في ذكرى غرق «تايتانيك».. حكاية «الناجي» المصري والضحايا اللبنانيين
مع دقات الساعة الثانية والنصف صباحًا في 15 أبريل من عام 1912، بدأت السفينة «تيتانيك» في الغرق بين أمواج المحيط الهائجة والمياه المتجمدة.
قبلها بساعات قليلة سمع ركاب السفينة «تيتانيك» صوت اصطدام قوي للجانب الأيمن من مقدمة السفينة بإحدى الصخور الثلجية العملاقة.
تيتانيك.. السفينة المارد
في البداية لم يكترث أحد.. فهذه السفينة «المارد» كانت بالنسبة للجميع في ذلك الوقت عصية على الغرق، حيث تحدى صناعها الجميع بأنها ستكون أعظم وأضخم وأقوى وسيلة انتقال بحرية عابرة للمحيطات.
مع زيادة تسرب المياه إلى بدن «تيتانيك» وبدء تعرضها للغرق، سادت حالة الذعر والخوف بين ركابها وطاقهما الذين زادت أعداداهم عن 2200 شخصا.
اقرأ أيضا: يوري جاجارين.. لماذا حمل أول رائد فضاء مسدسا معه في رحلته؟
رعب وخوف
بدأ الجميع محاولات النجاه بنفسه.. فالبعض رمى نفسه بين أمواج المحيط المتجمدة والأخر ظل يبحث عن قارب للنجاه، فيما ظلت مجموعة ثالثة أعلى سطح السفينة أملا في عدم غرقها أو قدوم سفينة أخرى للإنقاذ.
تسببت كارثة «تيتانيك» في غرق 1500 شخصا ونجا 700 آخرين كان من بينهم «حماد حساب»، المصري الوحيد الناجي من الحادث.
اقرأ أيضا: اللغة المصرية القديمة.. كلمات من عمق التاريخ نتحدث بها حتى الآن
المصري الوحيد
كان الشاب المصري «حماد حساب» في الـ27 من عمره، ارتاد «تيتانيك» برفقة أحد المشاهير الأمريكيين وزوجته.
وكان الثري الأمريكي قد دعاه ليرافقه في الرحلة على السفينة واشترى له تذكرة بالدرجة الأولى سعرها 76 جنيهًا إسترلينيًا و14 شلنًا و7 بنسات، أي ما يعادل 8 آلاف دولار بحساب هذه الأيام.
عمل «حماد حساب» دليل يرافق السياح أو «ترجمان» كما كان يطلق على المشتغلين بهذه المهنة قبل 100 عام، وكان يتقاضي راتبًا سنويًا مقداره 60 جنيها إسترلينيا عن عمله.
نجا المليونير الأمريكي وزوجته والمترجم المصري، وكانوا من أوائل من هرعوا إلى موقع زوارق النجاة، والدليل أن المركب الذي أقلهم هو الرقم 3 من بين 20 زورقًا كانوا في السفينة.
رسالة حماد
وكان المصري «حماد حساب»، من الذين استقلوا قارب النجاة «كارباثيا 3»، وبعث رسالة تلغراف إلى أخيه «سعيد»، في 18 أبريل 1912 بعد غرق السفينة بأربعة أيام يقول فيها: «ما زلت على قيد الحياة».
لم يكن المصري «حماد حساب» العربي الوحيد على متن «تيتانيك»، فقد حملت السفينة أيضا عدد من السوريين واللبنانيين، ولكن لم يكتب لهم النجاة.
اقرأ أيضا: «يتيما تيتانيك».. قصة طفلين ركبا السفينة دون علم أمهما
من لبنان وسوريا
وكان من بين الضحايا اللبنانيين: خليل الحاج حسين سعد 27 عاما، وأمين الحاج حسين سعد 30 عاما، ورشيد الحاج عبد الحسين بزي «لم يرد عمره» وأسعد الحاج حسن طرفة – مكي «20 عاما».
لائحة الموتى
وردت أسماء الضحايا جميعهم ضمن لائحة الموتى التي أكدت أن هؤلاء الشبان «الفلاحين» كانوا متوجهين إلى كندا على متن السفينة من ركاب الدرجة الثالثة بحثا عن لقمة العيش، ولم يستطعوا الهروب بقوارب النجاة بعدها ابتلعهم المحيط وقضوا ضحايا لحلم في حياة أفضل لكنه لم يكتمل.
واحتلّ ركّاب بلدة «حردين» اللبنانية الصدارة في لائحة مأساة لبنانيي «تايتنك»، إذ خسرت حردين أكبر عدد من الركاب اللبنانيين وهم من الشبان في العشرينيات من عمرهم، وما زالوا حتى اليوم يتذكرونهم.
كما كان من الركاب اللبنانيين بعض الأزواج الذين يمضون شهر العسل على ظهر السفينة، لكن لم ينج أيا منهم.
عازف العود
وفي المشهد الأخير للسفينة قبل غرقها بلحظات ظهر شاب طويل القامة أنيق المظهر، تحلى برباطة جأش مميزة لم يهاب الموت الذي رأه بعينه فترك السفينة تغرق والركاب يهرولون فزعين وأخذ عوده وبدأ في العزف.
إنه الشاب اللبناني الأمير فارس شهاب الذي أخذ يعزف، مرحّباً بالموت، ولم يقفز للنجاة، بل أصرّ على البقاء هادئاً في وجه الكارثة، وظلّ يعزف على عوده حتّى ابتلعته المحيط.
مسئول الطباعة
هو اللبناني الوحيد الذي كان على متن تايتنك من دون أن يكون من ركابها، كان في الحقيقة أحد أفراد طاقمها المكون من 899 شخصا، وكان مسؤولا في السفينة عن قسم الطباعة، حيث يشرف على طباعة لوائح الطعام والبطاقات الشخصية لمن يرغب، كما كان يتولى إدارة الجريدة التي كانت تصدر في الباخرة يومياَ، وتتلقى أخبار العالم بالتلغراف اللاسلكي.
كان المشعلاني أيضا مشرفا على نشرة كانت كصحيفة يومية تنشر أخبار السفينة ونشاطاتها يوما بيوم، وقضى مشعلاني غريقا مع 1516 آخرين.
الصراع حول قوارب النجاة
ووفقا للكاتبة الأمريكية السورية الأصل، ليلى سلوم الياس، مؤلفة كتاب «الحلم فالكابوس» عن الضحايا العرب للسفينة، فقد أشارت إلى أن عددا من اللبنانيين تم قتلهم بالرصاص لعدم انصياعهم لأوامر حرس بالسفينة.
وقالت إن السبب الرئيسي في مقتل أحدهم كان لأنه حاول الوصول إلى قارب نجاة ليحتل مكانا فيه كان يسعى إليه آخر من ركاب الدرجة الأولى وكان ذلك آخر صراع يائس تم التفرقة فيه بين الطبقات الراقية والبسطاء.