المتمرد والقديسة.. كيف أعاد نزار قباني زوجته إلى الحياة بعد مقتلها؟

«بلقيس.. كانت أجمل الكلمات في تاريخ بابل». هكذا كتب نزار قباني، عن زوجته العراقية بلقيس، والتي غير موتها حياته، ودفعه ليكتب أجمل قصائده في رثائها، بعد ما لقيت مصرعها في حادث إرهابي تسبب في تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981م.
اقرأ أيضًا: نزار قباني.. هل مازال رئيس جمهورية الشعر في منصبه؟
تعد التجربة الشعرية نزار قباني (1923 – 1998م)، من أكثر تجارب شعراء عصره إثارة للجدل والالتباس، لما تحويه من رؤى وأطياف وجماليات أخاذة. وقصائده تقدم عالمًا شديد الثـراء والاتـساع والغواية. فهو نص يستعصي على التصنيف والاحتواء، وأكبر مـن أن تـستوعبه
ظل نزار قباني يحفل بكل شيء غريب وعجيب. لم ينتمِ إلى مدرسة شعرية بعينها، بل صار هو نفسها مدرسة في الكتابة. ففكل قصائده، يناشدُ قارئًا ظاهرًا، وقارئًا آخرا مضمرًا.
«أيتها الشهيدة.. والقصيدة.. والمطهرة النقية»
وقع نزار قباني أسرًا في حب زوجته الثانية بلقيس الراوي، فور أن وقعت عينيه عليها لأول مرة في بغداد خلال أمسية شعرية. وتقدّم لخطبتها في عام 1962، وتزوجا وعاشا معا في بيروت، وأنجبت له زينب، وعمر.
«الخنجر العربي ليس يقيم فرقًا.. بين أعناق الرجال وبين أعناق النساء»
لم تكن بلقيس الراوي زوجة نزار قباني الأولى، فقد سبقتها زهراء أقبيق، وأنجبت له ابنة تدعى هدباء، وتوفيق الذي توفي عام 1973 وكان طالبًا في كلية الطب في جامعة القاهرة. وترك رحيله أثر كبيرًا في حياة «نزار»، وقد نعاه في قصيدة: «الأمير الخرافي توفيق قباني».
اقرأ أيضًا: أحلام مستغانمي.. ميلاد في المنفى وبين الرواية والشعر كان درب العالمية
رفض نزار قباني الزواج مرة أخرى بعد وفاة بلقيس، وأمضى سنواته الأخيرة في لندن، حتى وافته المنية يوم 30 إبريل 1998 في لندن عن عمر يُناهز 75 عاماً بعدما أصيب بنوبة قلبية.
«إني لأعرف جيدًا أن الذين تورطوا في القتل؛ كان مرادهم أن يقتلوا كلماتي»
عُرفَ نزار قباني بتجاوزه للخطوط الحمراء. فهو شاعر متمرد ومقلق؛ لم يتوقف عن الصراخ في آذان من أدمنوا الكسل والاسترخاء. ترامت الأجساد العربية وأثقلتها الجراح ولم تحرك ساكنًا. منذ أكثر من نصف قرن، ونزار قباني في خـصام مـع المؤسسة الثقافية، وظل على امتداد هذا الزمن يحتكم إلى أفق تقبلٍ أوسع، يحوز فيه الجمهـور الصدارة.
تلقى نزار قباني نبأ وفاته زوجته كما صرح قبل ذلك قائلا: «كنت في مكتبي في شارع الحمراء، حين سمعت صوت انفجار زلزلني من الوريد إلى الوريد، ولا أدري كيف نطقت ساعتها: يا ساتر يا رب. بعدها جاء من ينعي إلي الخبر، السفارة العراقية نسفوها.. قلت بتلقائية: بلقيس راحت».
يقول جبرا ابراهيم جبرا: «ليس هناك شاعر معاصر عربي أو غيـر عربي يُقرأ على النطاق الذي يُقرأ عليه نزار قباني. لقد جعل الشعر يملأ الهواء. ويدخل كل مدينة وقرية، ويدخل بيوت الناس من أبوابها، ونوافذها، ويفترش الجدران والمناضد والأثاث مثل الشمس».