حكايا ناس

العنف الأسري في مصر.. ظاهرة تلفت الانتباه عالميًا

أصبحت ظاهرة العنف الأسري، مؤخرًا؛ من الظواهر المتزايدة في المجتمع المصري. بداية من الإيذاء النفسي، والجسدي، وحتى القتل في أحيانٍ ليست قليلة.

في دراسة حديثة للمجلس القومي للمرأة، بعنوان «العنف ضد النساء فى مصر»، ظهر أن 28% من النساء يتعرضن للعنف الجسدي على أيدى أزواجهن. وفي المقابل فإن ما يقرب من أربعة بين كل خمسة رجال وجهوا شكلا ما من أشكال العنف النفسي إلى زوجاتهم، فضلا عن وقائع متكررة من العنف تجاه الأبناء.

اقرأ أيضا: جرائم لا يعاقب عليها القانون.. أبرزها تبادل الزوجات وخطف الأبناء

وأشار تقرير حديث لمنظمة «اليونسيف»، أن العنف الجسدي تجاه الأطفال في مصر بلغ حوالي 75%، سواء عن طريق الأسر أو حتى من خلال دور الرعاية، فيما أشار التقرير الصادر عام 2018، أن 40% من الأطفال يتعرضون للعنف النفسي.

الأم المتهمة بقتل رضيعها في الشرقية

فوجئ سكان محافظة الغربية، يوم السبت الماضي، بجريمة بشعة. إذ وجهت تهمة القتل إلى ربة منزل بعد أن طعنت ابنها بسكين، وحاولت قتل زوجها وابنتها. وحسب مديرية أمن الغربية، فقد تبين شاب على يد أمه وإصابة والده بجروح طعنية متفرقة، وتبين من الفحص المبدئي إصابة الأم بنوبة نفسية دفعتها لارتكاب الجريمة، فجرى اقتيادها إلى ديوان القسم، ونقل الجثة لمشرحة مستشفى طنطا الجامعي تحت تصرف النيابة العامة.

اقرأ أيضًا: تجربة جديدة لعلاج مرضى كورونا وتقليل خطر الوفاة

وفي الرابع من يونيو الجاري، شهدت مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية حادثاً مآساوياً، عندما تجردت أم من كل معانى الأمومة وأقدمت على قتل طفلها البالغ من العمر 3 شهور مستخدمة ريموت التلفزيون في تهشيم رأسه لكثرة صراخه وفرت هاربة.

أكثر من ثلاث أرباع الأطفال في مصر يواجهون العنف الجسدي بحسب اليونسيف

الخلافات الزوجية هي السبب

وفي أبريل الماضي، لقى طفل رضيع لا يتجاوز الثلاثة أشهر مصرعه على يد والدته في محافظة الجيزة، وذلك بعد الاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه، ما أسفر عن مفارقته الحياة. وكانت النيابة العامة بجنوب الجيزة أمرت بعرض الطفل على مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبى عليه، وبيان الإصابات التى لحقت به وأسفرت عن وفاته، وطلبت تقريرا طبيا وافيا عن حالته.

وكشفت التحقيقات أن خلافات نشبت بين المتهمة وزوجها الذى يعمل موظفا، تطورت إلى مشاجرة اعتدى خلالها الزوج على زوجته بالضرب وأجبرها على توقيع إيصالات أمانة لصالحه، وتبين أن سبب المشاجرة هو طلب الزوجة من طليقها أموالا للإنفاق على أطفالها منه، دون علم زوجها الحالى، وأضافت التحقيقات أن الأم اعتدت بعد الخلاف مع زوجها، على ابنها الرضيع صاحب الـ3 أشهر، بالضرب حتى فارق الحياة.

ومنذ 3 أعوام، شهدت محافظتا الدقهلية والمنيا، واقعتين متشابهتين لقتل 4 أطفال لم تبلغ أعمارهم الـ5 سنوات على يد آبائهم، الأولى كانت على يد أبّ ألقى بطفليه في ترعة أثناء اصطحابهما للاحتفال بعيد الأضحى بأحد الملاهي، مبررًا فعلته بأنه كان يمر بضائقة مالية وفقًا لاعترافاته أمام النيابة، فيما كانت الواقعة الثانية على يد أم عشرينية ألقت طفليها في ترعة بإحدى قرى محافظة المنيا، ولكن شاهدها أهالي القرية واستطاعوا أن ينقذوا أحدهما، وأرجعت الأم السبب إلي وقوع مشاجرة مع زوجها.

سامية خضر أستاذ علم الاجتماع

علم الاجتماع: الفقر والخلل النفسي أسباب واضحة

وتفسر سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، ظاهرة العنف الأسري من قبل أفراد الأسرة الواحدة بأنه العنف الأسري أصبح ظاهرة يزيد تفشيها يوما بعد يوم، مضيفة في تصريح لمنصة “الناس دوت نت” أن الأسباب المجتمعية التي قد تدفع للجرائم متعددة، وأن “المشاكل الاجتماعية لا يمكن تحليلها بعنصر واحد فقط”.

وتابعت أستاذ علم الاجتماع أن أحد أهم أسباب تفشي العنف في عدد من الأسر المصرية مؤخرا هو الشعور بعدم الرضا في طبقات فقيرة، وسط مجتمع يعاني من العولمة والتفاوت الطبقي الشديد.

وتضيف «خضر»، أن من الأسباب التي تدفع للعنف الأسري هو غياب التربية والوعي، وأن الأسر التي تربت أطفالها في السابق على برامج إذاعية وتلفزيونية تنمي الروح والعقول، أصبحت غير موجودة الآن، وتضرب خضر المثل “الأسر الآن تسمع في التلفزيون البطل الرئيسي وهو يقول (اتفرج على أبوك وهو بيقتل أبوه)”، في إشارة لمقطع من مسلسل “نسل الأغراب” الذي عرض في الموسم الرمضاني السابق معتبرة انه يعزز من ثقافة القتل.

 

وتفسر خضر بأن الدراما أحد أهم الأسباب التي قد تدفع للعنف، وتتابع “في السابق كنا نسمع بابا عبده، الأب صاحب المثل والأخلاق، وغيره من الأعمال الدرامية والفنية التي تنشر التربية ومفاهيمها الصحيحة.

وعن ظاهرة قتل الابناء تحديدا، تشير خضر إلى أن كل العوامل السابقة، التربية والفقر وعدم الرضا، قد يساهم فيالفنان أحمد السقا في مشهد من مسلسل نسل الأغراب إحداث الخلل النفسي الذي قد يدفع أحد أفراد الأسرة إلى ارتكاب الجريمة، وتضيف “علينا كمجتمع أن نسأل أنفسنا: نحن نشرب من أي بئر؟ هل يوجد بئر نظيف الآن يدفع بالتربية الصحيحة؟ هل تصدينا كمجتمع لظواهر مثل انتشار المخدرات والأمية والبطالة وغيرها؟ كلها ظواهر تساهم في تفشي ظاهرة العنف الأسري”.

خبير: المرض النفسي “حجة” للإفلات من العقاب

ويرى جمال فرويز أستاذ الطب النفسي أن دفاع الأمهات أو الآباء عن أنفسهم بأنهم قتلوا أطفالهم بعد “أزمة نفسية” أو اقحام المرض النفسي بوجه عام كسبب للجريمة يعتبر “شماعة”  أو “حجة” من أجل الإفلات من العقاب.

ويوضح فرويز لـ”الناس دوت نت” أن المتهمين بقتل أبنائهم قد يعاني بعضهم من خلل نفسي ، لكن أيضا هناك من يدعي ذلك للهروب من القصاص، ويعد دور السلطات هو التحقق من صحة إدعاء المرض النفسي، مثل التقصي بسؤال الأقارب والجيران، وتوقيع الكشف الطبي للكشف عن الحالة النفسية للمتهمين، فضلا عن الاستعانة بالخبراء في الطب النفسي، ومطالبة المتهمين بتقديم “روشتات” طبية إذا كان يتلقى علاجا نفسيا قبل الحادث.

ويرجع خبير الطب النفسي سبب قتل الآباء أو الأمهات للأطفال إلى غياب التربية والثقافة والوعي الذي يعزز الضمير الإنساني والوازع الديني الذي يمكن أن يعزز ثقافة عدم ارتكاب الجرائم أو العدول عنها.

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى