مارس شهر المرأة

أمهات بالتبني غيرن حياة أطفالهن

«إذا سألتني منذ ست أو سبع سنوات، أين ترى نفسك في المستقبل؟ كنت سأقول إنني سأموت. اسألني الآن وسأخبرك كم أنا ناجح». جاءت تلك العبارة على لسان أحد الأشخاص الذين غير التبني حياتهم، أصبحوا ناجحين في حياتهم، تفخر بهم أسرهم الحاضنة.

الأفغاني والأم الإنجليزية

استقبلت السيدة «فال»، الطفل «نور الله»، طالب لجوء أفغاني، وهو في الرابعة عشر من العمر. أمضت «فال» سنوات عديدة في رعاية الكثير من أطفال أفغانستان.

«كنتُ مرعوبًا بشأن مستقبلي». هكذا يقول «نور الله» وهو في الرابعة والعشرين من العمر حاليًا، وأب لطفلين، ويعيش بالقرب من والدته بالتبني في «إيست ميدلاندز» في إنجلترا.

يقول «نور الله»: «استغرقت رحلة اللجوء من أفغانستان إلى المملكة المتحدة ما يقرب من عام. بعد شهور في اليونان وتركيا، تم إحضاري من فرنسا في شاحنة، ونزلت في محطة بنزين. طُلب مني السير إلى المدينة، جائعًا وعطشًا وغير قادر على التحدث باللغة الإنجليزية، لم يكن لدي أية فكرة عما أفعله. لحسن الحظ، وجدتُ مجموعة من الأولاد الأفغان في المدينة الذين نقلوني إلى أخصائيتهم الاجتماعية».

نور الله ووالدته فال
أمهات بالتبني- نور الله ووالدته بالتبني فال
لغة الأمومة أكبر من الإنجليزية

«ما زلتُ أناديها “أمي” حتى الآن». يقول «نور الله» إنه عندما وصل إلى منزل «فال» لأول مرة، كانت ترعى صبيًا آخر من أفغانستان أيضًا. ومع ذلك لاحظت خوفه ومعاناته المتكررة مع الكوابيس. «كانت تسهرُ معي الليل؛ تتحدث معي وتحكي لي الحكايات، ولا تتركني حتى تتأكد أني هدأت ونمتُ تمامًا». لم تصبح الإنجليزية عائقًا بالنسبة لـ «نور الله»، بالعكس هي لم تكن عائقًا منذ البداية.

تقول «فال»: «لن أنسى أبدًا اللحظة التي وصل فيها نور الله إلى منزلي. بدا حزينًا وخائفًا ولم يستطع التحدث بالإنجليزية. تواصلنا يومًا بعد يوم بلغة الإشارة، وشكلنا رابطة محبة وثيقة. حاليا، نور الله يعتني بي، وليس العكس. أنا فخورة جدًا به، وتسعدني تربية أطفاله».

يقول «نور الله»: «دعمتني في كل مشكلة واجهتها، وساعدتني على فهم عالمي الجديد. اعتنت بي كما لو كنت طفلها. الآن لدي أطفال في سن الخامسة والثالثة، ينادوها بـ “ناني”. وعلى الرغم من تقاعدها مؤخرًا إلا أنها استمرت في استقبال الأطفال اللاجئين والكثير منهم أفغان مثلي. تخبرهم أنهم سيكونون آمنين وسيحصلون على الاعتناء الذي يستحقونه».

آشلي ووالدتها بالتبني كلير
أمهات بالتبني- آشلي ووالدتها بالتبني كلير
عانت من الدراسة لكن دعم أمها ساعدها على اجتياز الماجستير

«عانيتُ من صعوبة الدراسة، خاصة بعدما أدركتُ إنني لن يمكنني العيش مع أمي مرة أخرى». تروي «آشلي»، وهي في الحادي والعشرين من عمرها حاليًا، أن انفصال والديها أثر عليها، فبعد فترة من العيش مع والدها، أودعت في دار رعاية للأطفال وهي في الرابعة عشر من عمرها.

تقول «آشلي»: «اعتقدت أن الحياة في دار الرعاية ستكون قاتمة، لكنها لم تكن بأي حال من الأحوال بالسوء الذي كنت أخشاه بسبب رعاية «كلير» لي».

كانت السيدة «كلير» صاحبة الـ 63 عامًا، مسؤولة عن رعاية «آشلي»، ولأنها شعرت منذ رؤيتها لأول مرة أنها في حاجة لإحداث فرق في حياتها، قررت اصطحابها للعيش معها في منزلها. تقول «كلير»: «كانت آشلي فتاة هادئة وخجولة ومهذبة وحذرة، تميل إلى مساحتها الخاصة».

تقول «آشلي»: «كانت «كلير» رائعة حقًا، لقد جعلتني أشعر بأنني جزء من عائلتها بكل بساطة. أخذتني للتسوق، وشاهدت معي دراما الجريمة المفضلة لدي NCIS. لا أنسى أيضًا يوم شاركتني في الاستعداد لحفلة موسيقية. وكيف ساعدتني في اختيار فستان وقبعة. كانت تلك لحظة مؤثرة فعلًا».

عانت «آشلي» في البداية من الدراسة، لكن «كلير» ساعدتها على اجتياز شهادتها الجامعية، ثم الماجستير. تقول «آشلي»: «حزنت عندما خرجت آشلي في سن 18 من أجل استكمال دراستها، لكني أدركتُ أن هذا هو الوقت المناسب. ساعدتها في زيارة جميع الجامعات قبل أن تختار بليموث. عندما أخبرتني أنها تدرس الماجستير، كنت فخورة بها جدًا».

«عانيتُ حقًا مع التحصيل التعليمي، ولكني الآن لدي شهادة الثانوية العامة، ومستويات A، وشهادة جامعية». هكذا تروي «آشلي»: لقد ساعدتني كلير أيضًا عندما غادرت المنزل لاحقًا لدراسة علم الجريمة والعدالة الجنائية في جامعة بليموث، وجدت نفسي أتأثر بشدة. اليوم، أدرس الماجستير في نفس التخصص. عندما أخبرت كلير بالأخبار، شعرت بسعادة غامرة. بدون كلير، لم أكن ألتحق بالجامعة على الإطلاق. لقد غيرت حياتي، جعلتني أشعر أنني جيدة».

آشلي ووالدتها بالتبني كلير
أمهات بالتبني- آشلي ووالدتها بالتبني كلير
الباكستانية والممرضة الإنجليزية

تعيش الصحفية الطموحة «اقرا» مع الممرضة «ناتالي» التي تحولت إلى حاضنة في شرق ميدلاندز. تحكي اقرا، خريجة الجامعة، البالغة من العمر 22 عامًا، إن ناتالي غيرت حياتها بسبب رعايتها.

«ذهبتُ إلى دار الرعاية في سن 15 بسبب الإهمال. انفصل أبي وأمي عندما بلغت عامي الثالث عشر. لم تتجاهلني أمي عن قصد، بل وجدت صعوبة في التعامل مع ما حدث. ذات يوم، أخبرتُ مدرستي واتصلوا بالرعاية الاجتماعية».

«بدت «ناتالي» متوترة في البداية، مثلي تمامًا». هكذا تقول «اقرا» وتضيف: «عرّفتني على عائلتها، وقدمت لي جولة في المنزل وأطلعتني على غرفتي. ثم ثم شغلت بعض الأفلام. تلك اللفتة الصغيرة كانت تعني لي الكثير. فأنا من أصل باكستاني، وفكرة العيش مع عائلة بريطانية؛ أقلقتني كثيرًا، خشيتُ ألا يتقبلونني، لكن ذلك غير صحيح.. في الواقع، كانوا نسمة هواء نقي».

تقبل ودعم رغم المرض

تقول «اقرا»: «ولدت مصابة بالسنسنة المشقوقة أو ما يعرف بتشقق العمود الفقري (حيث لا يتشكل العمود الفقري والحبل الشوكي بشكل صحيح في الرحم)، استخدم كرسيًا متحركًا للتجول، لكن ناتالي عاملتني كطفلة عادية منذ أول لحظة. أظهرت ثقتها واهتمامها بي، وشجعتني على تعلم القيادة، الأمر الذي لم أكن أعتقد أنه سيكون ممكنًا. أشعر إنني أعيش حياة أسرية عادية وكأنني في بيتي. كما تخرجت مؤخرًا من الصحافة، وأحلم بالحصول على وظيفة في الإعلام».

الصحفية اقرا التي تبنتها ناتالي
الصحفية اقرا
“أخذوني أنا وأخواتي والآن أريد مساعدة الآخرين”

في عمر التاسعة؛ انتقلت «سام» وشقيقتاها الأصغر سنًا مع أنيت وأندرو في جنوب شرق إنجلترا قبل عشر سنوات. «سام» الآن أخصائية اجتماعية طموحة، مصممة على مساعدة الأطفال الآخرين المحتاجين.

تقول «سام» البالغة من العمر عشرين عاما الآن: «ذهبتُ إلى الرعاية لأول مرة عندما كان عمري ثلاث سنوات بسبب الإهمال. بعد ست سنوات، انتقلت للعيش مع أنيت وأندرو. لحسن الحظ، جاءت أيضًا الشقيقاتان الصغيرتان. عندما وصلت أنيت وأندرو لأخذنا، وضعوا بالونات على سيارتهم وطلبوا منا مطابقتهم على عمود الإنارة خارج منزلهم. قالوا لنا أن علينا رصد البالونات. فجأة، تحول خوفي وتوتري إلى متعة وإثارة. وعلى الرغم من ذلك كنت منغلقة جدا في البداية، وصعب عليّ الانفتاح والثقة بالآخرين في دار الرعاية. ومع ذلك جعلاني اندمج في كل شيء وشجعاني بلطف على الخروج من عزلتي. كلما شعرت بالضياع، ساعدوني في العثور على الاتجاه، وقدموا لي النصيحة بأن “أكون على طبيعتي وأفعل ما أريد».

عائلة حقيقية جعلتها أمًا هي الأخري لغيرها من الأطفال

«لقد ظل أندرو وآنيت بجانبي لأكثر من نصف عمري. ولذلك أعتبرهم عائلتي، وسأظل ممتنة لهما طيلة حياتي». هكذا تروي «سام»، وتضيف أنها تدرس لتصبح أخصائية اجتماعية. وخلال رحلتها الدراسية قابلت مزيجًا من الأخصائيين الاجتماعيين الجيدين والسيئين، قائلة: «أنا مصممة أن أكون واحدة من الجيدين للأطفال الآخرين مثلي».

تقول «آنيت»، (56 سنة)، المسؤولة عن رعاية «سام»: «أحب أطفالنا الذين وُلدوا معنا، نرعى أكثر من ثلاثين طفلًا منذ 21 عامًا. إن في رعاية الأطفال سعادة بالغة. كانت لحظة فخرنا الأولى عندما طُلب منها أن تؤدي مسرحية عيد الميلاد في مدرستها الابتدائي، على الرغم من كونها في السنة الخامسة فقط. منذ ذلك الحين، أذهلتنا سام بحنانها وإنسانيتها الحقيقية، قادرة على التوازن ومصصمة على النجاح. نحن فخورن جدا بها اليوم فبعد عملها الجاد في العديد من الوظائف ادخرت ما يكفي لتأمين سيارتها الخاصة، والتي قدمناها لها بمجرد اجتيازها الاختبارات. أعتقد أن هذا يقول كل شيء».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى