لماذا نستهلك زيت الطعام بشراهة ؟.. اعرف الأسباب

وصف وزير التموين د. علي المصيلحي، الإقبال على زيت الطعام في مصر بأنه «رهيب»، مشيرا إلى أن المصريين يستهلكوا 65 ألف طن من الزيت شهرياً.
وتعد الزيوت النباتية من السلع الغذائية الأساسية، وعلى الرغم من أنها سلعة هامة إلا أننا نستورد 98% منها لسد العجز بين الإنتاج والاستهلاك.
ضعف الإنتاج وزيادة الاستهلاك
يرجع الدكتور محمود السيد أستاذ مساعد الميكروبولوجيا بمركز بحوث الصحراء، سبب الإقبال على استيراد كميات كبيرة من الزيوت إلى ضعف الإنتاج وزيادة الاستهلاك.
الأطعمة المقلية
وأضاف: الشعب المصري لديه إقبال كبير على الطعام المقلي واستخدام الزيوت في معظم الأكلات التي تعتمد على استخدام الزيوت وخاصة الشعبية منها مثل البطاطس المقلية والباذنجان والفول والطعمية وغيرها، وهو ما يزيد من نسب الاستهلاك العام.
الإرشاد الزراعي
وأضاف الدكتور محمود السيد، أن غياب دور الإرشاد الزراعي كان له أثر بالغ في عدم توعية المزارعين بأهمية زراعة المحاصيل الزيتية.
وأشار الدكتور محمود السيد، إلى أن أهم المحاصيل الزيتية التي تجود زراعتها في الأراضي الجديدة، هي «الكانولا» وهو محصول يتحمل ملوحة التربة ويعطي إنتاجيه عالية تصل نسبة الزيت فيه إلى 42%.
وأوضح أن غالبية الدول الأوروبية تعتمد على «الكانولا» ولكنه لا يلقي استحسانا من قبل المصريين لأنهم لم يعلموا سوى عن زيت عباد الشمس وزيت الذرة، كما أن السمسم والكتان والفول السوداني والقطن وعباد الشمس وفول الصويا من أهم المحاصيل الزيتية.
تكلفة الإنتاج
ومن جانبه، قال الدكتور محمد فهيم أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية، إن من أهم الأسباب الرئيسية لاستيراد أكثر من 98% من الزيوت هي عدم كفاية إنتاج المحاصيل الزيتية لعزوف المزارعين عن زراعتها بسبب عدم وجود سياسة سعرية واضحة.
محاصيل تنافسية
وأوضح أنه يوجد محاصيل تنافسية في نفس توقيت زراعة المحاصيل الزيتية، والمزارع يفضل زراعة المحاصيل الحقلية التى تحقق عائدا أكبر من المحاصيل الزيتية.
وتابع الدكتور محمد فهيم، أنه للحد من استيراد كميات كبيرة من الزيوت لابد من العمل في عدة محاور منها زراعة المحاصيل الزيتية في الأراضي المستصلحة حديثا.
وشدد على ضرورة تفعيل دور الإرشاد الزراعي في توعية المزارعين وحثهم على زراعة الأصناف الجديدة من المحاصيل الزيتية التى تحقق عائد ربح جيد.
ولفت إلى ضرورة إنشاء كيانات متخصصة مسئولة عن إدارة ملف المحاصيل الزيتية أي أن يكون هناك مجلسا للتنسيق بين المزارعين والتاجر والمصنع وإنشاء بورصة خاصة بالمحاصيل الزيتية لعدم تلاعب التجار بالأسعار.
2.6 مليون طن زيت
في سياق متصل، أكد حسين أبو صدام نقيب عام الفلاحين، أن نصيب الفرد المصري من الزيت 20 كيلو جراما سنويا.
وأضاف أن احتياجاتنا من الزيوت يصل لنحو 2.6 مليون طن سنويا نستورد منها ما يقارب 2.1 مليون طن من الزيت.
وأشار أبو صدام، إلى أن «الكانولا» محصول شتوي يزرع في شهر نوفمبر ويعرف بـ«اللفت الزيتي» غزير إنتاج الأزهار، مما يساعد في تربية النحل ويمكن صناعة الأعلاف من بذوره بعد عصرها لتغذية الحيوانات ويصلح في معظم أنواع الأراضي.
وتابع نقيب الفلاحين، أن زيت «الكانولا» أضيف من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 1985 على أنه غذاء آمن، وزاد إنتاجه ليصبح ثالث زيت من حيث كمية الإنتاج بعد زيت النخيل وزيت فول الصويا.
وشدد على أن عدم وجود معاصر كافية لإنتاج الزيت من الكانولا أو تعاقدات لشراء الإنتاج لقلة المساحات المنزرعة منه يتسبب في إحجام المزارعين عن زراعته.
وتابع: «الكانولا محصول شتوي ولذا يجد منافسة كبيرة من محصول القمح الاستراتيجي وكذا محصول البرسيم الذي يعتمد عليه الفلاحين لتغذية ماشيتهم ومحصول البنجر المهم وكذا الفول البلدي ووجود مساحات كبيره من الخضروات الأساسية كالبطاطس والطماطم».
وشدد على ضرورة زيادة التوعية بهذا النبات المهم عن طريق الندوات والمؤتمرات ووسائل الإعلام، للتوسع في زراعته.
ثروة مهدرة
يصف عبد الرحيم الحساني، المتخصص في مجال تصدير زيوت الطعام المستخدمة، ما يحدث في مصر بـ«الثروة المهدرة».
ويقول: «الدول الأوربية تفتح باب الاستيراد لزيوت الطعام المستخدمة بملايين الدولارات، حيث يحولونه إلى وقود حيوي غير ملوث للبيئة، بالتالي يستخدم بوصفه إحدى وسائل الطاقة النظيفة».
وأوضح: «زيوت الطعام المستخدمة تدخل في مئات الصناعات المهمة، مثل المنظفات والمواد البلاستيكية، والإكسسوار».
وعبّر الحساني عن أسفه على أن ثقافة تخزين زيت الطعام المستهلك في مصر لم تصل إلى ربات البيوت حتى الآن، مؤكداً أن الزيت الهالك يُسهم في دعم ملف الطاقة في مصر، حينما يحول إلى وقود صحي غير ملوث للبيئة.
وأشار حسين إلى أن كل لتر زيت طعام واحد هالك يُلقى في مياه الصرف الصحي يلوث مليون لتر من المياه بشكل معقد، ما يكلف الدولة المصرية ملايين الجنيهات في محطات المعالجة لتنقية المياه، أما إذا ألقي الزيت في مياه البحار فإنه يقتل الكائنات البحرية.
إنت البداية
وتحت شعار «قرارك بيغير حياتك» أطلقت وزارة البيئة مبادرة «إنتِ البداية»، التي تخاطب ربات المنازل في مختلف المحافظات المصرية، لتخزين زيوت الطعام المستخدمة، وعدم إلقائها في الصرف الصحي، لتعظيم الاستفادة منها في منتجات الوقود الحيوي.
وطالبت وزارة البيئة، بتخزين زيوت الطعام بعد استخدامها في القلي والطبخ، لتبديل كل خمسة لترات بزجاجة لترين إلا ربع في كل محافظات الجمهورية.
وقالت ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إن المبادرة تقدم مدخلاً مختلفاً للتعامل مع تلوث المياه والسعي لمنعه من البداية، ليس فقط بالتوعية بمخاطر التخلص غير السليم من زيت الطهي المستخدم، بل وإتاحة الفرصة للسيدات للتخلص من تلك الزيوت بطريقة آمنة.