رأي الناس

نوال مصطفى تكتب: سر القط «أوسكار»

كثيرة هى الحكايات التى تحفظها الذاكرة عن القطط، البعض يحسها أرواحا متلبسة جسد قط، والبعض يخاف منها ويصرخ لو اقتربت منه، والبعض يربيها، و يجعلها تنام في سريره كما لو كانت طفلا من أطفاله، يلاعبها، يدللها، ويحممها.

ضمن حكايات كثيرة عن القطط استوقفتني حكاية القط الأمريكي «أوسكار» والسر الذى حوله من مجرد قط أليف إلى شخصية مهمة جدًا، ومحط تركيز وانتباه جميع أطباء وطواقم التمريض في مركز Steere House للتمريض وإعادة التأهيل في بروفيدنس، رود آيلاند، بالولايات المتحدة الأمريكية.

القصة باختصار تبدأ وتنتهى عند قدرة خاصة جدًا – أو سمها حاسة سادسة إن شئت – موضوعها التنبؤ بالموت. فعندما يزور القط «أوسكار» مريضًا، يعلم الجميع أن الموت أصبح على أعتاب بابه.

تم تبني أوسكار كقط صغير من قبل هذا المركز، ضمن مجموعة من ست قطط في عام 2005، وكان هذا القرار انطلاقاً من فلسفة المركز العلاجية التى يقدم بها نفسه كمنشأة «صديقة للحيوانات الأليفة»، تتيح لمجموعة متنوعة من الحيوانات الأليفة زيارتها، والإقامة فيها.

يحتوى المركز على 41 سريرًا تعالج الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر في مراحله النهائية ومرض باركنسون وأمراض أخرى، ومعظمهم مرضى غير مدركين ما يحيط بهم.

نعود إلى حكاية «أوسكار» الغريبة مع المرضى هناك، والتى جاءت على لسان كل أطباء المركز والعاملين به، هو في الأساس قط يحب العزلة، متوحد تقريبا. لديه قدرة غامضة على توقع الموت الذى يتمشى في هذا المكان كثيرًا، ثم يختار من يصبه الدور.

اقرأ أيضاً: نوال مصطفى تكتب: هل نختلف نحن البشر عن الحيوانات؟

يروي دكتور ديفيد دوسا، مدير المركز، قصة «أوسكار» ويقول إنه :” ليس قطاً صديقاً للحياة، لكنه يهتم جدًا بمن هم على وشك الموت. عندما يكون المريض على أعتاب الموت، يشعر أوسكار بطريقة ما. يتوجه إلى سرير هذا الشخص، يلتف جسده، ويتكور فوق السرير، ليكون برفقة الشخص الذى يودع الحياة سواء كان رجل أو إمرأة. في غضون ساعتين على الأكثر يكون هذا المريض قد فارق الحياة فعلاً”.

تنبأ «أوسكار» بصورة أذهلت كل من تابعها بوفاة أكثر من 50 مريضًا، وكُتب عنه في مجلة نيو إنجلاند الطبية المعروفة. شاهد الأطباء والممرضات العاملون هناك “أوسكار” مرارًا وتكرارًا وهو يستلقي في الفراش مع المرضى حتى يموتون بسلام ثم يغادر الغرفة بهدوء.

يحلل الدكتور دوسا تلك المقدرة الغريبة على التنبؤ بالموت بأن «أوسكار» لديه قدرات خارقة، كما إنه قط ملئ بالإنسانية، يريد أن يبعث الراحة والطمأنينة في قلوب المرضى خلال ساعاتهم الأخيرة.

عندما ذاعت شهرة “أوسكار” أغلق أفراد بعض أقارب المرضى الباب في وجه “أوسكار” وتركوه واقفاً خارج الغرفة، اعتقاداً منهم إنه يبعث الشؤم في المكان، كان ينتظر هناك وهو يبكي ويقطع الرواق ذهابًا وإيابًا حزناً على من اقتربت نهايته، وهو عاجز عن تأدية دوره في مرافقته حتى يمضى بسلام في لحظاته الأخيرة.

كيف يعرف أوسكار أن الموت قريب؟ هل يمتلك فعلا قدرات خارقة للطبيعة؟ يعتقد بعض الناس أنه ربما يقرأ لغة الجسد للأطباء والممرضات الذين يعالجون المرضى. ربما يكون ذلك صحيحاً، لكن الأمر يتجاوز ذلك كثيرًا. فقد جاءت في شهادات الأطباء والممرضات والعاملين في المركز إنهم يعرفون أن وفاة أحد المرضى أصبحت وشيكة عندما يشاهدون «أوسكار» يفتح باب غرفة هذا المريض، ثم يقفز فوق سريره، ويتكور إلى جانبه.

نظرية أخرى تحاول تفسير هذه الظاهرة الغريبة، يعتقد أصحابها أن أوسكار قادر على شم رائحة التغيرات البيوكيميائية التي تحدث قبل الموت. وأن هناك عددًا من الحالات الطبية المختلفة يمكن التعرف عليها عن طريق الرائحة. ويقولون إنه في المستقبل قد تكون الرائحة إحدى الوسائل المهمة في تشخيص الأمراض.

وأنت قارئى العزيز، كيف ترى قصة هذا القط الغريب الذى لم تكذب تنبؤاته مرة واحد طوال ستة عشر عاماً منذ تبناه هذا المركز الطبى. هل لديك تفسيرا لما يحدث؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى