محمد عبد الوهاب.. مؤذن في مسجد ومجذوب لحلقات الذكر ومطرب الملوك والأمراء

ولد محمد عبد الوهاب في ١٣ مارس١٩٠١م، في باب الشعرية. كان والده خطيبًا ومؤذنا في مسجد الشعراني، حرص على ضمه إلى كُتّاب الحي منذ بلوغه السنوات الأولى، لكن «محمد» كان دائم الهرب من الكُتّاب. فقد عَرف في حلقات الذكر والإنشاد، رابطًا يجذبه طوال الوقت ولا يستطيع مقاومته.
في رمضان؛ كان يتفرغ عبد الوهاب للعبادات، والاستماع إلى التواشيح الدينية. وكان يعود إلى باب الشعرية، ويؤذن لصلاة المغرب من فوق مأذنة مسجد سيدي الشعراني. وهي العادة التي كان يواظب عليها والده، وكان الأهالي يقفون أمام باب المسجد، وتطل النسوة من النوافذ، ليستمعوا إلى الآذان بصوت محمد عبدالوهاب الرائع. كان والد محمد عبد الوهاب يحلم بأن يكون ابنه طالبا في الأزهر، ويخلفه في وظيفته كمؤذن لمسجد سيدي الشعراني، ولذلك وظل مواظبًا على هذه العادة حتى الخمسينيات من القرن الماضي.
أقرأ أيضًا: نساء في عالم التلحين│تقى طاهر: الموسيقى لا جنس لها
التحق «عبد الوهاب» بإحدى الفرق الموسيقية، ما اضطره للعمل في سيرك، ولكن باسم مستعار، وذلك حتى يتسنى له أن يغني بين فواصل الفقرات. ولكن ذلك لم يستمر طويلًا، فسرعان ما تخرج الشاب الموهوب من معهد الموسيقى، والتحق بفرقة فؤاد الجزايرلي، كانت الحرب العالمية الأولى مشتعلة في الآفقا، ولكن بوادر نهايتها كانت اقتربت. وفي عام 1920م؛ التحق بفرقة عبد الرحمن رشدى المسرحية.

«لقد كرهتُ أحمد شوقي». هكذا يقول محمد عبد الوهاب، عن ذكرى أول لقاء جمعه بأمير الشعراء بعد أن تقدم أحمد شوقي بنفسه إلى حكمدار القاهر بطلب بمنع محمد عبد الوهاب من الغناء مرة أخرى! يقول «عبد الوهاب»: «كنتُ حينها في فرقة عبد الرحمن رشدي، وصادف ذلك اليوم حضور الأستاذ أحمد شوقي لأحد عروض الفرقة. وما إن رآني بين أعضاء الفرقة، حتى توجه إلى حكمدار القاهرة بمنعي من الغناء والسهر».
اقرأ أيضًا: في يوم الإذاعة العالمي | كيف حافظ الراديو على تاريخ مصر وشكّل وجدان المصريين؟
وسرعان ما ارتبط محمد عبد الوهاب بأمير الشعراء أحمد شوقي، وتأثر به، ولحن له عددًا من قصائده مثل: مضناك جفاه مرقده، وأنا أنطونيو، والليل نجاشي. وعُرف في ذلك الوقت بـ مطرب الملوك والأمراء.
خلال تلك الفترة؛ التقى «عبد الوهاب» بـ سيد درويش، والذي أُعجب بصوته وعرض عليه العمل معه في فرقته الغنائية، مقابل 15 جنيهًا في الشهر! ورغم فشل فرقة سيد درويش آنذاك؛ إلا أنه، ظل ملازمًا لسيد درويش حتى توفي سريعًا وهو في ريعان شبابه (31 عامًا)، وعمل على حفظ تراث سيد درويش وترميمه طوال حياته.
توفى محمد عبد الوهاب عبد الوهاب، في مثل هذا اليوم، الرابع من مايو عام 1991م، إثر جلطة بالمخ، نتيجة سقوطه الحاد على أرضية منزله. شُيعت له جنازة عسكرية في اليوم التالي، بناء على طلب رئيس الجمهورةي آنذاك.