حكايا ناسسلايدر
أخر الأخبار

قرار تاريخي| حكم نهائي يعترف بالشخصية القانونية لمجهولي النسب

قرار تاريخي يفتح أبواب الأمل أمام مجهولي النسب؛ بعد أن نجحت السيدة «م. ح» في الحصول على قرار يمكنها من استخراج بطاقة رقم قومي وكافة الأوراق الثبوتية لطفلة مجهولة النسب عثرت عليها منذ سنوات.
وتضمن القرار شهادة من المحكمة الإدارية العليا تفيد عدم الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في محافظة الإسكندرية، بالاعتراف بالشخصية القانونية للفتاة القاصر «ن. س»، وأحقيتها في إصدار بطاقة الرقم القومي لها بالإسم الجزافي الذى وضعه طبيب الصحة.

بداية القصة

منذ سنوات؛ عثرت السيدة «م. ح» على طفلة رضيعة مجهولة الأبوين على باب أحد المساجد. وذهبت بها إلى قسم الشرطة وتعهدت برعايتها حتى بلغت 16 عامًا.
وطبقا للقانون المصري؛ سجل طبيب الوحدة الصحية الطفلة تحت اسم ثلاثي جزافي في خانة الأب، وجزافي في خانة الأم، وعلى هذا الأساس تم استصدار شهادة ميلاد لها.
وبعد 16 عاماً وعند استصدار بطاقة رقم قومي لها؛ طلبت إدارة السجل المدني من السيدة حضور الأب شخصيا كشرط ضروري لاستخراج البطاقة. وهو الأمر الذي أوضحته السيدة للمسئولين الذين رفضوا استخراج الأوراق الثبوتية.

مجهولة الأبوين

عندما وصلت الفتاة إلى نهاية المرحلة الثانوية؛ لجأت السيدة لمصلحة الأحوال المدنية لاستخراج بطاقة الرقم القومي، إلا أنها طلبت منها البحث عن والديها المجهولين كشرط لحصولها على بطاقة الرقم القومي.
قرار مصلحة الأحوال المدنية كان حجر عثرة أمام البنت، على المستوى النفسي والحياتي أيضاً؛ فقد سبب لها أذى نفسي خاصة وأنها الأولى على مدرستها وعلى وشك الالتحاق بالجامعة.

قرار تاريخي

وأصدرت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية، حكما بإلغاء قرار مصلحة الأحوال المدنية السلبي، بالامتناع عن إصدار بطاقة الرقم قومي باسم إحدى طالبات الثانوية العامة بالبحيرة، استنادا إلى أنها مجهولة الأبوين.
وفى موقف إنساني وفريد من إدارة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية، لم تطعن على الحكم الرحيم للقاضي وأصبح الحكم نهائياً وباتاً لصالح الطفلة.
وأشادت شئون الأيتام ومجهولو النسب بالحكم القضائي، ووصفته بأنه صفحة مضيئة في طريق الأيتام ومجهولي الأبوين بعد أن عاشوا عدة سنوات لا أحد يعرف لهم هوية أو شخصية قانونية .

ومن جهتها أكدت المحكمة بهذا الحكم القضائي، الاعتراف بالشخصية القانونية لمجهولى الأبوين وتشجيع كفالتهم التوثيقية. وهكذا وضعت اللبنة الإجتماعية الإنسانية في بناء مجتمع سليم يقوم على احترام حقوق مجهولي النسب مشيرة إلى أن رعايتهم أوجب من اليتامى معروفي النسب.

الانسان محور الكون

وقالت المحكمة إن الإنسان مجردا هو محور الكون الذي تدور حوله كل الاشياء والمسخرة له في كل الأزمنة والأمكنة لذلك اهتم المشرع المصرى بحقوق الطفل مجهولى الوالدين فلم يحرمه من عنايته ورعايته فعامله نفس المعاملة التي يعامل بها الطفل معلوم الوالدين، فجعل له الحق في الاسم طبقا للبيانات التي يدلى بها المبلغ وعلى مسئوليته عدا إثبات اسمى الوالدين أو احدهما الحقيقيين فيكون ذلك بناء على طلب كتابى ممن يرغب منهما بحسبان أنه يحظر التبنى.

وفى حالة عدم التوصل إلى معرفة الوالدين أو احدهما للطفل حديث الولادة مجهول الوالدين فان المشرع منحه رغم ذلك الحق في الاسم واللقب عن طريق الزام طبيب الصحة المختص بتقدير سن الطفل وتحديد نوعه وتسميته رباعيا تسمية جزافية حتى لا يحرم الطفل مجهول الابوين من حقه الطبيعى في الشخصية القانونية سبيلا للاعتراف بادميته كإنسان، وفى ذلك بناء لبنة اجتماعية لصرح مجتمع صحيح يقوم على بث روح التسامح والاندماج للأطفال مجهولى النسب والاحتفاظ لهم بهويتهم الإنسانية لمواجهة ما اطبقت عليهم الحياة ظلما وظلاما نتيجة تصرفات غير إنسانية بتخلى اَبائهم عن الاعتراف بهم أيا كانت الأسباب والظروف.”

أكدت المحكمة: أن مجهولى النسب لهم أحكام اليتامى، بل هم أولى بالعناية لعدم وجود أحد من والديهم وأهلهم، واليتيم قد تكون أمه بجانبه، وقد يزوره أحد أقاربه، أما مجهول النسب فإنه منقطع عن كل أحد، ولذا كانت العناية به أوجب من اليتيم معروف النسب، فمجهولوا النسب في حكم اليتيم لعدم معرفة والديهم.

وهم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب لعدم معرفة قريب لهم يلجأون إليه عند الضرورة، ومن ثم فإن من يكفل طفلًا من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم، لعموم قول سيد البشرية وسيد الأنام وسيد الأيتام محمد صلى الله عليه وسلم: ” َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا”، ويتعين على مَن يكفل مثل هؤلاء الأطفال أن لا ينسبهم إليه، لما يترتب على ذلك من ضياع الأنساب والحقوق”.

وأضافت المحكمة في حكمها الذى تجسدت فيه أرقى معانى الإنسانية ” أن الطفلة المذكورة استقبلت دنياها وهى مجهولة الأبوين وقد عثرت عليها المدعية واتخذت كل الإجراءات القانونية للإبلاغ عن واقعة العثور عليها وحررت محضر بذلك في قسم الشرطة المختص ووضع لها طبيب الوحدة الطبية المختص اسما ثلاثيا جزافيا لكل من خانة الأب وخانة الأم طبقا للقانون المصرى، بناء على ذلك صدرت لها شهادة الميلاد متضمنة هذه البيانات، ولم يثبت من الاوراق عكس تلك البيانات ولم يظهر لها أحد أبويها حتى الآن وقد أخذتها المدعية منذ العثور عليها حديثة الولادة واحتضنتها من غدر الزمان فأحسنت تربيتها ورعايتها حتى بلغت الطفلة أشدها وتخطت سن السادسة عشرة.

عندما تقدمت باستخراج بطاقة الرقم القومى وفوجئت بان مصلحة الأحوال المدنية بالبحيرة امتنعت عن إصدار تلك البطاقة بحجة ضرورة احضار الأبوين المجهولين، رغم علم الإدارة بأنها طفلة مجهولة الأبوين ولم تاخذها بها رحمة أو شفقة بل ظل العدوان على انسانيتها وادميتها شهور عددا، ما كان يجب عليها أن تنال من حق الطفلة في التعبير الإنسانى عن كونها مخلوقة تعيش على الأرض، وما كان ينبغى أن تؤذى مشاعر الطفلة ومشاعر من قامت على رعايتها.

واختتمت المحكمة حكمها الإنسانى: “إنه قد تلاحظ لديها أنه بين قانون الطفل المصرى ولائحته التنفيذية تعارضا وتأرجحا بين الالزام بالتسمية الرباعية أو الثلاثية للأطفال مجهولى الأبوين، ذلك أن اللائحة التنفيذية الزمت طبيب الوحدة المختص الذي يقوم بتقدير سن الطفل وتسميته تسمية رباعية جزافية بينما الزمه القانون بوضع تسمية ثلاثية جزافية وذلك على الرغم من صدور القانون منذ 25 عاما، مما يتعين معه على المشرع أن يوحد الحكم في الحالتين منعا للتضارب وتحقيقا للانسجام التشريعى الواجب أعماله”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى