عنايات الزيات والحريري وتراث الاستعلاء.. الفائزون في جائزة الشيخ زايد للكتاب
ينظّم مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة؛ جائزة الشيخ زايد السنوية للكتاب. وهي جائزة علمية تحمل مستقلة، تُمنح كل عام لصناع الثقافة، والمفكرين، والمبدعين، والناشرين، عن مساهماتهم في مجالات التنمية، والتأليف، والترجمة في العلوم الإنسانية. وتعتبر جائزة الشيخ زايد للكتاب، من أرفع الجوائز العربية التي لها أثر واضح في إثراء الحياة، ثقافيًا، وأدبيًا، واجتماعيًا، وذلك وفق معاييرَ علمية وموضوعية.
اقرأ أيضًا: واقع دراسة الأدب في مصر.. هل يهبط الكاتب من السماء؟
استقبلت جائزة الشيخ زايد للكتاب، في دورتها الخامسة عشرة خلال عام 2020/ 2021 الجاري؛ 2349 ترشحًا، بزيادة حوالي 23% عن الدورة الماضية. وقد أعلن مجلس أمناء الجائزة عن الفائزين في فروع الجائزة. من بينهم سبعة أدباء وباحثين من مصر، وتونس، والمملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى دار نشر لبنانية.
إيمان مرسال- «في أثر عنايات الزيات»
فازت الشاعرة والأديبة المصرية إيمان مرسال، في فرع الآداب؛ عن كتابها «في أثر عنايات الزيات»، الصادر عن دار الكتب خان عام 2019. وهو ليس رواية، ولا كتاب تاريخ، ولكنه رحلة فى حياة إنسانة مصرية، صاغتها إيمان مرسال بأسلوب فريد ومميز، فهي تنسج تاريخ مصر الأدبي والسياسي من خلال خطوط دقيقة في حياة عنايات الزيات؛ مثلما تتضافر خيوط العنكبوت مع بعضها لتشكل شبكة واحدة.
اقرأ أيضًا: طه حسين وعبد الناصر وحفل عشاء للعماليق
في عام 1963م؛ انتحرت عنايات الزيات وهي في العشرينيات من العمر، وكانت قد انفصلت عن زوجها بعد معركة مريرة داخل أروقة القضاء، تاركة خلفها طفلًا في سنواته الأولى، ورواية وحيدة طويلة: «الحب والصمت». حاولت نشرها، ولكنها فشلت، ونُشرت الرواية بعد وفاتها.
تبحث إيمان مرسال في الأوراق القديمة، والمخطوطات والمقتنيات، والصور العابرة.. عن تاريخ عنايات الزيات. وتبذل مجهودًا كبيرًا فى التواصل مع كل مَن كان له علاقة بها، بدءًا من الفنانة نادية لطفي، الصديقة المقربة لـ «عنايات» منذ أيام المدرسة الألمانية في باب اللوق. حيث تواصلت المؤلفة معها، والتقت بها عدة مرات.
ميزوني بنّاني- «رحلة فنّان»
في فرع أدب الطفل والناشئة؛ فاز الكاتب التونسي ميزونى بنّانى عن قصة «رحلة فنّان»، الصادرة عن دار المؤانسة للنشر عام 2020. وتقدم من خلال طرح مجتمع الطيور والبشر؛ مثالًا على حياة مدنية منشودة في مجتمعاتنا العربية. تقوم على العدل، والمساواة ودعم ثقافة الاختلاف والتسامح.
اقرأ أيضًا: «بالتأكيد هن السبب».. لماذا يُبرر الاغتصاب بـ لوم الضحية؟
تتعرض رواية «رحلة فنّان» لمواضيع كبيرة مثل الهجرة، والمشاكل الّتي يتعرض لها المغتربون في حياتهم. وقيمة الفنان في المجتمع، وأهمية ممارسة الفنون لتهذيب النفوس وتقليص الفجوات بين الشّعوب. كل ذلك بأسلوب مميز، وممتع للصغار والكبار. إضافة إلى رسوم إبراهيم الدريدي المميزة.
مايكل كوبرسون ومقامات الحريري
فاز في فرع الترجمة؛ المترجم الأمريكي مايكل كوبرسون، عن كتابه Impostures، وهو ترجمة لكتاب «مقامات الحريري»، من اللغة العربية إلى الإنجليزية، وأصدرته مكتبة الأدب العربى التابعة لجامعة نيويورك- أبوظبى عام 2020.
لم يبلغ كتاب في الأدب في العربي؛ نجاحًا وشهرة، مثل «مقامات الحريري». ولم يكد «الحريري» ينتهي من إنشائها حتى أقبل الوراقون في بغداد على كتابتها، وتسابق العلماء على قراءتها واقتنائها. وذُكر أنه وقَّع بخطه في عدة شهور فقط على حوالي سبعمائة نسخة.
والمقامة؛ نوع من القصص القصيرة تحفل بالمشاهد الموحية، ويدور الحوار فيها بين شخصين، ويلتزم مؤلفها بالصنعة الأدبية التي تعتمد على السجع والبديع. ومقامات الحريري، نظمها محمد الحريري، وتدور حول ابتزاز المال بالحيلة، من خلال مغامرات بطلها أبي زيد السروجي التي يرويها الحارث بن همام.
أسماء مقبل وإشكاليات الذات الساردة
وفازت الباحثة السعودية د. أسماء مقبل عوض الأحمدي بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع المؤلِّف الشاب، عن دراسة بعنوان: “إشكاليات الذات الساردة في الرواية النسائية السعودية – دراسة نقدية (1999 – 2012)، الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون عام 2020.
كما فاز الباحث التونسي خليل قويعة في فرع الفنون والدراسات النقدية، عن كتاب «مسار التحديث في الفنون التشكيلية من الأرسومة إلى اللوحة” الصادر عن دار محمّد على للنشر عام 2020، فيما نال الباحث د. سعيد المصري من مصر جائزة فرع التنمية وبناء الدولة عن كتاب “تراث الاستعلاء بين الفلكلور والمجال الديني”، الذي أصدرته دار بتانة للنشر والتوزيع عام 2019.
اقرأ أيضًا: «الطاعون».. مُلهم الأدباء والفنانين على مر التاريخ
وفازت الباحثة الأمريكية طاهرة قطب الدين بجائزة فرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى عن كتاب «الخطابة العربية: الفن والوظيفة»، الصادر عن دار بريل للنشر عام 2019.
وفازت دار الجديد اللبنانية بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع النشر والتقنيات الثقافية، تقديرًا لإسهامها في تسليط الضوء على موضوعات منسيَّة ومهملة في النشر العربي، ودورها البارز في رفد المكتبة العربية بالكتب العلمية والدراسات اللغوية والفكرية المتميزة.
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «نجحت جائزة الشيخ زايد للكتاب منذ انطلاقتها عام 2006 في ترسيخ مكانتها كمنارة للثقافة والأدب، وهى تتمتع بمكانة مرموقة على الصعيد الدولي بفضل دعمها المستمر للإبداع. فهذه الجائزة الملهمة تمثّل تكريمًا لذكرى الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذى ارتبطت رؤيته الثاقبة في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة ارتباطًا وثيقًا بالثقافة والمعرفة والنهوض بالإنسان».
من جانبه، هنأ الدكتور على بن تميم، أمين عام الجائزة، ورئيس مركز أبوظبى للغة العربية، الفائزين، وشكر جميع المتقدمين للجائزة. وقال: «على الرغم من التحديات التى فرضتها جائحة كوفيد 19 العام الماضي، إلّا أن جائزة الشيخ زايد للكتاب شهدت عامًا استثنائيًا من حيث أعداد الترشيحات وجودة الأعمال المشاركة. ونحن فخورون بالمساهمة في دعم قطاع النشر الدولي المزدهر، ويسرنا أن نرى التنوّع الثقافى والفكرى للفائزين».
وأضاف «بن تميم»: «لعل أكثر ما أثار إعجاب لجان التحكيم هو تنوّع الأساليب الأدبية والبحثية التي تميّزت بها الأعمال المشاركة، والموضوعات التى طرحها الأدباء والباحثون. وهذا التنوّع؛ يميز الفائزين، ويؤكد عمق ومكانة الجائزة في العالم العربى وخارجه».
تأسست جائزة الشيخ زايد للكتاب بدعم ورعاية من «دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي»، وتبلغ القيمة الإجمالية لها سبعة ملايين درهم إماراتي. يرأس الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان مجلس أمناء الجائزة، والذي يضم عضوية كل من: محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة– أبوظبي. زكي نسيبة، وزير الدولة. الدكتور علي بن تميم، أمين عام الجائزة ورئيس مركز أبوظبي للغة العربية. سعود الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي بالإنابة. عبدالله ماجد آل علي، المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي.
