سوشيال ناس

50 إسكندرية تتحدى التاريخ.. مدينتان منها في الوطن العربي

في عام 353 قبل الميلاد، ولد الإسكندر، والذي عُرف فيما بعد بالإسكندر المقدوني أو الإسكندر الأكبر. نشأ في قصر أبيه فيليب الثاني حاكم مقدونيا القديمة، وتتلمذ على يد الفيلسوف الأكبر أرسطو. وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره، ورث عن أبيه إمبراطورية كبيرة وجيشًا قويًا يبسط نفوذه على بلاد اليونان وأغلب أوروبا. حينها وقف يتطلع إلى النصف الآخر من الكرة الأرضية، وقرر أن يكمل حلم أبيه التوسعي وأن يسيطر على العالم. ومن بلد إلى بلد؛ خاض حروبًا عديدة، ولم يدخل معركة إلا وانتصر فيها، وكان يترك وراءه في كل بلد يغادرها مدينة تحمل اسمه.

الإسكندر الأكبر مع معلمه الأكبر أرسطو
الإسكندر الأكبر مع معلمه الأكبر أرسطو

كان ولوعًا بتشييد المدن، ومن مصر إلى الهند، ثم الصين، وبلاد الرافدين، وبلاد فارس؛ أسس الإسكندر المقدوني 17 مدينة تحمل اسمه. منها من ازدهرت محتفظة بجمالها، ومنها التي اندثرت، أو أصبحت مدينة عادية غير ذات قيمة مرموقة.

ولكن بعض المدن التي تحمل اسم الإسكندرية حاليًا، لم يشيدها الإسكندر، وإنما لاقت إعجابه فغير اسمها ونسبها لنفسه.  وبعد موت الإسكندر؛ شُيدت مدن أخرى تحمل اسمه. وصل عددها اليوم؛ إلى خمسين مدينة، متفرقات في جميع أنحاء العالم، وكل منها تسمى «الإسكندرية».

الإسكندر الأكبر
الإسكندر الأكبر
ومن أبرز المدن التي سميت بالإسكندرية:
إسكندرية طروادة

وتقع هذه المدينة التاريخية على ساحل بحر إيجة الشرقي في دولة تركيا، وقد تأسست في عام 334 قبل الميلاد، وسميت بالاسكندرية في عام 301 قبل الميلاد، من قبل أحد خلفاء الإسكندر الأكبر.

و لهذه المدينة مكانة رفيعة، حيث تضم آثار حضارة الإريق، وبقايا لمسرح وحمام روماني. إضافة إلى مضمار للسباق تم الكشف عنه حديثا. رُشحت إسكندرية طروادة لتكون مركزا رئيسيا للإدارة الرومانية في عام 12 قبل الميلاد، كما أنها رُشحت لتكون عاصمة جديدة للإمبراطورية الرومانية في عهد قسطنطين.

إسكندرية طروادة
إسكندرية طروادة
إسكندرية سوسيانا

تأسست «إسكندرية سوسيانا» قبل وفاة الإسكندر عام 323 قبل الميلاد، وتقع في بابل، وقد شيدها الإسكندر على تلة فوق مصب نهر دجلة.

إسكندرية أراكوسيا

وهي ثاني أكبر مدينة في أفغانستان. زرغم أنها تقع على حافة حدود الإمبراطورية المقدونية؛ إلا إنها ظلت محتفظة بالثقافة اليونانية لفترة ليست قصيرة بعد وفاة الإسكندر. وتعاني في الوقت الحالي من تردي أوضاعها السياسية والاقتصادية.

إسكندرونة

وتقع في تركيا على ساحل البحر المتوسط، عند المدخل الشمالي لسوريا، وقد تأسست في عام 333 قبل الميلاد. بقيت مزدهرة حتى القرن الثالث الميلادي.

إسكندرونة
إسكندرونة
الإسكندرية القوقازية

في كابسيا في أفغانستان، شمال مدينة كابول، تقع مدينة «الإسكندرية»، وقد شيدت لتكون مقرًا للإسكندر في هندكوش عام 329 قبل الميلاد. ومن المضحك المبكي أن أحد خلفاء الإسكندر الأكبر قد تنازل عن المدينة بأسرها، لملك هندي يدعى شاندراجوبتا موريا، في عام 303 قبل الميلاد، مقابل 500 فيل.

 إسكندرية مارجيانا

على نهر مرهب في وسط صحراء كاركوام، تقع مارجيانا التي استوطنها البشر في عصور ما قبل التاريخ، واشتُهرت بكونها أكبر مدينة في العالم. وكانت مركزًا للقطن والغاز الطبيعي وبلغ عدد سكانها حوالي 200000 نسمة في ذلك الوقت.

في ما بين عامي 327 و326 قبل الميلاد؛ أطلق عليها الإسكندرية. ولا يؤكد التاريخ إذا كان الإسكندر الأكبر هو مؤسس هذه المدينة، أو أن أحد أتباعه قام بتشييدها من بعده.

إسكندريات أمريكا وإيران

وقد وصل الإسكندر إليها في عام 329 قبل الميلاد، وتقع على الحافة الشمالية لإمبراطورية الإسكندر على نهر سير داريا. بينما تقع اليوم هذه المدينة في أقصى شمال طاجيكستان، والتي تعد خوجاندة ثاني أكبر مدينة بها.

وتوجد في إيران مدينة إسكندرية كارمانيا، ويرجح المؤرخون أن الإسكندر الأكبر شيدها بنفسها في حوالي العام 324 قبل الميلاد. وكذلك إسكندرية الإيسكيت، في أقصى طاجكستان، والتي يُنسب تأسيسها إلى الإسكندر أيضًا عام 329 قبل الميلاد. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد وجدت إسكندريات متعددة في بعض الولايات مثل: لويزيانا – مينيسوتا – فيرجينيا – انديانا – كنتاكي – ميسوري – نبراسكا – أوهايو – بنسلفانيا – نيوهامبشاير – جنوب داكوتا – تنيسي – شمال داكوتا – ألباما.

الإسكندريات العربية 

وفي محافظة بابل تقع مدينة الإسكندرية والتي كان يطلق عليها «بكور بابل» إحدى المدن العراقية الواقعة وسط العراق. ويرجع تاريخها إلى العصر البابلي الحديث واكتسبت تسميتها من اسم الإسكندر؛ بعدما اتخذها مقرا لقيادة جيشه الضخم بهدف فتح بابل، وما بعدها من بلاد ما وراء النهر.

وتعد «الإسكندرية» بوابة وسط العراق نحو الجنوب. فهي تقع على مفترق طرق، حيث تربط بغداد مع كل من مدينتي بابل وكربلاء. ويذكر في المراجع التاريخية أن الاسكندر الأكبر قد توفي في مدينة الإسكندرية في محافظة بابل. وبقيت المدينة مصدر إغراء ومطمع للرومان. وتحتوي على العديد من المقامات الدينية، والمواقع الأثرية، منها جامع الإسكندر الأكبر، ومرقد أولاد مسلم، ومقام الإمام الخضر، وخان الوقف.

50 أسكندرية تتحدى التاريخ
الإسكندرية العراقية

وعلى الرغم من تعدد اسم «الإسكندرية» حول العالم إلا أنه مازالت الإسكندرية المصرية تحظى بالمكانة الرفيعة والاهتمام الأكبر حتى الآن لعدة أسباب. أولًا بسبب موقعها المتميز على البحر الأبيض المتوسط. ثانيًا ثراءها التاريخي بالعديد من الشواهد من العصور التي مرت عليها، من الإغريقي والروماني والإسلامي.

وقد اشتهرت بالعديد من الأماكن السياحية الجذابة مثل مكتبة الإسكندرية الشهيرة ومتحف الإسكندرية الدولي والذي يحوي العديد من الآثار المصرية المميزة، كذلك قلعة قايتباي والتي بناها أحد ملوك المماليك وهو السلطان قايتباي لحماية هذا الميناء المصري المهم.

الإسكندرية المصرية
الإسكندرية المصرية عروس البحر المتوسط

وعاش في الإسكندرية عدد هائل من الفلكيين والمؤرخين والرسامين، والعلماء والفلاسفة والرياضيين مثل أرشميدس وإقليدس وهيباتيا. ومن ضمن الآراء الرائجة؛ أن جثمان الإسكندر الأكبر حُمل بعد وفاته في 323 قبل الميلاد، ودُفن في هذه المدينة التي عاش يحلم باكتمال تشييدها. إلا أنه حتى الآن لم يتوصل أحد لمكان قبر الإسكندر، ورغم محاولة الكثيرين من علماء الآثار العثور عليه، إلّا أن محاولاتهم باءت بالفشل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى