الأبنودي وصلاح جاهين.. حكاية «العسل والطحينة» تجدد نفسها كل عام

في يوم 21 أبريل رحل كل من عبد الرحمن الأبنودي وصلاح جاهين، صحيح أن بينهما سنوات عديدة. الرفيقين ذكرهما لا ينفصل حتى في ذكرى الرحيل. فقد جمعهما مشوار فني طويل، مثلّا فيه أيقونة الإبداع الفني في مصر. واشتركوًا معًا في أعمالي فنية ودرامية عديدة.
وصف البعض علاقتهما بـ «التوأمة»، وآخرون قالوا إنها علاقة «العسل والطحينة». كان صلاح جاهين أحد مكتشفي الأبنودي، وقدمه للساحة الفنية في بداية الخمسينيات، وساعده على تقديم إبداعاته، ليس في مصر وحدها ولكن في الوطن العربي.
مصادفات كثيرة
كتب عبد الرحمن الأبنودي قبل رحيله قصيدة رثاء لصلاح جاهين، بعنوان «موال.. طقطوقة». ولم يكن يعرف أنه سيرحل في نفس اليوم الذي رحل فيه صلاح جاهين. لم يكن الأبنودي في كل لقاءاته الإعلامية يخفي الدور الكبير الذي لعبه صلاح جاهين في حياته، حيث كانت أول أغنية له من خلاله.
اقرأ أيضًا: «بوجي وطمطم».. أيقونة مصرية يفتقدها الأطفال والكبار في رمضان
واهتم الشاعران بالتراث الشعبي، فمن المعروف أن الأبنودي قضى سنوات طويلة في جمع الملحمة الشعبية الشهيرة، السيرة الهلالية. وقدم صلاح جاهين واحدا من أهم الأوبريتات الغنائية المصرية، الليلة الكبيرة، والتي يرصد أجواء الاحتفالات المصرية التقليدية في الموالد، وكذلك القصة الشعبية الأشهر، «شفيقة ومتولي» كما قدمها في الفيلم الشهير شفيقة ومتولي من إخراج علي بدرخان.
الأبنودي «تحت الشجر»
الأبنودي من مواليد أبريل 1938 كما أنه أول شاعر للعامية يفوز بجائزة الدولة التقديرية لعام 2001، كما فاز بجائزة محمود درويش للإبداع العربي عام 2014، وقد تلقى الأبنودي تعليمه بمدارس قنا، وكان متفوقًا في المواد الدراسية كافة، نشأ على حب الشعر؛ ونظم عددًا من القصائد الوطنية في صباه، أثبت وجوده في عالم الشعر عندما نشر له الشاعر صلاح جاهين أولى قصائده “تحت الشجر يا وهيبة” بمجلة “صباح الخير”، وتغنّى بها المطرب الشعبي محمد رشدي، وحققت الأغنية رواجًا كبيرًا، ومن بعدها انطلقت إبداعاته وسطع نجمه.
شاعر البهجة
اشتهر صلاح جاهين، كشاعر وارتبط فى أذهان الكثيرين بالبهجة، التي تركتها رباعياته التي ما زالت تترد حتى الآن. كان يُحرض بأشعاره على التفاؤل. بدأ في نشر رباعياته للمرة الأولى عام 1959، في مجلة صباح الخير. وتجاوزت مبيعات الرباعيات في إحدى طباعات الهيئة المصرية العامة للكتاب أكثر من 125 ألف نسخة في غضون بضعة أيام، وهذه الرباعيات التي لحنها الملحن الراحل سيد مكاوي وغناها الفنان علي الحجار،
شكل مع سعاد حسنى ثنائيًا رائعًا. فكتب لها العديد من الأغاني والأفلام، فترة السبعينيات مثل: أميرة حبي أنا، خلي بالك من زوزو، المتوحشة، شفيقة ومتولي.
كان يحلم بدراسة الفنون، ولكنه لم يكمل دراسته في كلية الفنون الجميلة، حيث التحق بكلية الحقوق. درس صلاح جاهين القانون، ووصل إلى منصب رئيس محكمة استئناف المنصورة. وتقلب بين الشعر والرسم وكتابة المسرح والأغنية والسيناريو السينمائي. وترك وراءه تراثًا لا يفنى من الأغنيات والأفلام والقصائد. منها قصيدة «على اسم مصر»، وأيضا قصيدة «تراب دخان» التي ألفها بمناسبة نكسة يونيو 1967. كما أنه ألف واحدًا من أهم الأوبريتات الخالدة في ذاكرة الشعب المصري: «الليلة الكبيرة».