حكايا ناس

في ذكرى ميلاد «القصبجي».. ورسائل تكشف حقيقة حبه لأم كلثوم

ارتبطت صورته في أذهان المصريين بـ«العود» الذي لم يفارقه طوال حياته، سواء بعزفه أجمل الألحان خلف كبار فنانين عصره مثل أم كلثوم، أو أثناء تدريسه للعود.

ألحانه تحولت إلى أساطير راسخة اعتاد على سمعها جميع الأجيال حتى الذي لم يعاصروه.

إذا كنت من متابعين حفلات أم كلثوم بالطبع سيخطف انتباهك عازف مميز بوجهه المستطيل وشاربه المميز، جالسا على كرسيه الخشبي ممسكا بعوده بطريقة جاذبة للانتباه، يتدفق منها معاني الحب والتفاني في العزف على تلك الآلة التي رافقته حتى فارق الحياة، ويغلفه رداء الموهبة من كل الاتجاهات.

بداياته الفنية

وُلد محمد القصبجي في القاهرة في 15 ابريل 1892 وبدأ مسيرته الفنية بتدريس العود، بينما كانت أولى ألحانه أغنية «ما ليش مليك في القلب غيرك» والتي غناها زكي مراد، والد الفنانة ليلي مراد، ليتابع بعدها رحلته التي زادت عن نصف قرن، تعاون فيها مع أسماء كبيرة، مثل: أسمهان ومنيرة المهدية وفتحية أحمد، وبالتأكيد كانت محطته الأبرز هي تعاونه مع أم كلثوم في رحلة زادت عن تلحين خمسين أغنية.

وفي هذه الأغاني، تعاون الملحن الشاب مع الشاعر أحمد رامي بشكل أساسي، ونقل مسلسل “أم كلثوم” في العام 1999 مراحل هذا المشوار، مسلّطا الضوء على هذا الحب الروحي الخالد الذي جمع الشاعر والملحّن بالمطربة الناشئة التي صعدت بسرعة سلّم الشهرة، ونافست السلطانة منيرة المهدية، المطربة التي أعطاها القصبجي الكثير من ألحانه قبل أن يبدأ مشواره مع أم كلثوم.

وقيل عن القصبجي أنه ملحن جميع الأجيال بسبب أعماله الكبيرة كما خرج من تحت يده عمالقة الموسيقى في مصر مثل أم كلثوم كما كان له الفضل في إبراز موهبة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.

اقرأ أيضا: من فؤاد المهندس إلى رامز جلال.. كيف تطورت برامج المقالب؟

علاقته بأم كلثوم

بدأت علاقة القصبجي بأم كلثوم في عام 1923، حيث كانت تنشد قصائد في مدح الرسول، فأعجب بصوتها وقرر أن يكون ملحنا لها، وقدم لها خلال عام أغنية “قال حلف مايكلمنيش”، كما أسس لها أول “تخت شرقي” يصاحبها في حفلاتها ثم كانت الانطلاقة الكبرى بتلحينه لها أغنية رق الحبيب..
وفي عام 1927 كون القصبجي فرقته الموسيقية التي ضمت أبرع العازفين، وقام بتلحين الفصل الأول من “أوبرا عايدة” الذي غنته أم كلثوم في فيلمها عايدة أوائل الأربعينات، ثم قام بتلحين أغنيات ياصباح الخير وما دام تحب.
ظلت العلاقة على خير ما يرام بين القصبجي وأم كلثوم حتى شعر الموسيقار الكبير بتجاهل كوكب الشرق له ولألحانه، وتفضيلها لألحان رياض السنباطي ومحمد الموجي، وكان ذلك يسبب جرحا كبيرا له، إلا أنه لم يشكُ ولم يعلن تبرمه أو غضبه، بل نزل على رأي أم كلثوم ونصحها بالاستعانة بألحان السنباطي والموجي، مقررا الانسحاب من حياتها كملحن على أن يبقى عازفا في فرقتها لآخر يوم في عمره.

اقرأ أيضا: في ذكرى غرق «تايتانيك».. حكاية «الناجي» المصري والضحايا اللبنانيين

طوال رحلته معها كان القصبجي يحب أم كلثوم بالفعل، ويغار عليها.. فضحته خطاباته لها، فعندما سافرت للعلاج خارج مصر كان يكتب لها متلهفا عاشقا مشتاقا لسماع أخبار جيدة عن صحتها، وقائلا لها إنه يشعر بفراغ كبير في غيابها، ومعبرا عن مكنون صدره بكلمات لا تصدر إلا من محب وعاشق ولهان.

وفي أخر أيامه عكف المرحوم محمد القصبجي على تسجيل مذكراته الفنية، وبلغ من حرصه على أن تجيء هذه المذكرات صورة صادقة للحقيقة انه كان يبحث عن زملائه القدامى من الموسيقيين الذين عاصروا مولده كفنان، ليتأكّد معهم من بعض الحقائق والتواريخ الفنية، إلا أن روحه خرجت إلى خالقها عام 1966 قبل تحقيق هذا الانجاز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى