تبدأ «نور الزاهي» رحلتها صباح كل يوم من محافظة كفر الشيخ إلى القاهرة، تحمل ملابسها في حقيبتها، ولا تنسى رايتها وصافرتها وحذائها الرياضي، متمسكة بشغفها بكرة القدم، تطوف ملاعب القاهرة والمحافظات أيضًا، تلملم شعرها خلفها وترفع رايتها عاليًا وتعلن نفسها حكمًا لمباراة كرة القدم للرجال.

من ملعب صغير وأحلام صغيرة قضت «نور مسعد الزاهي» طفولتها تلعب كرة القدم مع أشقائها الذكور، ولم تكد تعرف في ذلك الوقت أن كرم اقدم ستكون بالنسبة لها أكثر من مجرد لعبة.
فلسفة وموهبة
ومع بلوغ نور مرحلة الثانوية العامة وجدت ابنة محافظة كرة الشيخ أن حق موهبتها عليها أن تنميها فانضمت إلى فريق نادي كفر الشيخ لكرة القدم النسائية عام 2000 إلى 2001، ثم فريق الجامعة حيث درست الفلسفة وتحضر تمهيدي الماجستير في كليه تربيه علم نفس.

كان أخوها «فتح الله» هو مشجعها الوحيد في تلك الفترة، عندما رأى اهتمامها بكرة القدم دفعها إلى لممارسة اللعبة ضاربًا بكل المعوقات التي من الممكن أن تواجه أي فتاة في تلك المرحلة عرض الحائط، كان يحلم أن تكمل ما توقف عنه.
تقول «نور» عنه :”كان يشجعني لأكمل عند آخر نقطة توقف عنها”.
لا يقف حلم «نور»حكم منطقة القاهرة عند الصعود إلى الدوري الممتاز لكن حلمها أبعد من ذلك، فهي تحلم بالسفر إلى كأس العالم، وبابتسامة هادئة تعترف أن ليس حلما سهل المنال لكنها تجري ورائه حتى يعرفها الجميع، ويشهد لها بالنجاح.

أتمت «نور» عامها العاشر في الملاعب حكمًا لكرة القدم، حيث قضت عامين حكما لكفر الشيخ، وثمانية سنوات في القاهرة، اعتادت فيهم قبل كل مباراة الذهاب إلى الملعب قبل ساعتين من بدايتها، تتفقد الملعب، تصفي ذهنها عما يدور فيه بخلاف الكرة، تبدل ملابسها، ثم تستجمع شجاعتها لتواجه اعتراضات اللاعبين الذكور، لتفرض عليهم قراراتها.
كان أخي يشجعني لأكمل عند آخر نقطة توقف عندها نور
دعم الأخوة.. سر التألق
شاركت نور في دوريات الناشئين والبراعم، ودوريات 14، و16، و18 عامًا، وسافرت إلى تونس للتحكيم في بطولة شمال أفريقيا، كل ذلك بدعم من أشقائها الثلاثة الذكور، التي استمدت منهم قوتها لتواجه سخرية البداية، والاعتراضات كونها حكما لكرة القدم والأمر الذي لايزال متعارفًا حتى يومنا هذا.
وفي الوقت الذي تهرب فيه الفتيات من حرارة الشمس وأشعتها تأتي نور إليها طواعية، تمارس تمارين اللياقة قبل كل مباراة، معترفة أنها تجد نفسها في تحكيم مباريات الرجال عن مباراة السيدات، تشعر بنفسها وبقرارتها وبالتحدي في مباريات الرجال، حيث تتواجد المنافسة أكثر، الأمر الذي ينعكس عليها أيضًا.

شخصيتي في الملعب تفرض على اللاعبين احترامي، فقد يسخرون مني في البداية، ولكن بعد المباراة يأتون إلى غرفة التحكيم للإشادة بي، هكذا تفرض نور شخصيتها، إلا جانب المحاسبة الذاتية فتجلس نور مع نفسها تراجع قرارتها وتقيم نفسها.
وعن شريك حياتها ترى ابنة كفرالشيخ، أنه يجب أن يكون متفهما لطبيعة عملها، وأن قضت 10 سنوات في الملاعب، سعيا وراء حلمها، بالإضافة أن التحكيم لن يمنعها من الاعتناء بحياتها الأسرية والاجتماعية، ليبقى حلم كأس العالم أمل نور الوحيد.
