«بيتكوين».. سنوات من الازدهار وقلق عالمي حول مستقبل التمويل اللامركزي

في عام 2008؛ اخترع شخص يُدعى ساتوشي ناكاموتو، عُملة «بيتكوين». والذي يُعتقد أنه جمع نحو مليون «بيتكوين» وكوَّن ثروة من وراء ذلك. حيث حولها جميعها إلى أموال نقدية تصل قيمتها إلى نحو 450 مليون دولار.
وتعد «بيتكوين»، إحدى العملات الرقمية التي شاع استخدامها مؤخرًا، عملة افتراضية ليس لها وجود مادي. يتم تداولها عبر «الإنترنت». وبالتالي لا يصدرها أي بنك مركزي، ولا تخضع لأي إشراف أو رقابة مالية. وتعتمد العملة الرقمية على الآلاف من أجهزة الكمبيوتر حول العام، والتي تتحقق من صحة المعاملات وتضيف المزيد من عملات بيتكوين إلى النظام.
اقرأ أيضًا: عملة البتكوين تصل إلى 22 ألف دولار!
قال عبدالله المنيع، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، إن استخدام العملات الرقمية، مثل «بيتكوين» في التعاملات المالية؛ يعتبر “مُحرما”.
وأضاف «المنيع» في مقابلة تلفزيونية، أن عملة «البيتكوين» لا تشتمل على 3 شروط يجب أن تتوافر في أي عملة نقدية. الأولى أن تكون لها معيار تقويم. والأمر الثاني أن تكون مستودعًا للثروة. والأمر الثالث أن تكون مبنية على قبول عام للإبراء العام. هذا بالإضافة إلى أن عملة «البيتكوين» لا ضامن لها ولا توجد جهة وراء إصدارها.
تحذيرات رسمية سابقة
تأتي تلك التصريحات حول العملة المشفرة عقب أسبوعين من تحذير مصري مماثل من العملات المشفرة، وفي مقدمتها «البيتكوين»، من قبل البنك المركزي المصري، والذي شدد على اقتصار التعامل في البلاد على العملات الرسمية المعتمدة.
اقرأ أيضًا: «أم مدحت» بهجة رمضان.. 45 عامًا بين الفوانيس
وأرجعت الهيئة المصرية الرسمية، القرار إلى أن تلك العملات لها مخاطرة مرتفعة، ويَغلُب عليها عدم الاستقرار والتذبذب الشديد في قيمة أسعارها. ونتيجة للمضاربات العالمية غير المُرَاقَبَة التي تتم عليها؛ يصبح الاستثمار بها مخاطرة. ويُحذر البنك المركزي المصري من احتمالية أن تخسر «البيتكوين» قيمتها بشكل مفاجئ؛ نتيجة عدم إصدارها من أي بنك مركزي أو أي سُلطة إصدار رسمية.

وفي مطلع مارس الماضي؛ حرمت دار الافتاء المصرية تداول عملة «البيتكوين» وما يماثلها بيعا وشراءً. وقالت «دار الإفتاء»، في بيان لها، إن تداول عملات البتكوين والتعامل بها في أمور البيع والشراء وغيرها؛ حرام شرعا. وأضافت أن لذلك آثار سلبية على الاقتصاد، واتزان السوق، ومفهوم العمل. كما أن مثل هذه العملات لا توفر للمتعامل بها الحماية القانونية، والرقابة المالية اللازمة.
اقرأ أيضًا: «أم مدحت» بهجة رمضان.. 45 عامًا بين الفوانيس
وصفت دار الإفتاء المصرية عملة «بيتكوين» بأنها «عملة مغشوشة»، لأنها لاتتوافر بها الشروط والضوابط اللازمة في اعتبار العملة وتداولها. وإن كانت مقصودة للربح أو الاستعمال والتداول في بعض الأحيان، إلا أنها مجهولة غير مرئية أو معلومة، مع اشتمالها على معاني الغش الخفي والجهالة في معيارها ومصرفها، ما يفضي إلى وقوع التلبيس والتغرير في حقيقتها بين المتعاملين. وذلك يدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».
بيتكوين تحطم أرقام قياسية
يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه العملات الرقمية تحطيم الأرقام القياسية. حيثُ تجاوزت «بيتكوين» حاجز الـ 64 ألف دولار. وحققت عملة «إيثيريوم» ارتفاعات كبيرة.
وحسب وسائل إعلام أمريكية؛ فقد زادت قيمة هذه العملة 10% فقط في الساعات الـ 24 الأخيرة. وهكذا تجاوز سعر «بيتكوين» حاجز الـ 64 ألف دولار، وهو أعلى مستوى تحققه منذ انطلاقها في عام 2009م.
ويأتي تنامي الطلب على العملات الرقمية من قبل المؤسسات والشركات وحتى المستثمرين الأفراد نظرا لاحتمالات تحقيق مكسب سريع، في عالم يشهد انخفاضاً شديداً للعوائد وأسعار الفائدة. وتأتي مكاسب «بيتكوين» الكبيرة في عام 2021 وسط قبول أوسع للعملة الرقمية كأداة استثمار وسداد، بالتزامن مع إقبال متزايد من المستثمرين الأفراد على ضخ السيولة في الأسهم وصناديق المؤشرات وأصول أخرى عالية المخاطر.
اقرأ أيضًا: ثورة البوليمر.. متى تلحق مصر بالكويت والسعودية في طرح العملة البلاستيكية؟
وتشكّل عملة «بيتكوين» نحو ثلثي القيمة السوقية للعملات المشفرة، تليها عملة «إيثر» التي تستحوذ على نحو 13%، وفقاً لبيانات موقع «كوين جيكو» الإلكتروني لتصنيف العملات المشفرة.
ويقول المحلل والخبير الاقتصادي، أيمن إسماعيل أبوهند، لمنصة «الناس .نت»، إن تداول عملة «بيتكوين» يعد مخاطرة كبيرة. موضحًا: «يُعد الاستثمار في «البيتكوين» من وجهة نظر رسمية وحتى الدينية؛ نوعًا من المضاربة. وهي عملة غير محوطة بالذهب في البنك المركزي».
ويضيف الخبير الاقتصادي، أنه رغم زيادة الإقبال على تلك العملات، مؤخرًا؛ نظرًا لما فيها من ربح سريع وكبير، يصل إلى 800%؛ لكنها تمثل أيضا مخاطرة كبرى، إذ خسرت العملة 80% من قيمتها في 2018، وهبطت قيمتها من 20 ألف دولار إلى 4 آلاف دولار! وأشار «إسماعيل» إلى أن تلك العملة تلقى رواجا كبيرا في آسيا خاصة الصين، وروسيا.