بطيخ أبيض وباذنجان يُشبه التفّاح.. أشكال الفواكه والخضروات قبل تعديلها جينياً

لا يرى أغلبنا شكل الفواكه والخضراوات التي نعرفها وهي تنمو بشكل طبيعي في البرية. وإن فعلنا، فقد لا نستطيع التعرُّف على أنواعها بسبب التحسين والتجميل الذي يتم للثمار قبل أن تصل إلى أرفف المتاجر والأسواق.
وتبدو الفواكه والخضراوات الطبيعية وغير المُعدّلة مختلفة كليّاً عن تلك البرّاقة والمليئة بالسكرّ التي نبتاعها من الأسواق.
وفي الآونة الأخيرة، أصبحت الفواكه والخضراوات التي نراها في محلات البقالة والأسواق ذات أبعاد متناسقة تماماً كأنها مصنوعة ببرامج التصميم الرقمي.
لكن في الواقع، غالباً ما تكون الفواكه والخضراوات الأصلية في البرية، مختلفة كلياً في الشكل والمذاق والخصائص.
الخوخ له بذرة عملاقة
تعود أصول ثمرة الخوخ إلى العصر الحجري الحديث في الصين.
وقد ابتكر أستاذ الكيمياء الأسترالي جيمس كينيدي رسماً بيانياً مثيراً للاهتمام، يسلط فيه الضوء على بعض الاختلافات بين الخوخ الأصلي والطبيعي، الذي نجده اليوم.
ولم يكن الخوخ أصغر حجماً فحسب، بل كان جلده شمعياً وسميكاً، واحتلت بذرة الثمرة أكثر من ثُلث حجم الفاكهة.
لكن وبمرور الوقت، تم اختيار أفضل أنواع الخوخ وتعديلها لانتقاء خصائص جديدة بحيث تكون الثمرة لها جلد أنعم وأسهل في القضم، وجسم لحمي وعُصاريّ أكثر.
البطيخ كان أبيض اللون من الداخل
وفي لوحة كلاسيكية تعود إلى القرن السابع عشر لرسّام الطبيعة الصامتة الإيطالي جيوفاني ستانتشي، كان يبدو البطيخ مختلفاً بشكل لافت للنظر عن البطيخ الحديث الذي نعرفه، بحسب موقع Vox.
ويبدو في اللوحة التي رسمها بين عامَي 1645 و1672، في ثمرة بطيخ مقطوعة إلى نصفين، أنه كان يغلب عليه اللون الأبيض والزهري وله بذور أكبر في الحجم، ويحتوي على لحم له أشكال دائرية.
وقد تم التوصُّل اليوم في التعديل الجيني للبطيخ، إلى صُنع ثمرات حمراء تماماً من الداخل.
وجرى تعديل بعضها لأن يكون بلا بذور على الإطلاق، أو بألوان مختلفة مثل البطيخ الأصفر في بعض الأسواق الأوروبية، وفقاً لموقع أستاذ الكيمياء الأسترالي.
الذرة كان لها 10 حبّات فقط
إحدى الثمار الأخرى التي تعرضت لتحويل مذهل هي الذرة الصفراء التي نعرفها اليوم؛ إذ تم تدجين الذرة البرية لأول مرة من قِبَل السكان الأصليين للمكسيك منذ حوالي 10,000 عام.
وقد تم ربط أصول الذرة بنبات عُشبيّ مُزهر يُسمى Teosinte، تنبُت فيه قطعة واحدة فقط من “الذرة الأصلية” التي تنمو بطول 2.5 سم تقريباً، ولها من 5 إلى 10 حبّات فردية فقط، مغلفة بورق النبات الأخضر.
أما اليوم فتحمل ثمرة الذرة الواحدة قرابة المائة حبة من الحبوب الصفراء المليئة بالعصير والنكهة المعروفة.
على عكس ثمرة الـteosinte التي كان مذاقها نشوياً أكثر، مثل البطاطس. وبمرور الوقت، عمل المزارعون على جعل النبات أطول بكثير وأسهل في التقشير وله حبّات أكثف وأكثر حلاوة.
الموز كانت له بذور
أصبح شكل حبات الموز المليئة بالعناصر الغذائية والمُغطاة باللحم القابل للتقشير، اليوم، مثالاً لشكل الفاكهة المُتناسق والجذّاب للمُستهلك. لكن الحقيقة هي أن الموز كما نعرفه الآن هو نتاج عمل طويل من الانتقاء والتدجين والتعديل الجيني.
وبحسب مؤسسة علوم أستراليا والمحيط الهادئ، بدأت زراعة الموز في وقت ما بين 5000 قبل الميلاد و8000 قبل الميلاد، بفضل المزارعين في جنوب شرق آسيا وبابوا غينيا الجديدة.
وأحد الأسلاف البرية للنبات كانت تُدعى Musa acuminata، وهي فاكهة رفيعة من فصائل التوت، تحوي ما بين 15 إلى 62 بذرة غير صالحة للأكل والهضم.
وجرت تربية النبات وتدجينه تدريجياً منذ ذلك الوقت لإنتاج ثمرة لها المزيد من اللحم وتحتوي مع مرور الوقت على لبّ دقيق الحجم وصالح للأكل.
الباذنجان يُشبه التفّاح
على مر التاريخ، كان للباذنجان مجموعة متنوعة من الأشكال والأحجام والألوان قبل أن يظهر على موائد العشاء في العصر الحديث كخضراوات مستديرة وسمينة أرجوانية القشرة.
وتعود أصول بعض النسخ المبكرة من الباذنجان إلى الصين في العصور القديمة. وكانت الأجيال الأولى من النبات تحتوي على أشواك حادة في براعمه التي يتصل بها جذع النبات. وعلاوة على مظهره البرّي غير الجذّاب، فإنه كان صغير الحجم أيضاً، إذ لم يتجاوز حجم العُملة المعدنية، ولا يتمتع بنسيج اللحم الهش الذي نعرفه للباذنجان اليوم.
ويُعتقد أن أصول الثمرة يعود إلى Solanum incanum، وهو ما يُعرف باسم التفّاح المُرّ أو التفّاح الشائك.
ولا يزال هذا النبات ينمو في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وبعض الأماكن في الشرق الأوسط.
جزر متعدد الرؤوس
كان النبات الذي اشتُق منه الجزر البرتقالي الحديث الذي نعرفه اليوم، هو في الأصل جذور نباتية متشعّبة لها لون أبيض أو عاجي اللون.
ويعرف الاسم العلمي لثمار الجزر الفرعية بـ Daucus carota، ويُعتقد أنها كانت تنمو أول الأمر في بلاد فارس.
وبينما كانت جذور هذا النبات صالحة للأكل فقط وهو صغير الحجم وطري، فإنه سرعان ما يُصبح خشبياً بحيث لا يمكن استهلاكه عندما يكبُر. وكانت أوراق النبات تُسبب الالتهابات الجلدية التي تعرف باسم “التهاب الجلد النباتي”.
وبمرور الوقت تم استزراع الجزر بشكل انتقائي لتقليل خشوبيّته ومرارته وزيادة عُصارته الحلوة، وإنبات جذوره بشكل أحادي بدلاً من المُتشعِّب لكي يكون جذاباً أكثر للمُستهلكين، وأصبح بشكله الذي نعرفه اليوم باللونين البرتقالي والأرجواني منذ القرن الحادي عشر ميلادياً.
الطماطم تشبه التوت
الطماطم التي نعرفها اليوم، تختلف اختلافاً جذرياً عن تلك التي كانت عليه قبل أن يقوم البشر بتدجينها وتعديلها وراثياً.
وكانت ثمرة فواكه الطماطم البرية تُشبه ثمار التوت في الحجم، وتأتي باللون الأخضر على الأغلب.
ولا تزال أنواع الطماطم البرية المعروفة اليوم باسم Solanum pimpinellifolium، أو بالاسم “طماطم الكشمش” الأكثر شيوعاً، موجودة حتى يومنا هذا في الإكوادور وبيرو، ويتم تجنيسها أيضاً في أماكن أخرى حول العالم واستخدامها في تهجين الطماطم التي يتم إنتاجها للاستهلاك.