سلايدرسوشيال ناس

مجمع التحرير… 70 عاما من ذاكرة مصر الإدارية

عُرف بأنه رمز للبيروقراطية المصرية

يشغل «مجمع التحرير»، حيزا كبيرًا من  ميدان التحرير، بشكل أقرب لنصف دائرة، والذي شكل على مدار عقود مركزا ضخما لإنهاء المعاملات الحكومية وختم الأوراق الرسمية. ويعد مجمع التحرير رمزا لذاكرة مصر الإدارية.

يواجه عدد كبير من المصريين المترددين على «مجمع التحرير»؛ بطئًا وتعقيدات إدارية في إنهاء معاملاتهم الحكومية. أبواب وطرقات مزدحمة طوال الوقت، وطوال عقود اعتبر «مجمع التحرير»؛ رمزا للبيروقراطية المصرية.

اقرأ أيضًا: «الشنط البلاستيكية» تُسبب التسمم والعقم وضعف المناعة.. والدولة تتصدى بقوة

وقد جسد الكاتب الراحل وحيد حامد تلك التعقيدات الروتينية المبالغ بها عند إنهاء المعاملات الحكومية داخل مجمع التحرير؛ في فيلمه الشهير «الإرهاب والكباب»، والذي أخرجه شريف عرفة وقدمه النجم الكبير عادل إمام والنجمة يسرا.

تاريخ عريق

بدأت فكرة إنشاء المجمع حينما كان أرضا لثكنات عسكرية إنجليزية، وسط واحد من أهم ميادين مصر. وقد قررت السلطات المصرية حينها استغلال تلك المنطقة بإنشاء كيان حكومي ضخم، لتقليل نفقات استئجار عقارات لشغل المصالح الحكومية. وأيضًا من قبيل الإعجاب بفكرة «الشباك الواحد»، لتوفير الخدمات للمواطنين في منطقة واحدة.

اقرأ أيضًا: متى يتلقى الأطفال لقاح كوفيد 19؟

في عام 1948م؛ وضع الدكتور المهندس محمد كمال إسماعيل، تصميم مبنى «مجمع التحرير»، على مساحة 58 ألف متر مربع. وقد راعى في تصميمه أن يواكب الطرز المعمارية الحديثة آنذاك، حيث يعتمد تصميم المجمع على الأشكال الهندسية المرنة، والخالية من الزخارف الخارجية.

وهكذا صدر أمرٌ ملكي، بإنشاء أول مبنى إداري يضم دواوين الحكومة في مصر. بتكلفة بلغت 2 مليون جنيه مصري. وحمل اسم «مجمع الحكومة»، والذي تم تغيير اسمه فيما بعد إلى «مجمع التحرير» حاليا، والمكون من 13 دورا، بمساحة 58 ألف متر مربع و1356 غرفة على الوضع الحالي.

"<yoastmark

تطوير مستمر

كما شهد مجمع التحرير مشروعا للتطوير في الفترة بين عامي 2014 و2015، وقد نفذ المشروع شركة «المقاولون العرب»، وقد تم تطوير واجهة المبنى عبر إزالة طبقات الطلاء القديمة، واستعادة الواجهة القديمة المبنية من الحجر الصناعي. كما أزيلت الكابلات وأغلقت فتحات التكييف في الجدران، وتم تنظيف المناور، وإزالة العشش والأبنية الخشبية من الطرقات.

اقرأ أيضًا: كشفت جواسيس وأنقذت العالم من كارثة نووية.. 5 كلاب دخلت التاريخ

وقد بدأت أجهزة الدولة تنفيذ خطة إخلاء مجمع التحرير في مارس الماضي، ضمن خطة تطوير القاهرة الخديوية واعادة استغلال المبنى، حيث سيتم تغيير نشاطه من مجمع للمصالح الحكومية. وتأتي خطة تطوير مجمع التحرير كجزء من خطة الحكومة المصرية للاستفادة من المباني الحكومية، بهدف استثمارها والاستفادة من أصول الدول غير المستغلة.

وفي السنوات الماضية، طرحت عدة أفكار لاستغلال مبنى المجمع، خاصة وسط اتجاه الدولة المصرية لنقل أبرز الوزارات والمقرات الحكومية للعاصمة المصرية الجديدة.

ويخضع مجمع التحرير في الوقت الحالي إلى صندوق مصر السيادي، المسؤول عن إعادة استغلال أصول الدولة، ولم تحسم الحكومة المصرية بعد مصير المجمع. ففي مارس أعلنت مصادر حكومية لعدد من وسائل الإعلام أن مجمع التحرير قد يتحول نشاطه إلى متعدد الأنشطة “سياحي وإداري وتجاري”.

وتتم حاليا دراسة كافة المقترحات لإعادة استغلالر. ومن ضمن المقترحات هي تحويله إلى فندق، أو تحويله إلى مبنى متعدد الوظائف والأغراض يضم أنشطة ثقافية وفندقية وتجارية متنوعة، بحسب تصريح سابق لوزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني.

تألق دائم

وقد بدا رونق “مجمع التحرير” بعد النجاح الكبير للحدث التاريخي لموكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى إلى متحف الحضارة، وعقب هذا الحدث البارك، صرحت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي إن عملية إتاحة مذكرة الطرح الخاصة بتطوير مجمع التحرير تأتي في وقت مناسب، وتتواكب هذه الخطوة مع الانتهاء من إخلاء المجمع بالكامل من كل الهيئات الحكومية التي كانت تشغل المبنى.

موكب نقل المومياوات

وأكدت «السعيد» أن تطوير المجمع يأتي ضمن استراتيجية صندوق مصر السيادي، الذى يعمل على تطوير الأصول وتعظيم العائد منها والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في ثروات مصر وفق أحدث الأساليب العلمية للاستثمار وتحقيق أعلى درجات الاستفادة من الأصول غير المستغلة، وسيكون مجمع التحرير نموذج لتعامل الصندوق مع الأصول التي ستؤول له.

وأضافت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أنه من المتوقع أن يتقدم للمشاركة في عملية التطوير عدد من كبرى الشركات المصرية والعربية والعالمية وسيتم المفاضلة بينها بشفافية واختيار الأنسب للدخول في شراكة مثمرة وقوية تشجع باقى المستثمرين على الدخول في شراكات مستقبلية مع الصندوق السيادى.

لا نية للبيع

ونفت الحكومة المصرية في منتصف إبريل الجاري اعتزام صندوق مصر السيادي بيع مجمع التحرير لمستثمرين أجانب. وأكد  المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أنه لا صحة لبيع المجمع التاريخي لمستثمرين سواء مصريين أو أجانب، وأنه مملوك بالكامل للصندوق.

اقرأ أيضًا: فريق مصري يفوز بمسابقة اليونسكو لإعمار مجمع النوري التاريخي بالعراق

وأوضح بيان المركز أن طرح المجمع للتطوير يأتي بهدف الشراكة مع مطورين ومستثمرين وليس البيع، حيث يتمثل دور الشريك في تطوير المجمع ليكون مبنى متعدد الأغراض (فندقي -تجاري- إداري- ثقافي)، مُشيراً إلى أن عملية التطوير ستتم بناءً على أسلوب وفكر متطور يتناسب مع قيمة المبنى التاريخية، وذلك وفقًا لخطة لتعظيم الاستفادة من أصول الدولة، والعمل على استثمارها بما يحقق توسيع قاعدة الفرص الاستثمارية المتاحة وتعظيم العائد منها.

وفي السياق ذاته، دشن صندوق مصر السيادي أولى الخطوات التنفيذية لتطوير وتأهيل مجمع التحرير عبر الانتهاء من مذكرة المعلومات وعرضها على المستثمرين والمطورين الأجانب والمحليين، وسيقوم نموذج الشراكة على مساهمة الصندوق السيادي بالأصل المتمثل في المجمع والدراسات الفنية والرفع المساحي، فيما سيساهم الشريك أو المطور العقاري بالتمويل ومكونات التطوير الأخرى، وستكون عملية التأهيل قائمة على تطوير المبنى ليكون متعدد الاستخدامات.

وتعقيبا على مصير مجمع التحرير، يقول المؤرخ المصري عاصم الدسوقي، في تصريحات لـ «الناس. نت»، إن هذا المجمع له قيمة أثرية كبيرة، ليس مجرد مبنى حكومي، إنما هو رمز وقيمة كبيرة في زمن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر.

وعدَّ «الدسوقي» أن مصير مجمع التحرير مثل الكثير من المباني الأثرية المصرية، من الأفضل ألا يتم المساس به. ومن الأفضل الاحتفاظ به واستثماره مثل “فتح محالات ومتاجر”. معتبرا أن حجمه كبير جدا على أن يكون فندقا. وأشار أستاذ التاريخ إلى أن استثمار المباني الأثرية في القاهرة يعد جزءا من تطوير العاصمة المصرية بصفة عامة، وميدان التحرير بقيمته التاريخية بصفة خاصة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى