حملة شبابية تثير القضية.. كيف تحمي نفسك من الجريمة الإلكترونية؟

«مبروك كسبت ثلاثة آلاف جنيه». رسالة متكررة على الكثير من هواتفنا المحمولة، لكنها كانت محل تجربة من طلاب في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وجدوا أن تتبع الرسالة يبدأ بطلب بيانات شخصية، وينتهي إلى عملية اختراق للهاتف، وهو ما يدخل ضمن نطاق «الجريمة الإلكترونية».
رسائل النصب لم تكن الطريق الوحيد إلى الجريمة الإلكترونية، لكن روابط المواقع الإلكترونية أيضًا تحفز بعض المستخدمين، إلى إدخال بياناته الشخصية، على أمل الفوز بـ «آيفون» أو جوائز قيّمة أخرى. ما يؤدي إلى خضوع المستخدم لعملية نصب باختراق بياناته، وسرقة أمواله، أو حساباته الشخصية.

الالتفات إلى الجريمة الإلكترونية، كان موضوع حملة إلكترونية، نظمها 18 شابًا وشابة، من الفرقة الرابعة، في قسم العلاقات العامة والإعلان، في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وذلك في إطار مشروعهم للتخرج. وتهدف هذه الحملة، في الأساس إلى التوعية بما تعنيه «الجريمة الإلكترونية»، خاصة ما يُسمى بـ «Dark Web»، أو الإنترنت المُظلِم.
اقرأ أيضًا: دراسة عربية حديثة: التنمر الإلكتروني يهدد 91% من المراهقين عبر السوشيال ميديا
لجأ الطلاب القائمون على الحملة، إلى مسح آراء حوالي 744 شخصًا، للوقوف على مدى انتشار الوعي بالجريمة الإلكتروني. وتشير معظم النتائج إلى أن الغالبية العظمى من العينة الخاضعة للاستطلاع، لا تدرك معنى «الجريمة الإلكترونية»، بل لا يدرجون ما يتعرضون له من ابتزاز، أو تنمر، تحت مسمى الجريمة من الأساس.
تقول دنيا خالد، في الفرقة الرابعة بقسم العلاقات العامة والإعلان في كلية الإعلام جامعة القاهرة، لمنصة «الناس. نت»، إن نتيجة المسح الأولي كشفت أن 12% فقط من المبحوثين، أبلغوا عن الجريمة الإلكترونية التي تعرضوا لها، لكنهم لم يعرفوا المتسبب في تلك الجريمة بالتحديد، أي كان مجهولا. مضيفة أن نسبة كبيرة من المبحوثين لم يؤمنوا على حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو البريد الإلكتروني الخاص بهم.
اقرأ أيضًا: تخلَّص من «السموم الرقمية».. جائزة مالية لكل شخص يبتعد عن الشاشات يوم كامل
وتسعى الحملة إلى التوعية بالجرائم الإلكترونية من خلال منشورات صفحة «Click Or Trick» الخاصة بالحملة عبر «فيسبوك»، والتي تتضمن منشورات تعريفية بالجريمة الإلكترونية، وكيفية تأمين الحسابات على مواقع التواصل، بالإضافة إلى «كبسولات إلكترونية» كل يوم جمعة، والتي تهدف إلى الوقاية من الأضرار الإلكترونية.
وسعت الحملة للتعريف بأضرار الروابط المرسلة من مجهولين، أو حتى عن طريق الخطأ، والتي تطلب بيانات شخصية، من خلال التوعية بمواقع من شأنها كشف صحة تلك الروابط قبل الدخول عليها، مثل موقع «فيروس توتال»، والذي يتيح وضع الرابط لأي موقع لمعرفة مدى أمانة، وأمان البيانات الشخصية للمستخدم في حالة الدخول إليه.
اقرأ أيضًا: خطط طموحة لبناء شبكة ملاحة فضائية.. هل يتحول القمر إلى قارة ثامنة؟
كما تقدم الحملة طرق تأمين حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«انستغرام» و«واتساب» ، وخطوات الدخول للإعدادات في كل تطبيق، بالإضافة إلى نصائح مثل عدم استقبال مكالمات من تطبيق «واتساب» من أرقام مجهولة، ومسح جهات الاتصال التي لا تتواصل معهم من الغرباء، والاستفادة من الإعدادات في التطبيقات المختلفة التي تؤمن الحسابات.
