حكايا ناس

محمد عبدالعاطي.. بطل استثنائي في لعب الكرة ويحلم بـ«الطب»

يُدهشك مجرد رؤيته يلعب الكرة بشكل محترف.. تتابعه عيناك وعقلك يفكر فيما وعد الله به الصابرين من جبر وتطييب للخاطر.

فمثله لا بد أن له مكانة مع الصابرين، فهو الشاب الذي فقد ساقيه بالكامل منذ أن كان عمره 4 سنوات، حيث كان البتر هو الوسيلة الوحيدة للإبقاء على حياته.

لم يجزع الطفل الذي كان يملأ الحياة صخباً وشقاوة ولم تجزع أسرته كذلك، عندما أراد الله أن يفقد ساقيه بالكامل في عمره الرابع.. وعاش الجميع على الأمل في غد أفضل.

يعيش الشاب محمد عبدالعاطي، صاحب الـ17 عاما، حياته حاليا بشكل طبيعي، ويمارس لعب كرة القدم بيديه بديلاً عن قدمه.

الأدب في البلاء

«تأدب في بلائك وتوجع بالحمد فأنت في حضرة قضاء الله وقدره» هي الحكمة التي يتخذها محمد نبراساً لمسيرته، فبدأ في ممارسة الرياضة منذ 6 سنوات عندما كان سنه 11 عاماً، بعدها سحره عالم كرة القدم فصار يلعب جنباً إلى جنب مع أقرانه، يركل الكرة ويحركها بكلتا يديه.

نظرات الناس

ويقول محمد: «لا أتذكر من طفولتي سوى مشهد واحد هو بتر قدمي، استيقظت من نومي ولم أجدهما، سألت والديّ وكانت دموعهما إجابة لم أفهمها حينها.. تعودت على حياتي دونهما باستخدام كرسي مُتحرك، ويقوم أحد والديّ بمساعدتي للوصول إلى المدرسة والعودة منها، لم أكن أفهم نظرات الناس لي في البداية، كنت أسأل أمي لماذا يستغربونني بهذا الشكل؟ فلم أكن أشعر بأن لدي أي نقص، فكنت طفلاً طبيعياً أنا فقط مُختلف وتلك قناعتي تجاه نفسي».

أصحاب الهمم

في محافظة الإسكندرية حيث نشأ وتربى محمد، خصصت إدارة المدرسة فصلاً في الطابق الأرضي له ولزملائه من أصحاب الهمم لتخفف عنهم عبء الصعود إلى أدوار عُليا، ما يعني المزيد من التعب والإرهاق، هناك تشكلت بدايات علاقة محمد بالحياة ومعرفته بها.

تفوق دراسي

يقول: «كانت رغبتي أن ألتحق بالتعليم الأزهري لكن أقرب معهد أزهري لبيتنا كان يبعد مسافة كبيرة، لذا قررت أسرتي إلحاقي بإحدى المدارس الحكومية القريبة من المنزل لسهولة تحركي إليها، حتى الآن، حيث أدرس في الصف الثالث الثانوي، وحققت تفوقاً كبيراً طوال سنوات دراستي، وأعتقد أن ذلك طبيعياً فمعظم الوقت أقضي وقتي في المنزل بين الدراسة والقراءة، وفي وقت فراغي ألجأ للسوشيال ميديا».

في عشق كرة القدم

كان الصف السادس الابتدائي بداية تحول محمد إلى كرة القدم وشغفه بها، فاعتبرها بوابته إلى الحياة ودائرة الأمل التي جعلته يشعر بأنه يطير بقدميه محلقاً في السماء.

عن ذلك يقول: «بالصدفة لعبت كرة القدم أثناء إحدى الدورات الرمضانية في حي العوايد حيث أسكن، سحرني ملمس الكرة وحركتها ورشاقتي وأنا أبحث عنها في أرجاء الملعب وأدافع عن مرمى فريقي، شعرت حينها بأنني أطير في السماء».

شعور بالانتصار

ويتابع: شعور بالانتصار لم أشعر به من قبل، انتصار على كل الظروف الصعبة التي عشتها في حياتي، ورغم الألم الذي شعرت به في أول مرة إلا أن استمتاعي فاق ذلك، ورغم أنني كنت في بادئ الأمر أخجل من أن أطلب من زملائي مُشاركتي في اللعب إلا أنهم بعد ذلك كانوا يتشاجرون لضمي لفرقهم لما لمسوه مني من براعة في اللعب.

وأضاف: ورغم الألم الذي كان يُشعرني به ملمس الكرة الحاد إلا أن المُتعة التي أحسستها أعطتني انتصاراً على كل الظروف التي مررت بها، حينها قررت الاستمرار بلعب الكرة، خصوصاً أنني أثبتت مهارة كبيرة بشهادة زملائي ولم تسحرني لعبة مثلما سحرتني هي، فقد لعبت قبل ذلك التنس والسباحة وغيرها.

أنشطة متعددة

وجد الشاب استخداماً آخر ليديه جعله يفكر في حياته ونشاطات رياضية متعددة، فلماذا يعتمد على الكرسي المُتحرك وهو يملك يدين قويتين، عمل فيما بعد على تقويتهما بممارسة الرياضة، ويستطرد: «اليد بالأساس ربما لها استخدامات بخلاف القدم، لكن في حالتي تقوم بالأمرين معاً، وبالتدريب أصبحت أستخدمها بديلاً عن القدم في لعب كرة القدم لمدة 3 ساعات متواصلة دون أي ألم كما حدث معي أول مرة».

حلم محمد

لمحمد أحلام أخرى بخلاف لعب كرة القدم، فهو يحلم أن يلتحق بكلية الطب ليكون عوناً لغيره من أصحاب الهمم وأن يكف الناس عن النظر لتلك الفئة باستغراب أو نظرات تجرحهم، فهم فقط مُختلفون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى