سوشيال ناس

«سمير غانم» ملك الإفيه البسيط

لم يتوقع سمير غانم ابن ضابط الشرطة الصارم، الذي كان يأمل والده في أن يكون ابنه امتدادا له في سلك الشرطة المصرية، أن يختار طريقا مغايرا لما يخطط له والده، ويصبح نجله واحدا من أشهر الكوميديانات في تاريخ الضحك المصري.

سمير غانم، المولود في 15 يناير 1937 قرية عرب الأطاولة، مركز الفتح ، بمحافظة أسيوط ، نشأ في عائلة صارمة بطبيعة مهنة الأب، وفرضت أسرته عليه أجواء بها قليل من البهجة والخفة، حتى دخل إلى كلية الزراعة جامعة الأسكندرية.

سمير غانم شاباً
سمير غانم شاباً

وظل الشاب متعثرا في دراسته الجامعية يبحث عن ضالته، ولم يجدها سوى في الضحك والفن، والذي انطلق منه في المسرح الجامعي، ويقول غانم في أحد الحوارات التلفزيونية عن رسوبه المتكرر”لو كنت نجحت كانت حياتي اتغيرت نهائي كان زماني اللواء سمير غانم ومرعب وأخض وحكاية. أنا سقطت في سنة أولى كلية الشرطة في ٣ علوم ولو كنت نجحت في علم واحد كنت طلعت ثانية ولكن ماحصلش نصيب”.

يتحدث غانم عن شغه بالفن، ويقول: “طول عمري كنت غاوي أمثل وكنا بنعمل جلسات سمر نتلم كلنا كل خميس وجمعة في الكلية (الزراعة) ونقلد الضباط والشاويش بتاعنا… ونتحبس عادي أصل لو خرجنا ماكانش معنا فلوس نتفسح فنقعد في الكلية نأكل أكل محترم ولبس شيك واحد مابيتغيرش تنام به تقوم به كانت أيام ظريفة”.

ثلاثي أضواء المسرح
ثلاثي أضواء المسرح

 

ثلاثي أضواء المسرح.. البداية

كانت فرقة الاستعراض المصرية «ثلاثى أضواء المسرح» بمثابة بطاقة التعارف الأولى بين سمير غانم وجمهوره، بصحبة كلا من الفنانيين جورج سيدهم، والضيف أحمد. انطلقت الفرقة في ستينات القرن الماضي وتعد من أقوى وأشهر الفرق التي ظهرت في تاريخ الفن المصري.

سمير وجورج والضيف أحمد
سمير وجورج والضيف أحمد

وقدمت الفرقة مجموعة من الأعمال الفنية الناجحة، وشارك غانم من خلالها في عدة مسرحيات منها حواديت وطبيخ الملايكة، وموسيقى في الحي الشرقي، وجوليو ورومييت، ولاقت الفرقة نجاحا كبيرا ليس فقط في المسرح، ولكنها امتدت للسينما التي أرخت لها، ويعود الفضل في تأسيس الفرقة الفنان الضيف أحمد، واكتشافها المخرج محمد سالم.

كما شارك مع اعضاء فرقة ثلاثي أضواء المسرح أيضا في بعض الاعمال الاولى للتلفزيون المصري في أوائل الستينات ومنها فوازير رمضان بصورتها القديمة، فيما انفضت سيرة الفرقة بعدما توفى مؤسسها الضيف أحمد في 1970، وعمل غانم مع جورج سيدهم في مسرحية المتزوجون، ولم يتبق من سيرة فرقة “ثلاثي أضواء المسرح” سوى سيرة عطرة لا تمر مناسبة أو لقاء تلفزيوني مع “غانم” إلا ويدين الفضل فيها للضيف أحمد.

 فطوطة… وسمورة

شارك سمير غانم في العديد من الأفلام السينمائية الكوميدية مع معظم نجوم السينما المصرية في عصرها الحديث، وقدم في الثمانينات سلسلة «فوازير رمضان» تحت اسم شخصيتي «سمورة» و«فطوطة».

وتألق غانم في شخصية فطوطة التي لاقت رواجا وسط أطفال، وامتدت لأجيال عديدة حتى عقب انتهاء الفوازير، وعرف فطوطة بقصر قامته، وارتداه للبذلة الخضراء الفضفاضة والشعر “المنكوش”، والبيبون الأسود الضخم، وحذائه الأصفر الكبير، وكانت ملابسه المميزة واحدة من أهم أسباب نجاح الشخصية، والتى صنعتها مصممة الأزياء وداد عطية.

و قدمت فوازير فطوطة لأول في الموسم الرمضاني عام 1982، وكانت الفوازير والشخصية نفسها فكرة المخرج فهمي عبدالحميد، وقد كشف ابنه وائل في تصريحات سابقة أنه كان من ألهم والده ملامح الشخصية حين ظهر أمامه بملابس واسعة كان شكلها ساخرا ومضحكا عليه.

مسيرة طويلة

وشملت مسيرة سمير غانم الفنية ما يجاوز 250 عملاً منذ عام 1963 حتى الآن، منها ما زالت عالقة فى أذهان الجمهور، مثل “البعض يذهب للمأذون مرتين” و”أذكياء لكن أغبياء”، ومسرحيات مثل “الأستاذ مزيكا” و”المتزوجون”، ومسلسلات مثل “حكاية ميزو” و”الكابتن جودة”.

وعرف غانم بأنه “ملك” الإفيه، كما إنه لم يعرف يوما “الأنانية” في احتكاره، بل شارك في أدوار عدة بجانب ممثلين وأبطال، مثل التعاون مع “الزعيم” عادل إمام في عدة أعمال أبرزها فيلم”24 ساعة حب” سنة 1974، و”ممنوع في ليلة الدخلة” عام 1975، و”جواز على الهوا” عام 1976، و”أذكياء لكن أغبياء” سنة 1980، و”رمضان فوق البركان” عام 1985، ومسلسل “عوالم خفية” عام 2018.

ويقول عن فن الضحك : «لم أدخل معهد التمثيل واتعلمت من الضيف أحمد كتير كان جواه حاجات كتير اتعلمت منه البساطة والتلقائية في الكوميديا وعملية الارتجال من خلال النص وليس الخروج عنه والعياذ بالله إطلاقا وعملية الإيفيه غير المتوقع والنكتة غير المباشرة بأني أحب أفاجئ الناس بضحكة بدون مجهود وبدون ما يشعروا ببساطة كده في الإيفيه».

وتألقت عدد من “إيفيهات” سمورة، مثل ما قاله في مسرحية “أخويا هايص وأنا لايص”، التي قال خلالها حديثه مع أحد الضباط: “طول النهار يقولى امسحي دموعك يا آمال.. آمال مش عارفة تمسح ولا تعيط”، وفي في مسرحية “المتزوجون”، الغنية بالعديد من الإفيهات، منها: “عشان دماغي متضربش” وهو مشهد قام خلاله الفنان بربط رأسه بفوطة، تعليقًا على قيام زوجته بطهي دجاجة بالأسمنت، وإفيه “فشر يا روحي إحنا غلابة”، وكان هذا الإفيه ردا على سؤال لينا “شيرين” لمسعود في المسرحية “إحنا فقراء يا مسعود”.

الحب والزواج

ولم يخلُ طريق سمير غانم من المغامرة في الحب والزواج، إذ صرح في أحد اللقاءات التلفزيونية إن زيجته الأولى كانت من فتاة صومالية تعرف عليها خلال حفلة واستمرت علاقتهما شهران، أما الثانية كانت “زواجة كوميدية” كانت بعد سهرة مع أصدقائه وزواجها كان أسبوع فقط، وزواجته الثالثة والمستمرة حتى الآن من الفنانة دلال عبد العزيز، والتي شاركته في عدد من الأعمال الفنية، وأنجب منها ابنتيه دنيا وأيمي وكلتاهما مشاركتان حاليا في العديد من الاعمال الفنية.

عائلة سمير غانم «دلال عبد العزيز و دنيا وإيمي»
عائلة سمير غانم «دلال عبد العزيز و دنيا وإيمي»

وكان غانم قد وصف زوجته في حوار تلفزيوني سابق بإنها “أسطورة”؛ لإنها تمكنت من إنجاح هذا الزواج، وقال: “حذرت دلال بأنى أكبر منها بـ 20 سنة قالتلى ميهمكش”.

ويواجه سمير غانم الآن ورفيقة دربه زوجته الممثلة دلال بعد العزيز تدهورا صحيا عقب إصابتهما بفيروس كورونا، ونقلا جراء ذلك التدهور إلى المستشفى، على أمل من محبيهما بسرعة شفائهما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى