لايف ستايل

لماذا نميل إلى كشف أسرارنا في المقاهي وصالونات التجميل؟

علم النفس يفسر الظاهرة..

من الطبيعي أن نثق ببعض أقربائنا وأصدقائنا، لكن الغريب هو مشاركة الغرباء بالكثير من المعلومات والتفاصيل عن حياتنا.

اهتمام علمي

نمط “الثقة في الغرباء” المنتشر بين الناس أثار انتباه علماء النفس ودفعهم إلى البحث وراء دوافع مشاعرنا بالثقة والحميمية مع أناس لا نعرف عنهم شيئاً، لمجرد وجودنا معهم في غرفة انتظار واحدة مثلاً.

وفي أبحاث أجراها عالم الاجتماع بجامعة هارفارد ماريو لويس سمول عام 2017 ووضعها في كتابه Someone to Talk To، جاءت الأسباب متباينةً بشكل كبير.

 

المعارف غير الوطيدة

بحث عالم الاجتماع “سمول” وجد أن ما يقرب من نصف الأشخاص الذين نناقش معهم أمورنا الشخصية المهمة ليسوا ضمن “الدائرة المقربة” منا من الأساس.

وأشار إلى أننا نعتمد فعلاً على دعم دوائرنا الخاصة، لكننا أيضاً نستمد الدعم من علاقاتنا الضعيفة بالزملاء والمعارف العامة.

وتشير النتائج التي خلص إليها “سمول” إلى أنه بينما نستثمر في الأشخاص القريبين منا، يتعين علينا أيضاً بذل جهد لجعل أنفسنا متاحين للتعارف على الأناس العابرين أيضاً.

مشاعر الوحدة

ولفت الباحث إلى أن مشاعر الوحدة في ارتفاع مستمر في عصرنا الحالي، بسبب الاستخدام الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي ومعدلات العيش بشكل منفرد لأسباب العمل، ولاعتياد أغلبنا على النظر في هواتفنا عوضاً عن النظر للشخص المجاور لنا في الأماكن العامة.

وحذر أن الأشخاص الذين يمرون بمأزق حقيقي، ليسوا أولئك الذين لا يستطيعون تسمية ثلاثة أو أربعة أشخاص مقربين منهم، بل أولئك الذين لا يصادفون أي شخص بشكل منتظم على مدار أيامهم.

 

بحث أخر

بحث آخر لعلماء النفس بجامعة كولومبيا عام 2013، اتضح أن إجراء المحادثات القصيرة مع النادل في المقهى أو البائع في أحد المحلات حسنت الحالة المزاجية للناس وزادت من شعورهم بالانتماء.

وهي النتيجة التي توضح هذا الميل الشائع للبوح بالمشاعر والتفاصيل الخاصة لأناس لا تربطنا بهم أي معرفة مسبقة.

شعور مزيف

وفي ظل ظروف معينة عندما نجلس على متن قطار أو نعلق في مصعد مزدحم أو نتشارك سيارة أجرة قد نشعر بالألفة لمجرد وجودنا في مساحة شخصية متقاربة عادةً ما نسمح بها فقط للأصدقاء الحميمين؛ وهو ما يجلب شعوراً زائفاً بالحميمية يستدرجنا تدريجياً للتخلي عن حذرنا وتحفّظنا ونبدأ بالكشف عن أنفسنا للآخرين.

رد فعل مماثل

حلقة المشاركة بالمشاعر والأسرار الخاصة تؤثر على الطرفين بنفس القدر كذلك، لأن المستمع يجد نفسه مدفوعاً إلى مشاركة معلومات خاصة عن نفسه أيضاً في نمط من المعاملات بالمثل مع الآخرين.

ويمكن لقاعدة المعاملة بالمثل أن تدفع كلا الطرفين إلى الكشف عن المزيد والمزيد من المعلومات الأكثر خصوصية.

 

الصفحة البيضاء

هناك فوائد أيضاً لـ”الصفحة البيضاء” التي نحظى بها عند الحديث مع شخص لا نعرفه؛ في حالة تشبه الراحة مع المعالج النفسي الذي تقوم بمشاركة كل شيء معه من الصفر، دون أن تعلم أي شيء عنه في المقابل.

ويقول عالم النفس الشهير سيجموند فرويد عن هذا الأمر: “يجب على المعالج أن يكون مبهماً لمرضاه مثل المرآة.

ويجب ألا يظهر لهم أي شيء سوى ما يظهرونه هم له”؛ لأنه على النقيض من ذلك، قد ينهال عليك الشخص المقرب بسلسلة من التطمينات أو الاقتراحات حول كيفية التعامل مع الأمور بحسن نية منه، وهي المشاركات التي لا تكون مفيدة في كثير من الأحيان، وتُمثل عبئاً فيما بعد على المشاعر.

محادثات عميقة

وفي مقابلة لسائق أجرة أمريكي مع صحيفة Pittsburgh Tribune-Review الأمريكية، قال الرجل البالغ من عمره 50 عاماً: “سمعت العديد من الاعترافات غاية في الخصوصية خلال السنوات العشر التي قضيتها كسائق أجرة.

وتابع: مثلاً في رحلة إلى المطار مؤخراً، كشف لي الراكب الشاب أنه يعاني من الإدمان وهو متجه إلى مركز لإعادة التأهيل بعد أن شاهد أحد أصدقائه يموت بسبب تدهور حالته الصحية نتيجة إدمانه”.

ويضيف السائق إنه شعر بمسؤولية مشاركته بهذا السر، فأثنى على الراكب وشجعه على الصمود والتعافي وبدء حياة جديدة.

وقال السائق إن ركابه من الأزواج يتجادلون أمامه في بعض الأحيان ويُشهدونه على ما وقع بينهم ويطلبون منه النصيحة.

وأضاف: “أنا مجرد سائق غريب عنهم ولا أعرف أي شخص يعرفونه، ولا أعرف أسمائهم، لذلك عادة ما يكونون أكثر استعداداً لمشاركة الأشياء معك”.

واختتم أنه في كثير من الأحيان يريد الناس شخص يستمع إليهم فقط، حتى وإن لم يمتلك إجابات تساعدهم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى