القضاء على العمى أصبح ممكنًا.. تقنية جديدة تعيد الأمل لفاقدي البصر

توصل فريق دولي إلى تقنية جديدة، لاستعادة البصر جزئيا تجمع بين العلاج الجيني والتحفيز الضوئي، تظهر الرؤية المستعادة باللونين الأبيض والأسود، ينقصها فقط القدرة على تمييز بعض التفاصيل.
وبحسب عدة تقارير، خضع مواطن فرنسي كفيف (58 عاماً)، لتجربة سريرية باستخدام «علم البصريات الوراثي» لأول مرة في تاريخ طب العيون، ما أدى لاستعادة وظيفة عينيه جزئيا.

وكان المريض يعاني من اعتلال الشبكية الصباغي(RP) وهو مرض وراثي تنكسي يدمر الخلايا المستقبلة للضوء في شبكية العين ما يفقد البصر تدريجيا حتى يصل إلى العمى. وبفضل هذه التقنية الجديدة والنظارة الطبية الخاصة بدأ في استعادة بصره جزئيًا عن طريق تعديل الخلايا وراثيًا في إحدى عيونه. ومن ثم تستجيب الخلايا لنبضات الضوء التي يتم توصيلها عبر النظارة الطبية المزودة بكاميرات. بعدما وصل إلى مرحلة عدم إدراك وجود ضوء غير أن العلاج أتاح له تحديد مكان الأشياء ولمسها.
اقرأ أيضا: الخداع البصري.. كيف يغير الاكتئاب رؤيتنا إلى العالم؟
جاء هذا الإنجاز بعد شهرين ونصف الشهر من التدريب باستخدام النظارات الخاصة التي تتميز بجهاز عرض ضوئي داخلي مع ملاحظة أن البحث الأساسي كان قيد الإعداد لمدة ثلاثة عشر عامًا.
وقال القائمون على التجربة أن دراسة التقنية الجديدة شارك فيه فريق فرنسي وسويسري وأمريكي بينما كان العلاج الوحيد المعتمد حتى الآن لحالات “RP” يعتمد على استبدال الجينات المعروف أنها تعمل فقط في شكل مبكر من المرض.
خبراء الصحة
في هذا الصدد أفاد الباحثون وخبراء الصحة بأن العلاج البصري الوراثي ربما يكون مفيدًا في استعادة الرؤية للمرضى المصابين بالعمى بسبب مرض RP. ولكن مازلنا في حاجة إلى مزيد من الدراسات لاستكشاف فعاليته بينما من المرجح أن يكون متاحًا للاستخدام في غضون 5 سنوات.
ومن جهته قال طبيب العيون خوسيه آلان سهل، من جامعة السوربون في باريس، إن المريض لم يستطيع في البداية رؤية أي شيء مع النظام، وكان الأمر محبطا للغاية لكنه وبشكل عفوي بدا متحمسا بعد ما بدأ يرى خطوطا بيضاء عبر الشارع.
مخاطر أقل
وفي السياق ذاته قال الباحث المشارك في الدراسة من معهد طب العيون الجزيئي والسريري في بازل دكتور بوتوند روسكا، إن النهج المتبع ينطوي على مخاطر أقل بكثير من جراحة الدماغ، وأن هناك طريقة أخرى يتم استكشافها لعكس العمى، وعلى عكس العلاج باستبدال الجينات، يمكن استخدامها مع الأشخاص الذين فقدوا بصرهم بالفعل.
العلاج الجيني
ويعتمد العلاج الجينى على عملية إدخال موروثات سليمة إلى الخلايا لتصحيح عمل الموروثات غير الفعالة بغية علاج المرض.
وتقوم فكرته هذا النوع من العلاج على استبدال جين طبيعى بالجين المعطوب. ومن الممكن التدخل العلاجى فى عدة مراحل بعد التشخيص المبكر بالأدوية المثبطة لعمل الجينات المنتجة للورم. أو عن طريق إجراء تبديل جينى للعلاج قبل الإصابة.

وعادة ما تقوم هذه الجينات بالعمل اللازم وتعوض المريض عن النقص فى عمل جيناته المعطوبة، ويمكن أن تكون هذه الأمراض الجينية المراد علاجها وراثية أو أمراضا غير وراثية ظهرت فى الشخص بعد ولادته نتيجة طفرات.
ويقدر عدد الأمراض المعروفة التى تسببها طفرات جينية بـ1500 مرض، (السكرى، الربو، الأزمة القلبية السرطان).
تجارب سابقة
وفي سياق متصل سبق وان توصل باحثون بجامعة مانشستر البريطانية إلى تقنية تعتمد على التلاعب الوراثى البصرى. عن طريق حقن العين بأحد الجينات الرئيسية المسؤولة عن تحويل بعض الخلايا العصبية غير المستقبلة للضوء إلى مستقبلات للضوء.
اقرأ أيضا: هل يتسبب «العطس» في توقف القلب وخروج العين من مكانها ؟
ويتضمن هذا العلاج الجينى استخدام أحد الفيروسات المُصممة خصيصا لحمل معلومات صحيحة، عبارة عن تتابعات وراثية صحيحة لإنتاج بروتين «رودبسين» المسؤول عن الإحساس بالضوء فى الخلايا العصبية.
ومن المعروف أن لهذه القدرة على التقاط الضوء. وإرسال إشارات للمخ بشكل يسمح باستعادة جزء من البصر، ما يساعد فاقدى البصر نتيجة التهاب الشبكية الصباغى على استعادة بصرهم.
ضعف الإبصار الشديد
وقال خبير دراسات شبكية العين جيمس بينبريدج من كلية لندن، والذي لم يشارك في الدراسة الحالية: إن “هذه التكنولوجيا الجديدة المثيرة ربما تساعد الأشخاص، الذين يعانون من ضعف شديد في الإبصار”.
وأضاف: “يبدو أن التدخل يحسن القدرة على تحديد موقع شيء ما عن طريق البصر”. واصفًا الدراسة بأنها “عالية الجودة” و”أجريت بعناية ويتم التحكم فيها”.
اقرأ أيضا: الخداع البصري.. كيف يتحول اللون الأبيض إلى ظل سماوي حقيقي؟
وتابع بينبريدج إلى أن النتائج استندت إلى الاختبارات المعملية التي تم اجراؤها على مريض واحد فقط. ما يعني أنه يجب أن يكون هناك مزيد من العمل لمعرفة ما إذا كان من المتوقع أن توفر التكنولوجيا رؤية مفيدة بشكل عام عموم المرضى.
وفي المقابل؛ قال البروفيسور بينبريدج، إن النقطة الأكثر أهمية هي أن المرضى المكفوفينالذين يعانون من أنواع مختلفة من مرض المستقبلات الضوئية التنكسية العصبية والعصب البصري الوظيفي سيكونون مؤهلين للعلاج.
يذكر أن أول تجربة لاستخدام العلاج الجينى ترجع إلى عام 1990 عندما قام الطبيبان فرنش أندرسون ومايكل بلاز بمحاولة علاج طفلة مصابة بمرض عوز المناعة المشترك الشديد بإدخال المورثة المختصة بتقوية جهاز المناعة فى جسم الإنسان، ولاقت التجربة نجاحا جزئيا حيث استطاع العلاج تقوية الجهاز المناعى للطفلة بنسبة 40%.