ليس مشهدا في مسلسل مصري كما شاهدناه من قبل، ولكنه حقيقة لصبي سكندري، يعاني منذ ولادته وحتى بلغ الآن الخامسة عشرة من عمره، من عدم قدرته على نطق حروف اللغة العربية. بل إن الأطباء يشيرون إلى أنه مصاب بمتلازمة نادرة، تجعله قادرًا على التحدث باللغة الإنجليزية فقط!
متلازمة اسبرجر ومرض كاوساكي
قالت والدة بيبرس ممدوح عمرو، البالغ من العمر 15 عاما، إنه يعاني من متلازمة «اسبرجر»، وهي إحدى أنماط التوحد. وتندرج هذه المتلازمة ضمن مجموعة من الأعراض المؤثرة على القدرات اللغوية والحركية لكن بشكل أقل وطأة من مرض التوحد نفسه. وذلك بحسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، والدليل الإحصائي الأمريكي للاضطرابات النفسية.
اقرأ أيضا: ابنك مصاب بالتوحد؟.. خطوات تساعدك على حمايته من المخاطر
وأشارت والدة «بيبرس»، أن معاناة ابنها بدأت منذ اللحظة الأولى لولادته، وحينما أعلن الأطباء إصابته بمرض «كاواساكي». وبعد مرور عامين؛ لاحظت الأم اضطرابا في حركة ابنها عندما بدأ تعلم المشي، كما تأخر في النطق حتى عمر 4 أعوام.
رفض اللغة العربية
أضافت والدة «بيبرس»، أنها لم تكن تعلم أن تأخره في التحدث ناتج عن رفضه النطق باللغة العربية. حتى فوجئت به ينطق أولى كلماته باللغة الإنجليزية، ثم توالت بعدها الكلمات الصعبة على لسانه حتى وصل إلى عمر الـ7 سنوات.
اقرأ أيضا: أول مصاب بالتوحد يفتتح صالة ألعاب رياضية خاصة بمرضى التوحد
ولفتت الأم إلى أنها خاضت رحلة كفاح طويلة بدءا من محاولات تعليمه اللغة العربية، مرورا بمشكلات الالتحاق بالمدارس،حيث التحق بيبرس بــ 8 مدارس مختلفة طوال رحلة تعليمه حتى وصل إلى الصف الثاني الإعدادي. فيما كان يواجه تنمرا من البعض خاصة خلال تعامله في الشارع، نظرا لاختلاف اللغة بين العربية والإنجليزية، لكن مؤخرا بدأ يتفهم الأمر واعتاد عليه، ولم يعد ينزعج من ذلك.
أمر واقع
أوضح بيبرس من جانبه أنه تقبل الأمر الواقع واعتاد عليه حتى أصبحت اللغة الإنجليزية لغته الأولى ولا يستطيع التحدث بغيرها في إشارة إلى صعوبة اللغة العربية بالنسبة له. مشيرا أن مشكلته الرئيسية الآن هي عدم قدرته على التحدث بلغة المحيطين به ما يشعر الآخرون بالتجاهل ويعرضه للمواقف المحرجة. وأيضا استلمت الأم دون يأس لحالة طفلها وبدأت تتعايش مع حالته حتى أتقنت اللغة الإنجليزية من كثرة محاورته.
أما عن طموحه وأحلامه يقول بيبرس أنه سيكون يوما ما شخصا عظيما وسيحاول جاهدا تحقيق ذلك. فهو يريد أن يجعل من حوله سعداء بحسب قوله. مؤكدا على شعوره بالتميز بتحدثه اللغة الإنجليزية..فهو مغرم بالعلوم ودراستها، من فيزياء وكيمياء وأحياء، ويتمنى أن يصبح يوما ما عالما.
اقرأ أيضا: في يومه العالمي.. 7 خرافات حول مرض التوحد لا تصدِّقوها
وقالت الأم أيضا منذ اللحظات الأولى لاكتشاف حالته توقعت له مستقبلا كبيرا. متمنية أن يحصل بيبرس على منحة في جامعة زويل للعلوم، لتنمية مهاراته في العلوم، والحفاظ على شغفه بالعلم، فضلا عن اندماجه في المجتمع حتى لا تؤثر عليه حياة العزلة.
يشار إلى أن هذا المتلازمة هي حالة مرضية نادرة، ونوع من اضطراب الكلام الحركي، تم اكتشافه عام 1907، وتوثيق 100 حالة في القرن الماضي، واتضح التغير فى اللغة من الإنجليزية البريطانية إلى الفرنسية أو الصينية،الإنجليزية الأمريكية إلى الإنجليزية البريطانية،الإسبانية إلى المجرية،اليابانية إلى الكورية. فيما يُظهر المصابون بهذه المتلازمة صعوبات كبيرة في تفاعلهم الاجتماعي مع الآخرين من ناحية الجوانب اللغوية والإدراكية وقد يتبنى المصاب بها لغة واحدة فقط دون غيرها.
