليار ونصف
وكانت حادثة «مستر حسين» الذي يقول أهالي مدن بني مزار ومغاغة والعدوة بالمنيا إنه استولى على قرابة 1.5 مليار جنيه منهم في عملية نصب كبيرة، قد لفتت الأنظار بشدة مع عدم وضوح أسباب ثقة الناس في هؤلاء الأشخاص دون ضمانات كافية.
وكان المستشار أبو الوفا عيسى المحامي العام لنيابات شمال المنيا، قد أمر بحبس «حسين. ا. ا» 42 سنة، المعروف باسم مستر حسين مقيم بقرية قفادة بمركز مغاغة في المنيا، والمعروف إعلاميا بمستريح المنيا، وأحد معاونيه «علاء. ا. ع» على ذمة التحقيقات.
تجارة الأغذية والصابون
ويلعب «المستريح» على ضحاياه بإيهامهم بقدرته على تحقيق أرباح تفوق تلك التي تعطيها البنوك للمودعين، وذلك عن طريق التجارة التي تكون معظمها في المواد الغذائية أو أداوت التجميل والصابون.
وتقول «سها.ع» موظفة، إنها استثمرت أموالها لدى شخص ادعى أنه يتاجر في المواد الغذائية وأنها تدر أرباحا كثيرة وقامت هى وأسرتها فقط بإعطائه مبالغ مالية تجاوزت 350 ألف جنيه، وتبين أنه جمع الملايين من هذا الأمر ثم ادعى أنه تعرض للنصب بعد ذلك لتبدأ رحلة البحث عن استرداد الحقوق.
أجهزة الكمبيوتر
أما «علاء.ج» فقال إن أحد الأشخاص أوهمه أنه يتاجر في شاشات الحاسبات الآلية المستعملة وأنه يحضر صفقات من الخارج تباع بأسعار وتحقق ربحية عالية في مصر.
وأضاف أن التاجر حصل منه على مبلغ ثم رده إليه بربحية عالية، ثم تكرر الأمر مع أفراد من أسرته حتى حصل منهم فقط على 300 ألف جنيه، وفي صباح يوم مشؤوم علم بخبر سفر هذا «المستريح» بعد أن جمع مبالغ تقدر بحوالي 30 مليون جنيه ثم اختفى دون أن يحصل أغلب الناس على أموالهم.
الاستثمار في التكاتك
أما «جمال. ص» الذي يعمل في مهنة معلم، فأكد أنه تعرض للنصب بعد أن أوهمه أحد الأشخاص ويدعى «حمادة» بأنه يستثمر في تجارة قطع غيار «التوك توك» وحصل منه على 45 ألف جنيها واضطر لسحب قرض من البنك لإعطائه المبلغ، وبدأ حمادة يعطيه مبالغ شهرية لمدة شهرين أو ثلاثة قبل أن يختفي بالمال.
واتضح فيما بعد أنه قد نصب على عدد كبير من الأشخاص في المدينة، وقد حصلوا على أحكام ضده بالسجن إلا أن اختفاءه حال دون تنفيذها حتى الآن.
الطمع والجشع
من جانبه، قال رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية وأستاذ الاستثمار والتمويل الدولي رشاد عبد الله، إنه لا يمكن اعتبار «المستريح» ظاهرة لأنها حالة أو اثنتين أو حتى عشر حالات، وهى نسبة قليلة مقارنة بتعداد السكان في مصر وحجم البلاد، موضحا أن هناك مشكلتين الأولى تتعلق بالمواطن الذي يدفع المال والآخرى تتعلق بالنصاب.
وأوضح «رشاد» أن الجشع هو العامل الأساسي في هذه العملية إضافة إلى الجهل أحيانا والفساد في أحيان أخرى.
ولفت إلى أن انخفاض نسبة الفائدة في مصر مدعاة لتشجيع الاسثمار في البنوك، منوها إلى أن الأفراد في الغرب لا يقومون بعملية كنز الأموال بالبيوت كما يجري في مصر ويعتبرون المال في البنك مضمونا بشكل أكبر من إمكانية صرفه أو تعرضه للسرقة.
وأشار إلى أن المواطن الغربي اعتاد الإنفاق الكثير والحصول على دخل كثير والعيش في رفاهية بسبب الإنفاق مع زيادة الإنتاج، إلا أن المواطنين في مصر أحيانا يبحثون عن النصاب بأنفسهم ويطمعون في الفوائد والعوائد التي سيحصلون عليها دون التركيز على الضمانات بشكل فيه طمع كبير ورغبة في تحقيق أرباح كبيرة.
بناء الثقة
أما هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، فتؤكد أن النصاب يقوم بإجراءات لبناء الثقة بمعنى أنه يقوم بتجنيد أناس يشيعون أنهم يحصلون على فوائدهم بانتظام، وعندما يدخل في دائرة النصاب أحد الضحايا فإنه يتولى بنفسه الترويج للنصاب أو المستريح، لأنه كلما حصل على فوائد لمدة شهر أو شهرين فإنه يتحول لوسيلة دعاية بين الناس خاصة وأن الربحية الممنوحة تزيد بشكل لا يصدق عن ربحية البنك.
وأشارت إلى أن بعض من يروجون للأمر يكونون إما مجندين من النصاب وإما أناس بالفعل بدؤوا في الاستثمار لدى هذا الشخص، وحصلوا على بعض الأرباح، وهنا تبدأ ثقة الناس تتشكل عبر القصص التي يتم ترويجها، ويحاولون طمأنة أنفسهم عبر إقناع من حولهم بالاستثمار معهم، وأحيانا يكون الشخص التاجر قد بدأ بداية طبيعية لكن عند زيادة رأس المال في يديه يبدأ في التحول إلى نصاب.
بدائل لإرضاء العملاء
وترى أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، أن علاج هذا الوضع يجب أن يكون عبر توفير بدائل للاستثمار وعدم تركه للبنوك فقط، مشيرة إلى أن تخفيض الفائدة بالبنوك لا يكون جاذبا للناس، والحل يكمن في إنشاء بيوت خبرة بحماية قانونية تجمع بين أصحاب الأفكار والأموال، فضلا عن أشخاص يملكون قوة العمل في إطار قانوني وتكوين فريق عمل مشترك من هؤلاء ينجح في تحقيق ربحية عالية تكون قائمة على الابتكار في المشروعات.
Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email