تحدي العلم.. بريطانيا تُخزن الانبعاثات الحرارية لاستخدامها في التدفئة

في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة في الكثير من دول العالم، تدرس بريطانيا مشروعًا يوفر الانبعاثات الحرارية المهدرة من مراكز البنايات ومنشآت الصرف الصحي، لاستخدامها في تدفئة المواطنين في بريطانيا. وذلك عن طريق مستقبِل خاص يتميز بانخفاض الانبعاثات الكربونية.

تجميع الحرارة
ويهدف المشروع إلى تجميع الحرارة المنبعثة من الصناعات وعمليات الحرق، لتوصل عبر الأنابيب إلى المنازل والمستشفيات والمدارس والمكاتب، ويمكن كذلك أن تُشفط الحرارة من الأنهار والبحار ومن مناجم الفحم القديمة، باستخدام مضخات للحرارة تعمل عكس مبدأ عمل الثلاجات.
وقال مستشارون للحكومة البريطانية؛ إن خُمس الحرارة المطلوبة للبنايات يأتي مما يسمى بشبكات التدفئة المركزية، وهي عبارة عن شبكات من الأنابيب الممدودة تحت شوارع المدن، لنقل الماء الدافئ الذي يتم توليده في موقع مركزي، بواسطة تكنولوجيا قليلة الانبعاثات الكربونية.
وهذا هو جزء من ثورة التدفئة التي يدفعها للأمام التزام بريطانيا بمكافحة التغير المناخي عبر إنهاء حرق الغاز من أجل التدفئة، وقد تركز الجدل حتى الآن، على المعركة بين مضخات الانبعاثات الحرارية ذات مصدر الهواء الفردي و التدفئة بالهيدروجين للمنازل السكنية.

التدفئة المركزية
ومن جانبه قال كريس ستارك، من اللجنة الاستشارية للحكومة، حول التغير المناخي، أنه من المهم حقا إدخال التدفئة المركزية في النقاش، كما أنها جذابة للغاية بالنسبة للمدن ذات الكثافة السكانية العالية، والنموذج الأفضل لمجالات الحفاظ على البيئة، لأنها تقدم حلا منخفض الانبعاثات الكربونية للمنازل التي يكون من الصعب فيها أو من المكلف تحديث بنية المبنى نفسه.
كما تعتبر شبكات التدفئة المركزية كهذه شائعة في الدول الاسكندنافية، ويتم تشغيلها بوقود مستخلص من بقايا صناعة الخشب أو النفايات البلدية التي تأتي من المنازل، وأضاف ستارك إنه يتعين على كل بلدة ومدينة أن تبدأ بالتخطيط ووضع تقسيم للمناطق لوضع حد للانبعاثات الكربونية من التدفئة، ويتوقع بأن يتم استثمار 20 مليار جنيه إسترليني في التدفئة المركزية بحلول العام 2030.
ويقول «ستارك» إن مناجم الفحم الغارقة بالمياه والمهجورة قد توفر مصدرًا جيدا للحرارة، وقد افتتحت مدينة لندن المرحلة الأولى من شبكة للتدفئة تجمع الحرارة من مترو الأنفاق، هذا بالإضافة إلى أنه تحث لجنة التغير المناخي الحكومة بأن توفر في استراتيجيتها القادمة حول التدفئة والمباني تمويلا متعدد السنوات لمشاريع التدفئة المركزية.
وفي النماذج التي وضعتها لجنة التغير المناخي، ثمة حوالى 18% من المنازل ستتم تدفئتها من خلال التدفئة المركزية بحلول 2050م.

سخانات كبيرة
سيكون هذا المشروع تحدٍ هائل بالنسبة لصناعة التدفئة المركزية الناشئة في بريطانيا، والتي تزود حاليا اثنين إلى ثلاثة في المئة فقط من متطلبات التدفئة. وعلاوة على ذلك؛ يتم توفير هذا الجزء من خلال سخانات كبيرة تعمل بالغاز، وسيتعين على هذه السخانات أن تتحول إلى مصادر للطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية من أجل إنجاح الخطة.
وقد يتعين على الناس أن يركّبوا مشعات جديدة أكبر من المستخدمة حاليا، بمقدار الخُمس لكي يتمكن نظام التدفئة من العمل بكفاءة أكبر عند درجات الحرارة المنخفضة.. وقال سيمون وودورد من اتحاد الطاقة المركزية في بريطانيا أن هناك ما يكفي من الحرارة التي يتم هدرها يوميا في بريطانيا من الصناعة ومصادر أخرى لتدفئة جميع المنازل.
وتعكف الحكومة حاليا على وضع خطة لتحديد مناطق مناسبة للتدفئة المركزية بحلول 2025، ويتوقع أن تكون السلطات المحلية مشاركة إما في تكليف جهات لتنفيذ الخطط أو في تسليمها، وأضاف وودورد إن التدفئة المركزية ستُستخدم بشكل أساسي في المباني الكبيرة، مُقرًا أن بعض مستخدمي التدفئة المركزية قد سُرقت أموالهم في السابق.