بتشوف بنور القلب| كفيفة تطلق مبادرة لتعليم المكفوفين الطبخ
هبة زين العابدين، (23 عاما)، ابنة محافظة الفيوم، ولدت بضمور في العصب البصري، ما أصابها بكف بصري كامل. ولكن الله زرع في قلبها نورًا وبصيرة. استطاعت أن تتم دراسة اللغة الإيطالية في كلية الألسن في جامعة عين شمس. وأطلقت مؤخرا، مبادرة «جوة الحلة» لتعليم المكفوفين الطبخ والتعامل مع أدوات المطبخ الحادة، من خلال الوصفة المسموعة.
طفولة «هبة» كلها فضول وحب للمعرفة
منذ أن كبرت «هبة» وأدركت الحياة حولها، أرادت والدتها أن تعرفها على الأشياء حولها، رفضت الأم أنتتركها هكذا عرضة للسخرية من البعض أو الشفقة من البعض الآخر، تؤكد هبة زين العابدين الفتاة الكفيفة صاحبة مبادرة تعليم المكفوفين الطبخ، على أن والدتها هي صاحبة الفضل في أن تصبح هبة على ماهي عليه الآن، وتصبح “الشيف هبة” التي أتقنت التعامل مع كافة أدوات المطبخ منذ أن كانت في سن صغيرة، حتى تم الاعتماد عليها لتطلق مبادرة “جوة الحلة” منذ حوالي تسعة أشهر لتعليم المكفوفين الطبخ والتمييز بين أنواع الطعام المختلفة، تقول هبة :”أنا عشان عايزة أعمل حاجة للمجتمع أغير بيها نظرتهم للمكفوفين وتكون إيجابية قررت أشارك وأعلمهم يتعاملوا بشكل طبيعي مع أدوات المطبخ الحادة سواء النار أو البوتاجاز أو غير ذلك”.
وتشير هبة زين العابدين ابنة محافظة الفيوم، إلى أن بحبها للطبخ لم يكن وليد اليوم، ولكنه يعود إلى أكثر من 12 عاما حينما كانت تدخل مع والدتها إلى المطبخ وتستمع إلى أصوات “غريبة” تصدر منه أثناء تجهيز الأم لوجبة الغداء فتسألها ما هذا فوجدت الأم في هبة الفتاة الذكية النبيهة بالفعل أصبحت تعتمد عليها في الكثير من مهام الطبخ حتى أصبحت هبة متقنة للعديد من وصفات الطعام سواء الحلويات أو المأكولات الأخرى، وبكل حرفية ودقة تتعامل هبة مع المطبخ وأدواته ومع النار، تقف على مسافة تحسبها بعقلها حتى تكون بعيدة عن البوتاجاز، تعتمد على حواسها الخمس وتجعلهم يعملون بكفاءة عالية أثناء الوقوف في المطبخ تعتمد على أذنيها وحاسة الشم لمعرفة هل نضج الطعام أم مازال نيئًا، وتعتمد على حاسة اللمس والشم في التفريق بين الملح والسكر والكزبرة والبقدونس حتى أصبحت “ست بيت درجة أولى!”.
مازالت هبة تتذكر المرة الأولى التي دخلت فيها المطبخ وحدها وأحضرت طعام الغذاء في غياب الأم في عملها في إحدى مدارس محافظة الفيوم، فتعلق قائلة :”أنا فاكرة وقتها ماما كانت برة ودخلت المطبخ عملت لهم أرز ولحم وفاصوليا، ماما فوجئت لأنها متعودة إني بعمل الأكل قدامها، لكنها وجدتني بعمل ده لوحدي”.
هبة زين العابدين فتاة متعددة المواهب
لم يكن إتقان هبة لفن الطبخ واحترافها في المطبخ وإطلاقها لمبادرة “جوة الحلة” لتعليم المكفوفين الطبخ هو الموهبة الوحيدة التي تتمتع بها، فهبة صاحبة سرعة بديهة وقدرة عالية على الاستيعاب مكنها هذا الأمر من أن تختم قراءة وتجويد القرآن الكريم في سن صغيرة، كانت الأولى على مدرستها في المراحل الدراسية الابتدائية والإعدادية والثانوية، وكرمها محافظ الفيوم أكثر من مرة، برعت هبة زين العابدين أيضا في مجالات الهندسة الصوتية وحصلت على دبلومة في دورات تدريبية “أون لاين”، تؤكد هبة على أن والديها هما من ساعداها على الوصول إلى ما وصلت إليه، حتى أن والدتها لغة برايل وطريقة الكتابة بها وكذلك طريقة قرائها حتى تعلم هبة كيفية استخدام طريقة برايل.
اقرأ أيضًا: «أول الغيث».. مبادرة الرئيس لإنقاذ مرضى ضمور العضلات
ليس هذا فقط فقد برعت هبة زين العابدين صاحبة مبادرة جوة الحلة لتعليم المكفوفين الطبخ، في عدد من المجالات مثل التنمية البشرية والإرشاد السياحي وحصلت على عدد من الدروات التدريبية في مجال خدمة العملاء.