وساهمت الحملة في التوعية بالجرائم الإلكترونية من خلال «ويبنار» في العاشر من مايو الجاري، بعنوان «دور الإعلام في التوعية بالجرائم الإلكترونية وسبل الوقاية منها»، والذي استضاف عددًا من خبراء القانون، والأمن السيبراني، من أجل التوعية بمخاطر الجرائم الإلكترونية، والتي ليست قاصرة على النصب فحسب، وإنما أيضا التنمر، الذي يجرمه قانون حماية البيانات الشخصية لعام 2018، والذي صدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى في يوليو من العام الماضي.
اقرأ أيضًا: إدارة «فيس بوك»: اختراق بيانات نصف مليار مستخدم خطأ المستخدمين
وعلى سبيل المثال، نصت المادة 41 من القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث شهور وبغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه أو بأحدى هاتين العقوبتين كل حائز أو متحكم أو معالج جمع أو أتاح أو عالج أو أفشي أو خزن أو نقل أو حفظ بيانات شخصية حساسة بدون موافقة الشخص المعني بالبيانات أو فى غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وكشفت الحملة في مسحها أن هناك سببين رئيسيين لانتشار الجريمة الإلكترونية، وهما وقت الفراغ الذي يدفع عدد من المستخدمين إلى الدخول لروابط مجهولة، وثانيا تدني المستوى الأخلاقي الذي يدفع البعض لارتكاب الجريمة الإلكترونية، حتى ولو بهدف الكشف عن صور شخصية لآخرين.
اقرأ أيضًا: كلمات مرور خطيرة .. حساباتك معرضه للاختراق في هذه الحالة
وتضيف «خالد» لمنصة «الناس. نت»، أن هناك أعمالا درامية ساهمت في نشر نماذج للهاكرز أو المخترقين للبيانات والمقرصنيين، ما قد يدفع بعض الشباب لتقليدهم، مثل فيلم «الهرم الرابع»، أو أعمال فنية تنشر فكرة الجريمة الإلكترونية.
وفي تعقيبها على فعاليات الحملة، أكدت الدكتورة هويدا مصطفى، عميدة كلية الإعلام، أن المشروع الذي نفذه مجموعة من طلاب قسم العلاقات العامة، يكشف مدى الترابط بين مناهج الدراسة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والاحتياجات والقضايا المجتمعية، وتميز الطلاب بأفكارهم ومهاراتهم البحثية والعملية، وقدرتهم بدعم الكلية وأساتذتهم، في التصدي لإشكاليات يواجهها المجتمع المصري والدولي في آن واحد.
اقرأ أيضًا: هجوم إلكتروني يهدد العلاقات السياسية بين أمريكا وروسيا
وأعربت الدكتورة هويدا عن تقديرها لدور وزارة الشباب، وتعاونها مع الكلية. مؤكدة أن هذا التعاون هو نموذج لتواصل الكلية مع أجهزة الدولة ومؤسساتها، بما يحقق نتائج مبشرة وإيجابية لتفعيل العلاقات العلمية والمجتمعية تنفيذا لإستراتيجية جامعة القاهرة، ورؤيتها لخدمة قطاعات المجتمع المختلفة، حسبما ذكر بيان لكلية الإعلام بجامعة القاهرة.
وأشادت الدكتورة داليا عبدالله، رئيس قسم العلاقات العامة والإعلان، بحماس الطلاب للعمل، وقدرتهم على تلخيصه وشرحه وتوضيح مفاهيم الجرائم الإلكترونية رغم تشابكها وتعقيدها، كما أعربت عن فخرها بإصرار الطلاب على إتمام العمل وإقامة “ويبنار” لعرض نتائج المشروع رغم صعوبة الظروف التي تمر بها البلاد نتيجة جائحة كورونا والقرارات الرسمية بمنع التجمعات.
اقرأ أيضًا: توفر 200 ألف جنيه.. كل ما تريد معرفته عن السيارة الكهربائية المصرية
وقالت الأستاذة هناء حمدي، إن المشروع ليس مجرد «كلام على ورق»، وإنما نسعى لأن يرى النور، وتتبناه الدولة، خصوصا في ظل التوجه نحو رقمنة المعاملات الرسمية، والحاجة إلى التوعية من مخاطر الجرائم الإلكترونية بأشكالها المختلفة.
وتسعى الحملة إلى استكمال دور التوعية بالجريمة الإلكترونية، حتى عقب التخرج، مضيفة “الجريمة الإلكترونية ليست مسألة مؤقتة، ولكنها مستمرة طوال تواجد الانترنت، وخاصة في ظل تزايد التحول الرقمي في ظل أزمة وباء كورونا”.